رسمياً، يُعدّ تنظيم «داعش» مهزوماً منذ 2017 في العراق ثم سوريا، لكن فعلياً فإنَّ التنظيم ظلّ نشطاً على شكل جيوب في البادية العراقية وشقيقتها السورية، فضلاً عن العمليات الخارجية. غير أنَّ أخطر صورتين لفاعلية التنظيم وديمومته، هما:
أولاً: الدعايات والأفكار التي ما زالت تملك جاذبيتها، خصوصاً في أوساط المراهقين أو الضعفاء، علمياً أو نفسياً.
ثانياً: بؤر تنظيمية هنا وهناك لإعادة تفعيل التنظيم، أو «الدولة» على الملأ من جديد، رغم - أو بفضل - الأحداث والتطورات الجديدة.
بالنسبة للمظهر الأخير، فقد أعلنت النيابة الكويتية العامة - قبل أيام ليس قبل أشهر!- عن شبكة داعشية داخل الكويت من مواطنين، واثنين من جنسية خليجية لتنفيذ عمليات داعشية، وتسهيل سفر الدواعش إلى بؤر «داعش».
قال بيان النيابة الكويتية إنَّ المتهمين: «دخلوا البلاد لهذا الغرض وسعوا في مراقبة دور العبادة الخاصة بالطائفة الشيعية، واستطلاع أوضاعها الأمنية، وحصر أعداد المصلين فيها، وتعلموا صناعة المتفجرات بغرض استخدامها في تلك العمليات».
بالعودة إلى مسرد زمني عقب سقوط خلافة «داعش» الرسمي في الموصل والرقّة، نجد، على سبيل المثال التالي:
سبتمبر (أيلول) 2019: شهد مخيمّ الهول بالحسكة السورية، أعمال شغب واشتباكات بين «قوات أسايش المرأة»، التابعة للقوات الكردية، و«الحسبة النسائية» التابعة لتنظيم «داعش».
أغسطس (آب) 2023: «داعش» سيطر على بلدة في ريف الرقّة، ثم انسحب بعد ساعات.
بالعام نفسه «داعش» شنّ 105 عمليات هجومية في البادية السورية.
ديسمبر (كانون الأول) 2023: قوات سوريا الديمقراطية «قسد»، قتلت الملقب «أبو عبيدة العراقي»، وهو «أمير» مخيم الهول.
وهذا العام 2024 قبل أيام، تشهد مخيمات «داعش» في مناطق سيطرة القوات الكردية بسوريا شغباً وتمرداً تمهيداً لأمر ما!
هذا فيما يخصّ الصورة الثانية من فاعلية «داعش»، أي النشاط العسكري والأمني والتنظيمي، كما في سوريا والكويت مثلاً.
الصورة الثانية لنشاط «داعش»، هي بثّ الدعايات والثقافات الداعشية، في منابر السوشيال ميديا، مثلاً «تيك توك» و«تلغرام»، وغيرهما، وهناك يا صديقي، تجد الفطريات الداعشية الثقافية تتفشّى على حوافّ العقول الغضّة، والنفوس الهشّة التي لا يعصمها ركنٌ وثيق من الوعي، ولا تملك عمراً وخبرة، خصوصاً عن فجائع «داعش» وقبائحه.
هناك، يجد القنّاص الداعشي بغيتَه من فراخ تقع في مصيدته بأيسر السُّبل، وصنّاع الوعي والإعلام لاهون غافلون في أفراحهم الوهمية يعمهون.
حيث يجد صنّاع الإعلام الجديد، أو غالبيتهم، ومَن يوافقهم من كسالى العقول من الكبار، أنَّ الحديث عن «داعش» و«القاعدة» و«الإخوان» و«السرورية» دقّة قديمة!
يفرح بذلك مَن يريد تفعيل «داعش»، عن بعد، من شياطين الشرق والغرب من عجم وروم وعرب.