بقلم - مشاري الذايدي
كتب المحلّل السياسي لشبكة «بي بي سي» البريطانية، جيريمي بوين، أن الهجمات المتبادلة بين إيران وإسرائيل، بصفة مباشرة، من دون وكلاء، هي: «المرّة الأولى منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية عام 1979 التي تشنُّ فيها إيران ضربةً مباشرةً من أراضيها على إسرائيل».
عدَّ بوين أنه حتى لو تعهّدت طهران وتلّ أبيب بأن هذه هي المرة الأولى، والأخيرة، للاشتباك المباشر من دون وسطاء، أو عمليات تحت الأرض، من نوع حروب الظل والاستخبارات والعمليات الخاصة... حتى لو كانت هذه هي نهاية المرحلة الحالية من الأزمة، فقد جرى، كما قال تقرير «بي بي سي» التحليلي تسجيل «سوابق لم تحدث من قبل».
واستخلص أخونا، محلّل «بي بي سي» البريطانية، أن إيران وإسرائيل في هذه المواجهات المباشرة أظهرتا أنَّهما: «لا تجيدان قراءة نيات بعضهما البعض، رغم كل الهوس بمراقبة كل طرف للآخر». وعليه فقد: «خرجت الحرب السرية الطويلة بين البلدين من الظل».
ترجمة الكلام البريطاني هذا، هو إنه:
يا نظام إيران... ويا دولة إسرائيل، ألم يكن الأمر طيلة العقود الماضية فعّالاً و«شغّالاً» على أحسن وجه، من خلال أداء الحرب بطريقة لبس القفازات، وتكليف الأدوات بها، من حشد عراقي وحوثي يمني وحزب الله لبناني، من دون الحاجة لتلويث اليدين بعراك ولكمات مباشرة!؟
هذا بالنسبة إلى إيران، وبالنسبة إلى إسرائيل، ألم تكن العمليات السرّية، من دون اعترافٍ رسمي بها من طرف إسرائيل الرسمية، كافية في إدارة الحكاية في الشرق الأوسط.
والمعنى الأعمق من هذا هو أن هناك «تفاهمات» غير مكتوبة بين الغرب من جهة، بقيادة أميركا، وإيران الثورية الخمينية من جهة أخرى، بملعب معيّن، حلبته هي الديار العربية في الغالب (العراق، سوريا، لبنان اليمن... إلخ) وعدم نقل الحرب إلى أرض أي من إيران وإسرائيل مباشرة، حتى لو نفّذ «موساد» إسرائيل وغيره من الأجهزة عمليات خاصة داخل إيران أو سوريا، لكن من دون اعترافٍ «رسمي» بها... «يمشي الحال»!
في صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية، كتبت المحلّلة الإسرائيلية كوكي شويبر إيسان مفسّرة لماذا غيّرت بعض الدول الغربية والعربية موقفها الحادّ تجاه إسرائيل - تقصد حكومة نتنياهو - بعد الهجمات الإيرانية الصاروخية و«المسيّراتية» الاستعراضية!؟
في زعمها أن تلك «الدول التي ساعدت إسرائيل فعلت هذا حتى لا تضطر إلى مواجهة العدو وجهاً لوجه في منطقة قتال حقيقية. هذه المهمة (القذرة) كانت مُخصّصة لإسرائيل فقط».
من يراقب جوهر سياسة بايدن الأميركية ومن معه من الغرب، يراها تكمن في:
كفى إلى هنا، والصلح خير، وارجعوا إلى اللعبة القديمة الممتعة، على ملاعب العرب ولاعبي العرب... فهل تجدي نصائح العمّ بايدن مع الحماسات المستجدّة لحرس الثورة الخمينية وحرس الدولة الإسرائيلية؟!