لا تسل عن الحقيقة المهم هو «الترند»

لا تسل عن الحقيقة... المهم هو «الترند»

المغرب اليوم -

لا تسل عن الحقيقة المهم هو «الترند»

مشاري الذايدي
بقلم - مشاري الذايدي

الحقيقة كما يُقال هي أولَى ضحايا الحروب، هذا كانَ يقال قديماً حين كانت وسائل التضليل ومنصات البروباغندا بدائية، غاية ما تخيف به العدو، وتشحذ همَّة الولي القريب، هي قصيدة شاعر، وخطبة ناثر، وربما حفنة من الإشاعات ينقلها أفراد في مجالس القرية أو جوامع المدينة.

اليوم ومع انفجار الحروب السيبرانية، والميزانيات الهائلة التي ترصدها الدول لهذا النوع من الحروب، يصبح ذبحُ الحقيقة تحصيلَ حاصل، وصنع حقيقة بديلة، أو بعبارة ثانية التنافس على أي سردية تسود لتفسير وتوجيه هذا الحدث أو ذاك، لصالح هذا الطرف أو ذاك.

هنا يصبح السؤال لدى محركي المجتمعات، وأهم محرك هو الدولة عبر أجهزتها الصلبة الظاهرة والخفية: ما هي الحقيقة أصلاً؟ هل المهم هي الحقيقة بذاتها أو ما يقتنع به العموم؟

نقترب أكثر من لغة اليوم:

فيديو ملتقط لشخص ما، أو مقطع مجتزأ من مقابلة مع شخص ما، يشاء حظه الأغبر أن تصطاده سنارة السوشيال ميديا ويصبح «ترنداً» يتهافت على متابعته والتعليق عليه المعني وغير المعني، و«زعيط ومعيط ونطاط الحيط»، كما يقال بالدارجة، ليجد صاحب القرار الرسمي نفسه ملزماً باتخاذ موقف لتسكين الناس.

كان الساسة منذ القديم يخشون تحرك وحشَ العامة، وديدنهم هو إبقاء العوام بعيداً عن استخدامهم وقوداً في موقد السياسة من طرف داخلي أو خارجي.

ثمة عبارات قاسية من شتى الثقافات في ذم العوام وثقافتهم المدمرة، مثلما ينسب لعلي بن أبي طالب، وقيل لغيره، أنه رأى البعض وهم محتشدون، فقال قبَّح الله هذه الوجوه ما اجتمعت إلا على شرّ وما افترقت إلا إلى خير، وذاك أن كل صاحب مهنة ينصرف إلى مهنته فينتفع الناس!

ربما رأى البعض أن في هذه المواقف فوقية ونرجسية (لذلك نرى بعض المثقفين الشعوبيين العرب يسارع إلى مغازلة جمهور السوشيال ميديا العوام بدعوى انحيازه لصوت الناس البسطاء!).

الواقع يقول إن الناس البسطاء هؤلاء وقفوا بالمرصاد ضد العلم والعلماء والأدب والأدباء والإبداع والمبدعين عبر التاريخ... فمن باشر إحراق العلماء والمخترعين والفلاسفة وسجنهم ومطاردتهم إلا العوام بأمر من حراس التخلف من ساسة ورجال دين.

حاصل القول، إنه وفي ظل الاحتراب العالمي الشامل بين الغرب والشرق. الصين وروسيا ومن معهما من جهة، وأميركا وأوروبا ومن معهما، فإنَّ معرفة الحقيقة، مهمة صعبة جداً، مع تسونامي التضليل الممنهج الذي ينطلي أحياناً على الكبار ومن لديهم أثارة من عقل، فما بالك بالمراهقين و«العوام»؟!

صانَ الله عقولَنا وحفظ لنا ألبابَنا وبلادَنا في غمرة حفلة الكذب العالمي السائدة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا تسل عن الحقيقة المهم هو «الترند» لا تسل عن الحقيقة المهم هو «الترند»



GMT 16:02 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

إيران ماذا ستفعل بـ«حزب الله»؟

GMT 15:59 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

أنطونيو غرامشي... قوة الثقافة المتجددة

GMT 15:57 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

الجامد والسائح... في حكاية الحاج أبي صالح

GMT 15:52 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

الفرق بين المقاومة والمغامرة

GMT 15:49 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

أشياء منى حلمى

نجمات العالم يتألقن بإطلالات جذّابة بأسبوع الموضة في باريس

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 09:44 2022 الثلاثاء ,05 تموز / يوليو

ملك البحرين يتلقى برقية من رئيس جمهورية الفلبين

GMT 21:14 2019 الجمعة ,06 أيلول / سبتمبر

تجنب اتخاذ القرارات المصيرية أو الحاسمة

GMT 19:13 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مقتل فتاة على يد شخص أربعيني في مدينة أغادير

GMT 05:50 2018 الأربعاء ,12 أيلول / سبتمبر

كيندال جينر تتألق بفستان جذاب باللون الأبيض

GMT 08:06 2018 الخميس ,06 أيلول / سبتمبر

"ليستر " تكشف عن أسرع سيارة للدفع الرباعي

GMT 12:11 2017 الثلاثاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

مقتل عبد الله صالح على يد الحوثيين يشعل الغضب في اليمن

GMT 14:52 2017 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

الرجاء تألق عالميًا قبل مجيء بودريقة

GMT 00:32 2017 الإثنين ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الدكتور مجدي حمدان يقدم 3 خطوات أساسية لتغيير الذات

GMT 12:07 2016 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

الفأر الجبلي يستطيع مضغ لوح خشبي بكُبر علبة الكوكاكولا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib