بقلم : مشاري الذايدي
هل ما جرى في البرّ الصيني بين الوفدين السعودي والإيراني مصالحة أو هدنة أو استكشاف نوايا؟
استيقظ العالم كلّه الأسبوع الماضي على خبر ضخم ونبأ عظيم، بخروج الصور الأولى للوفد السعودي برئاسة وزير الدولة عضو مجلس الوزراء مستشار الأمن الوطني، مساعد العيبان، مع نظيره الإيراني علي شمخاني الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، يتوسطهما وزير الخارجية الصيني بعد توقيع الاتفاق.
هذا الاتفاق الذي طافَ خبرُه زوايا العالم الأربع، كان رأسَ الاهتمام في الميديا الغربية، الأميركية منها بوجه خاص، فهل يعني هذا الاتفاق نهاية المواجهة التي طبعت منطقة الشرق الأوسط ووسمت جانبا من السياسة العالمية الأمنية منعكسة على كل شيء تقريباً، من الاقتصاد إلى السياسة مروراً بالإعلام والفنون؟
وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، أوضح أنَّ «الاتفاق على عودة العلاقات الدبلوماسية، لا يعني حلّ كل الخلافات بين الطرفين، لكنَّه يؤكد الرغبة المشتركة لدى الجانبين في حل الخلافات عبر الحوار».
هنا مربط الفرس كما يقال... الرغبة في الحلّ عبر الحوار، مما يعني أنَّ ما جرى هو بداية الحديث والتفاهم للوصول إلى حلّ شامل لهذه المواجهة التي بدأها النظام الإيراني منذ 1979، لحظة سيطرة الخميني وتياره على عرش إيران، ودعم تيارات الإسلام السياسي السنّي... والشيعي طبعاً، لخلق المشكلات في العالم العربي.
يرى البعض أنَّ الضامن الصيني هو نقطة الثقة الأساسية بهذا الاتفاق الوليد، فالصين الجديدة كما كتبت، إيمي هوكينز، كبيرة مراسلي «الغارديان» البريطانية حول الصين، تؤسس لفكرة الانطلاق الصيني إلى الساحة العالمية. مشيرة إلى أن الدبلوماسيين الصينيين كانوا يعملون بجد في الدوائر السياسية في الشرق الأوسط لأسابيع لتأمين الاتفاق، كما أن الرئيس الصيني جينبينغ نفسه سيزور إيران قريباً.
لماذا الصين مهتمة بإصلاح العلاقات بين الرياض وطهران لهذه الدرجة؟
الصين مهتمة بالاستقرار في المنطقة، لأسباب متنوعة، من أهمها أنَّ المنطقة مسؤولة عن نحو نصف حاجاتها من النفط... وغير ذلك من الأسباب.
كيف يقاس نجاح هذا الاتفاق من عدمه؟
لا شك أنَّ المسؤولين في السعودية، وضعوا المعايير الواضحة لقياس نجاعة ما جرى في بكين، وعلى أساس هذه المعايير تتخذ الخطوات المقبلة، مثلا: الساحة اليمنية ربما تكون المعيار الأقرب والأوضح للتعرف على جدّية الطرف الإيراني في خلق مناخ صحّي مع السعودية وبقية العرب. يكون ذلك من خلال التوقف عن تمويل وتدريب الميليشيات الحوثية لاستهداف السعودية والدولة اليمنية كلها.
الحال، إنَّ السعودية - ليس من اليوم - وهي تسعى لمحاولة صنع صيغة ما للتواصل والتفاهم مع الجار الإيراني الشرقي، فإن المهم هو أمن واستقرار الشرق الأوسط وبحاره ومعابره، أما «صيغة ولون» النظام الحاكم في إيران، فهذا شأن الإيرانيين أنفسهم، وليس لدى السعوديين ترف الوقت للفرجة على عبث وألاعيب واشنطن، وبقية العواصم الغربية في هذا الخصوص.