التاريخ ليس مِلكاً للراوية

التاريخ ليس مِلكاً للراوية

المغرب اليوم -

التاريخ ليس مِلكاً للراوية

مشاري الذايدي
بقلم - مشاري الذايدي

هل التاريخ نص حجري جامد؟ هل هو واقعة مغلقة المسامات وموصدة الأبواب أمام زوار العقل والتأمل والبحث عن طبقات خفية فيه وزوايا مهملة؟

نقرأ دوماً عبارة «التاريخ كتاب مفتوح»، لكن بعضنا لا يسبر أغوار هذه العبارة الخطيرة المثيرة.

كل مرة نقوم فيها بزيارة التاريخ نخرج منه بانطباع جديد وتفرسات ناشئة غضة الإهاب.

إن الباحث المجد، الشغوف، يصنع كل مرة لوحته الخاصة من الفصل التاريخي المقصود بالزيارة، كما هو مفهوم عبارة الفيلسوف الفرنسي (بول ريكور) التي نقلها ونقل أمثالها (حسام شاشية) الباحث التونسي الرصين المتخصص في المسألة الموريسكية من التاريخ الإسباني وشمال أفريقيا.

لفتتني أيضاً هذه الكبسولة العميقة الأثر المجسدة في هذه العبارة: «المؤرخ لا يدرك أبداً أكثر من قطعة ضئيلة في نسيج أحداث من كل شكل ولون». مارك بلوخ، (كتابه دفاعاً عن التاريخ أو مهنة المؤرخ)، ترجمة أحمد الشيخ.

مما يغذي باستمرار تجدد «اللوحات» التاريخية، تجدد الكشف عن وثائق جديدة على شكل نقوش أو وثائق مكتوبة أو مذكرات أو تقارير.

هذا من جهة، ومن جهة أخرى، تطور مناهج البحث التاريخي المقارن وفحص المحركات العميقة للمجتمعات والسياسات بعيداً عن الشعارات الظاهرة والأغطية المسدلة.

انظر إلى الثورة الفرنسية التي تقترب من طي قرنين ونصف على اندلاعها، وانظر وفرة الروايات والمقاربات وبالتالي «التواريخ» عنها، وهو حدث واحد، لكن زياراته متعددة الوجوه!

قل مثل ذلك عن الثورتين الروسية والصينية، بعيداً عن روايات الرفاق الحمر، وحتى من خلال رواياتهم، ثمة تعدد وتركيب وتنوع.

إذا سافرنا أكثر في رحلة الزمن، فهل «انقلاب» العباسيين على الأمويين، أو ثورتهم كما يروق لآخرين وصفها، ثورة هاشمية على بني أمية فقط، أو ثورة أعجمية على العرب، أو ثمة بواعث اقتصادية وغير اقتصادية فيها، يكتشفها «المنقب» التاريخي الصبور؟!

عطفاً على ما مضى، وغيره، فهل تاريخ الجزيرة العربية في القرون الـ3 الماضية استثناء من ذلك؟

من قال إننا يجب أن نظل «أسرى» لرواية واحدة وإنْ تكررت، كرواية المؤرخَين: ابن غنام وابن بشر، عن تاريخ الدولة السعودية الأولى أو الثانية؟!

أين روايات الساسة وقادة الجيوش وزعماء المجتمع، ناهيك من عامة الناس من الأذكياء؟!

ناهيك من روايات الأجانب، والأخيرة لحسن حظنا محفوظ منها كثير، من الذي يخالف أو يثري الروايات المخلية للمشايخ و«المطاوعة».

تاريخنا السعودي أثرى بكثير من حصره في سرديات ابن غنام وابن بشر، على أهمية ما كتباه.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التاريخ ليس مِلكاً للراوية التاريخ ليس مِلكاً للراوية



GMT 16:02 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

إيران ماذا ستفعل بـ«حزب الله»؟

GMT 15:59 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

أنطونيو غرامشي... قوة الثقافة المتجددة

GMT 15:57 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

الجامد والسائح... في حكاية الحاج أبي صالح

GMT 15:52 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

الفرق بين المقاومة والمغامرة

GMT 15:49 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

أشياء منى حلمى

نجمات العالم يتألقن بإطلالات جذّابة بأسبوع الموضة في باريس

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 19:02 2024 الأربعاء ,11 أيلول / سبتمبر

مبابي في قلب حرب باردة داخل المنتخب الفرنسي

GMT 19:59 2024 السبت ,14 أيلول / سبتمبر

ميسي يعود للملاعب بعد غياب شهرين للإصابة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib