بقلم : مشاري الذايدي
منظمة العفو الدولية، وأشباهها من المؤسسات، لاعبٌ سياسي أساسي، قبل حكايات حقوق الإنسان والمثاليات... وهذا لا يعني أن تلك التقارير لا ينطوي «بعضها» على حق، لكنه يمتزج بباطل كثير، من أباطيل السياسة وأدوات التطويع الغربية، تماماً مثل سلاح «المناخ والبيئة»، لكن تلك قصة أخرى.
في مشهد نادر مؤخراً، صدر تقرير من منظمة العفو الدولية يتهم الجيش الأوكراني بتعريض المدنيين للخطر في مقاومته للاجتباح الروسي، عبر نشر بنى تحتية عسكرية في مناطق مأهولة بالسكان.
هذه الإدانة النادرة، في خضم الهجوم الغربي الكاسح، إعلامياً وقانونياً وأخلاقياً، على الروس، أثار عجباً وتعجباً.
قبل إكمال الحديث هنا، فمن المؤكد أن الجيش الروسي والأجهزة الأمنية الروسية ليسا مثالاً يحتذى في الرحمة والرأفة من قبل ومن بعد! فمعلوم شراسة وتوحش الدب الروسي، نقول ذلك حتى لا يتبرع متبرع بالتذكير بهذا الأمر.
كتب دميتري بوبوف بـ«موسكوفسكي كومسوموليتس» متوقفاً عند هذه اللقطة النادرة، فقال، حسبما نشرت روسيا اليوم: «يمكن لهذه المنظمة أن تغير رأيها بسهولة تامة. وعليه، فمن غير المستبعد أن تضطر منظمة العفو الدولية الآن إلى الاعتراف بارتكاب «خطأ».
ويعيد بوبوف تذكيرنا بأمر مشابه جرى من قبل: «عندما اضطرت قناة تلفزيونية سويدية سريعاً إلى الاعتذار عن تقرير عرضت فيه فرحة سكان خيرسون بتلقيهم جوازات (وثائق جنسية) روسية».
إلى أن يصدق توقع المحلل الروسي، فقد أعلنت رئيسة فرع منظمة العفو الدولية في أوكرانيا أوكسانا بوكالتشوك، استقالتها بعد تقرير العفو الدولية الذي اتهم القوات المسلحة الأوكرانية بتعريض المدنيين للخطر. وقالت بوكالتشوك في بيان على صفحتها على فيسبوك: «التقرير الذي نُشر في الرابع من أغسطس (آب) خدم عن غير قصد «الدعاية الإعلامية الروسية»، معلنة أن موقفها الاحتجاجي هذا تعبير عن موقفها «الوطني» الصريح في اصطفافه مع البلاد، على طريقة: وهل أنا إلا من غزية إن غَوتْ/ غَوِيتُ وإن ترشد غزية أرشدِ!
لا بأس... ولسنا نجادل السيدة الأوكرانية في غضبها على المنظمة التي تعمل بها، حتى إن حاولت التعذير لهم بأنه موقف غير مقصود، نحن نريد التذكير فقط بأن مواقف هذه المنظمات والمؤسسات، ليست نصاً مقدساً ولا ضميراً بريئاً... ترأس منظمة العفو الدولية حالياً الفرنسية أغنييس كالامار، وهي المعروفة بصولاتها وجولاتها ضد الدول العربية، خصوصاً السعودية ومصر والإمارات، والمستفيد من مواقفها أعداء تلك الدول.
لعل الغضب الأوكراني اليوم على السيدة كالامار وعفوها الدولي، يثلم ثلماً كبيراً في قدسية هذه المنظمات لدى المستشهدين بها.