صحوة فلسطينية مطلوبة

صحوة فلسطينية مطلوبة

المغرب اليوم -

صحوة فلسطينية مطلوبة

بكر عويضة
بكر عويضة

السبت الماضي أقدمت الرئاسة الفلسطينية في رام الله على خطوة في الاتجاه الصحيح تماماً، حين نأت بنفسها عن تصريح لمسؤول فلسطيني تضمن كلاماً قيل في أثناء حديث تلفزيوني، رأت فيه زعامة الفلسطينيين الشرعية، أنه كلام «لا يمثل فيه (المُتحدث) سوى نفسه، ولا يعبر عن الموقف الرسمي الفلسطيني، الذي لا يسمح بالمس بالدول والرموز السيادية العربية»، كما بثت وكالة الأنباء الفلسطينية «وفا». أبادر للتوضيح أنني أتجنب ذكر الاسم، لأن المسألة ليست في الشخصية بعينها، بل بما يمثل منهجاً يستند إلى مفردات خطاب سياسي تخشّب منذ زمن طويل. كما أتجنّب تسمية الدولة العربية الكبرى، لأنها في غنى عن الدفع عنها ما تضمنه كلام غير مسؤول صدر عن مسؤول فلسطيني، كان الأجدر به أن يكون أكثر وعياً بتأثير ما يقول. ولأن الأمر أبعد، وأكثر أهمية، من مجرد الاكتفاء بالرد على ما ورد في لقاء تلفزيوني، فإن المطلوب هو البناء على موقف الرئاسة الفلسطينية، بقصد الثبات عليه وتطويره.

البناء المطلوب، أو المأمول، هو أن تواصل زعامة الفلسطينيين الشرعية، عبر العمل الدؤوب، والممارسة الفعلية، تأكيد «الموقف الرسمي الفلسطيني، الذي لا يسمح بالمس بالدول والرموز السيادية العربية» -كما أورد البيان الرئاسي السبت الماضي. ما المقصود بأن تواصل التأكيد؟ هل ينبغي أن تُصدر الرئاسة الفلسطينية بياناً كل يوم بهذا الصدد، أم تحضّر رداً على كل قيادي يمس عبر كلامه، أو أفعاله، ذلك المبدأ؟ كلا. ليس هذا هو المقصود تحديداً، ولا هو المطلوب، ذلك أن متطلبات عدة باتت تواجه القيادة الفلسطينية، إذا أرادت ضمان الحد الأقصى من الانسجام مع متغيرات كثيرة طرأت على المشهد العالمي. واضح أن الصالح الفلسطيني العام، صار أشد احتياجاً الآن، أكثر من أي وقت مضى، لإحداث صحوة في تفكير الأجيال الفلسطينية الشابة، بقصد تنبيهها، وتطوير إدراكها، لحقيقة أن العالم حولها يتغير، وأنه لم يعد يدور حول ما يعنيها فحسب، وخصوصاً ما يعني قضيتها الفلسطينية تحديداً.


لماذا يتعين على الزعامات التاريخية للشعب الفلسطيني أن تتصدى لهذه المسؤولية، فتبدو كمن يضحّي بتراث تاريخ نضالي مرير وطويل، ويلقي به إلى خزائن التاريخ؟ مختصر الإجابة أن التضحية ذاتها هي السبب الأساس الذي يوجِب على القيادات المعروفة بثبات مواقفها، أن تتحمل مسؤولية توجيه أجيال الفلسطينيين الشابة نحو فهم ما يشهد العالم من متغيرات تمس حاضر هذه الأجيال، وتؤثر في تشكيل معالم مستقبلها. عندما يتحدث عن الواقع الجديد قيادي صاحب تجربة ضاربة في عمق جذور نضال الشعب الفلسطيني، وليس بوسع أحد مخالف لما سوف يطرح من جديد الرؤى المستقبلية أن ينكر ما قدّم من تضحيات، لأجل ضمان حقوق الفلسطينيين، منذ سنوات الشباب، وصولاً إلى خريف العمر، الأرجح أن الجيل الشاب سوف يستمع بعقل مفتوح، ولن يغدو من السهل على ذوي مواقف المزايدات معروفة التوجه، أن تبادر إلى توجيه سهام ليست تستهدف النَّيل من وطنية المتحدث فحسب، أو حتى الاكتفاء بمحاولات اغتيال الشخصية، ذلك أن الهدف الأساس لتلك الأصوات، كان دائماً، وسوف يظل، هو الحيلولة دون وصول أي وعي متطور إلى عقول شبان وشابات المستقبل الفلسطيني. الهمّ الأول والدائم، لمن يسعى جاهداً لإبقاء أجيال الفلسطينيين الشابة أسيرةَ عالمِ ما قبل انتهاء القرن الماضي، ينحصر في إذكاء أوهام لدى تلك الأجيال، إما بِسَوْق مزاعم ما يُسمى «جهاداً»، أو بقرع أجراس خوف مزعوم على الحقوق الفلسطينية.

قبل سبع سنوات -«الشرق الأوسط 2013/12/19»- كتبت مقالاً حمل العنوان التالي: «رؤية فلسطينية مستقبلية... متى؟!»، بدأته بالفقرة التالية: «في فيلم الخيال العلمي، أرض المفقودين (LAND OF THE LOST) يقول العالم ريك مارشال، بحزن، إنه جبان يخشى الجهر بنظريته العلمية، لكن الطالبة الذكية هولي كانترل تجيبه: كلا، لست جباناً، بل أنت صاحب رؤية. ثم تقنعه بأن يخوض معها مغامرة البحث عن أرض ضائعة وأقوام مفقودين، وبالفعل يتمكنان من ذلك رغم أهوال الصعاب وعشرات المقالب التي يتعرضان لها». تُرى، كم من الأعوام يجب أن تضيع على شبان وشابات فلسطين، بسبب التردد، أمام ترهيب بعض المزايدين، ومن ثم الخوف من الجهر برؤى تقوم على أن الغد الفلسطيني الأفضل يتطلب التحرر من قيود حسابات وموازين ماضٍ لم يعد قائماً؟ سؤال قديم يتجدد. المساحة لا تتسع. نواصل، ربما، في مقال أسبوع مقبل.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صحوة فلسطينية مطلوبة صحوة فلسطينية مطلوبة



GMT 22:27 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

تل أبيب ــ دمشق... سقوط الضمانات

GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 11:19 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
المغرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 10:20 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
المغرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 15:47 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

منح يحيى الفخراني جائزة إنجاز العمر من مهرجان الأفضل
المغرب اليوم - منح يحيى الفخراني جائزة إنجاز العمر من مهرجان الأفضل

GMT 16:06 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

منتجات لم يشفع لها الذكاء الاصطناعي في 2024

GMT 08:33 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

الطقس و الحالة الجوية في تيفلت
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib