اعتذار «الغارديان» وعقلية الإنكار
الحوثيون يؤكدون إفشال هجوم أميركي بريطاني على اليمن باستهداف حاملة الطائرات "يو إس إس هاري إس ترومان" إسرائيل تنفي مغادرة أي وفد لمفاوضات وقف إطلاق النار في غزة إلى القاهرة 10 جنود إيرانيين شباب لقوا حتفهم في حادث سقوط حافلة في واد غرب إيران سقوط نحو 300 قتيل في اشتباكات عنيفة بين قوات سورية الديمقراطية وفصائل مسلحة مدعومة من تركيا في محيط سد تشرين وزارة الصحة في غزة تكشف أن عدد ضحايا عدوان الاحتلال الإسرائيلي على القطاع ارتفع إلى 45,259 شهيداً و107,627 مصاباً من 7 أكتوبر 2023 تسجيل 76 حالة وفاة و768 إصابة جراء إعصار شيدو الذي ضرب مقاطعات "كابو" و"ديلغادو" و"نابولا" و"نياسا" في شمال موزمبيق زلزال متوسط بقوة 5.3 درجة غرب يضرب جنوب إفريقيا تكريم الفنان الكوميدي محمد الخياري في الدورة العاشرة لمهرجان ابن جرير للسينما وفاة الفنان المغربي القدير محمد الخلفي عن عمر يناهز 87 عامًا بعد معاناة طويلة مع المرض ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 45227 شهيد و107573 جريح منذ السابع من أكتوبر 2023
أخر الأخبار

اعتذار «الغارديان» وعقلية الإنكار

المغرب اليوم -

اعتذار «الغارديان» وعقلية الإنكار

بكر عويضة
بقلم - بكر عويضة

حين يقرر مخطئ الإقدام على الإقرار بارتكاب حماقة خطأ، فإنه يستجمع مخزون النفس من فطرة الخير، التي عليها فُطِر الخلق أجمعين، ومستنداً إليها يخوض مَنْ انتفض صوت الصواب الصامت داخله، المواجهة مع شر أضاع صوابه عندما تسلل إلى العروق منه. ربما يكون ذلك حصل في لحظات غفلة ضمير، أو خلال سنوات جهالة صبا العمر، أو زمن نزق جاهلية نزوات المراهقة، وربما خلال سنين غُرور مطالع الشباب، حين يتصيد الغَرور مكامن ضعف نفوس البشر، فيوقعها في شراكه. بالطبع، لن تحصل هكذا مواجهة بين المرء ونفسه، إلا في حال توفر صدق النيّات، وفيما عدا ذلك، فإنها لن تغادر مربع التدليس وخداع الناس، وهما سلوكان لن يستمرا بلا نهاية، فثمة حين سوف يأتي، إذا أزف الوقت، فتنكشف حقائق علاها غبار الأزمان، وحينئذ يتذكر من نسي، أو تناسى، القول الذي تردد منذ زمن بعيد، والذي خلاصته أنك قد تخادع بعض الغافلين بعضاً من وقت، لكنك لن تخدع كل الناس كل الأوقات.
ضمن السياق أعلاه، يجوز إدراج حدث مهم هز قبل أيام مجتمع الصحافة البريطانية، فبدا لمُعظم من تأمل الوقائع كأنه غير مسبوق، ربما لِعِظَم، أو جسامة مضمونه. ملخص الخبر هو إقرار ملاك صحيفة «الغارديان» بما تضمن تقرير بشأن وجود صلات بين شخص جون إدوارد تايلور، مؤسسها في مانشستر، وبين تجار رقيق آخرين، داخل بريطانيا وخارجها، خصوصاً في الولايات المتحدة. اليوم التالي لصدور ذلك التقرير، صدرت «الغارديان»، وقد تصدر صفحتها الأولى عنوان - أو «مانشيت» إذا شئت - يعلن لجمهورها، أولاً، وللملأ أجمعين، ثانياً، اعتذار ملاكها عن هكذا صلات لا تجمعها أي صلة بمنهج ليبرالي اشتهرت به الصحيفة محلياً، وكذلك عالمياً، عارض دائماً سياسات التمييز العنصري، وساند حركات تحرر في أنحاء مختلفة من أفريقيا وأميركا اللاتينية، وناهض أنظمة انتهجت الاستبداد في أنحاء مختلفة من العالم.
مضمون ما نشرته «الغارديان» في شأن ذلك التقرير يمكن إيجازه بأن ملاك الصحيفة - «Scott Trust» - أصدورا بيان اعتذار عما تضمنه تقرير أكاديمي مستقل بدأ إعداده عام 2020 بشأن الاستعباد، ونُشر يوم الثلاثاء 28 مارس (آذار) 2023، وكشف أن جون إدوارد تايلور، إضافة إلى تسعة على الأقل بين أحد عشر داعماً له في تأسيس الصحيفة عام 1821، كانت لهم صلات بتجارة الرقيق، تحديداً من خلال صناعة النسيج، واستيراد كميات قطن خام هائلة كانت من إنتاج عمال مستعبدين في الأميركتين. تبعاً لذلك، فإن «سكوت تراست» تتوقع استثمار ما يفوق عشرة ملايين جنيه إسترليني (12.3 مليون دولار أميركي- 18.4 مليون دولار أسترالي) وملايين إضافية، لصالح العائلات المتحدرة ممن كانت لهم علاقات بصحيفة «الغارديان» خلال القرن التاسع عشر.
في افتتاحية خُصصت لمناسبة مرور مائة عام على صدورها، ونُشرت في عددها الصادر يوم خامس مايو (أيار) 1921 وضع تشارلز بريستوِتش سكوت، رئيس تحريرها يومذاك، ملخصاً للمبدأ الذي سوف تعتمده الصحيفة، طوال اللاحق من سنواتها، تضمن التالي: «التعليق حر، لكن الحقائق مقدسة». هذه العبارة لم تزل حتى هذا اليوم تحتل مكانها، مع صورة تشارلز سكوت، في ترويسة صفحات «الغارديان» المخصصة للرأي.
وفق تعاملها مع مضمون تقرير كشف علاقات مؤسسيها الأوائل بتجارة الرقيق، واضح أن صحيفة «الغارديان» لم تخن ذلك المبدأ على الإطلاق. صحيح أن تعامل الصحيفة مع حدث معيّن قد لا يعجب كثيرين، وقد تختلف الآراء بشأن مدى حيادها إزاء أحداث معينة؛ خصوصاً عندما يقاس الحياد وفق هوى محدد، أو أجندة فريق ما، لكن الأرجح أن يجوز أيضاً القول إن مجرد الالتزام، ولو نسبياً، بمبدأ الإقرار بالخطأ، ثم امتلاك شجاعة الاعتذار عنه، هو إنجاز في حد ذاته. ضمن هذا السياق، ترى كم من جهة في العالم العربي، وكذلك الإسلامي، حان وقت إقرارها بما ارتكبت من أخطاء، ومن ثم الاعتذار لضحايا أخطائها التي ربما ترقى إلى مستوى خطايا، كما في القبول بسلوكيات يومية ليست تقل سوءاً عن تجارة الرقيق، مثل إعطاء ذوي البشرة السمراء صفة «عبيد»؟ نعم حدث هذا، ولم يزل يحدث، في عالم عربي يحلو لكثيرين في صالونات نخبه الثقافية تحديداً أن تنزهه عن أي عنصرية، رغم أنها تنضح بالكثير من أشكالها. أولئك أناس يعيشون بعقلية إنكار ما يجري حولهم واضحاً وضوح الشمس في منتصف النهار.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اعتذار «الغارديان» وعقلية الإنكار اعتذار «الغارديان» وعقلية الإنكار



GMT 22:27 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

تل أبيب ــ دمشق... سقوط الضمانات

GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 11:19 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
المغرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 10:20 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
المغرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 13:49 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الفنانة زينة تكشف عن مفاجأة جديدة في مشوارها الفني
المغرب اليوم - الفنانة زينة تكشف عن مفاجأة جديدة في مشوارها الفني

GMT 16:35 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

"هاكرز" يستولون على 17 مليون دولار في هذه الدولة

GMT 19:10 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النفط يتجه لخسارة أسبوعية 2% مع انحسار مخاوف الإمدادات

GMT 18:57 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

ارتفاع التضخم في منطقة اليورو 2.3% خلال نوفمبر

GMT 19:05 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

وول ستريت ترتفع في جلسة مختصرة بمستهل موسم التسوق

GMT 10:41 2022 الأحد ,02 تشرين الأول / أكتوبر

خضروات وزهور يمكن إضافتها إلى حديقة المنزل في الخريف

GMT 02:01 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

حوت أبيض يندمج مع سرب مِن الدلافين ذات الأنف الزجاجية

GMT 09:05 2022 الأحد ,25 كانون الأول / ديسمبر

النجمة اللبنانية رولا قادري تعود من جديد بأغنية "يا قلب"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib