الصين والعرب زمن رياح الشرق الحكيمة
ثوران بركاني جديد في أيسلندا يهدد منتجع بلو لاجون الشهير الحكومة الإسبانية تفرض غرامة تصل لـ179 مليون يورو على 5 شركات طيران بسبب ممارسات تعسفية السلطات الأمنية في بريطانيا تُخلي أجزاء كبيرة من مطار جاتويك جنوبي لندن لأسباب أمنية وزارة الصحة في غزة تُناشد المؤسسات الدولية والإنسانية بتوفير الحماية للمستشفيات والكوادر الصحية في القطاع إصابة 6 كوادر طبية وأضرار مادية جراء هجوم إسرائيلي على مستشفى كمال عدوان شمال قطاع غزة مقتل 10 أشخاص فى هجوم على مزار فى ولاية بغلان شمال شرق أفغانستان الشرطة البريطانية تُغلق السفارة الأميركية فى لندن بعد انفجار طرد مشبوه عثر عليه بالمنطقة الجيش الإسرائيلي يُصدر أمراً بإخلاء 3 قرى في جنوب لبنان وانتقال السكان إلى شمال نهر الأولى الشرطة البرازيلية تتهم بشكل رسمي الرئيس السابق اليميني جاير بولسونارو بالتخطيط لقلب نتيجة انتخابات 2022 بالتعاون مع مؤيديه المرصد السوري لحقوق الإنسان يُعلن ارتفاع عدد شهداء الغارة الإسرائيلية علي مدينة تدمر الي 92 شخصاً
أخر الأخبار

الصين والعرب... زمن رياح الشرق الحكيمة

المغرب اليوم -

الصين والعرب زمن رياح الشرق الحكيمة

إميل أمين
بقلم : إميل أمين

شيء ما في النفس الصينية يكاد يشابه الشخصية العربية، ربما المخزون والمكنون الحضاري، الذي يعود إلى آلاف عدة من السنين، هو مرد ذلك.
في مؤلفه العمدة «شخصية الصين – خصائص حضارة خمسة آلاف عام»، لمؤلفه البروفسور الصيني الشهير ياو دان، وعبر قراءة معمّقة، نجد هناك تشابهاً يكاد يكون تطابقاً بين الشخصية العربية والشخصية الصينية، وهو أمر يدركه تمام الإدراك علماء الأنثروبولوجيا، سيما على صعيد النسق الأخلاقي والقيمي.
يمكن القطع بأن هناك صداقة تتجاوز حدود الزمان والمكان، بين العرب والصينيين، على الرغم من آلاف الأميال التي تفصلهما، غير أن الجانبين تعارفا منذ قرون غابرة، وربطهما القدر دوماً بوشائج قوية من العلاقات.
تأتي زيارة الرئيس الصيني شي جينبينغ، للمملكة العربية السعودية، وعقد ثلاث قمم تاريخية، قبل نهاية عام ميلادي، فيه يبدو مشهد العالم قلقاً حائراً ومضطرباً، وسط معالم جيوسياسية ضبابية، ومهددات تبدأ من عند الأوضاع الاقتصادية المقلقة في العام المقبل، وتمر بحرب مفتوحة تكاد تهدد سلام العالم بمواجهة كونية، عطفاً على إرهاصات عودة فيروسات وأوبئة بشكل أو بآخر، وفي حين القديم يتوارى والجديد غير قادر على الانبثاق من وسط العالم، تبدو المخاطر مخيفة حقاً.
أنفع وأرفع ما فعلته الدبلوماسية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وفي ضوء «الرؤية التنويرية 2030» التي يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، هو أنها فتحت باباً في جدار الزمان والمكان على الصين، قادراً على التفاعل مع نوازل العصر، وتغيرات وتقلبات الأزمنة المعاصرة.
ولعل حبراً كثيراً سوف يسيل في تحديد المشهد السياسي العربي – الصيني، وهو ما شاركنا فيه من قبل، ولا نزال، غير أنه من المهم بمكان التوقف عند بعض اللمسات الشخصانية والنفسانية، للتشابه العربي الصيني على صعيد المبادئ والمفاهيم؛ لما في ذلك من أهمية في تحديد مسارات التعاون الخلاق بين الجانبين في قادم الأيام.
بالعودة إلى الرؤى الكونفوشيوسية المؤسسة للفكر الصيني، نجد حزمة من المبادئ والجذور الروحية التي تحث على احترام الحاكم أو ولي الأمر، والإخلاص له وبخاصة إذا كان راعياً صالحاً يقوم على شأن رعيته، وسنجد رؤية لاحترام طبقات المجتمع وتراتبيته، وتمجيد الأخلاق والحث على العمل المشترك للوصول إلى مجتمع الكفاية، وغيرها من المبادئ التي نادت بها الأديان جميعاً.
في عمق الحضارة الروحية الصينية، نكاد نجد رجع صدى لا يتأخر ولا يتلكأ للكثير من المفاهيم الإسلامية، فعلى سبيل المثال يبدو مبدأ «الكارما»، البوذي الذي يدعو للعمل الصالح، من منطلق أن الإنسان سيلاقي جزاء ما اقترفت يداه إن خيراً فخير، وإن شراً فشر، متطابقاً مع الآيتين القرآنيتين الكريمتين «فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ».
عطفاً على ذلك، تكاد النظرة البوذية لفكرة الألم والمعاناة في الحياة، والسعي في طريق التطور، وطلب العيش بكرامة وشرف، مع ما يرافق ذلك من مشقة ومعاناة، يشابه الرؤية القرآنية «لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي كَبَدٍ».
يضيق المسطح المتاح للكتابة عن إجراء مقاربات ذات أبعاد فلسفية وحضارية، وفي نهايتها يمكن للقارئ أن يصل إلى رؤية أكدتها بالفعل وزارة الخارجية الصينية، قبل زيارة الرئيس شي الأخيرة للمملكة، وهي أن الصين وإن بعدت بها المسافات المكانية، إلا أنها قريبة جداً من الروح والذات العربية أخلاقياً وفكرياً؛ الأمر الذي يعني أن العلاقات العربية – الصينية، مرشحة للتفاعل العملياتي، ولكن بروح إنسانوية، تتجاوز البراغماتية قصيرة النظر، والسعي المغرق في النيوليبرالية والرأسمالية المنفلتة، والتي يعاني العالم برمته من تبعاتها في حاضرات أيامنا.
تبدو المملكة قابضة على جمر الإرادة العربية بقوة، وعازمة على رسم صورة مختلفة للعالم العربي على خريطة العلاقات الدولية في السنوات المقبلة، وهو أمر يحسب لها، في تجميع كلمة العرب ورؤاهم في عالم لا يتفهم سوى فلسفة القوة، والتي تتسنمها قوة الموقف الموحد؛ ما يعني أن الرياض وبالشراكة مع العواصم العربية الشقيقة، تمضي وفقاً لأجندة تعرف كيف تساهم في نظام عالمي مستقطب جديد، تجاوز زمن القطبية الثنائية الضيقة، إلى أفق متعدد الأقطاب، وبغض النظر عن رغبات أي أطراف دولية ألفت احتكار مفاهيم القوة والسيطرة على مقدرات العالم.
قمم الرياض نقطة تحول مصيرية في علاقات العرب بالصينيين، تلك التي بدأت عام 1956، من خلال مصر التي فعلت أول علاقات دبلوماسية رسمية، ثم لم تلبث حالة الحوار الثنائية بين الجانبين العربي والصيني، أن تحولت إلى آلية تعاون متعدد الأطراف، ومن منتدى التعاون الصيني - العربي، إلى معرض الصين والدول العربية.
وقد كان عام 2018 على نحو خاص، منطلقاً جديداً؛ إذ اتفقت الصين والدول العربية على إقامة شراكة استراتيجية صينية – عربية موجهة نحو المستقبل للتعاون الشامل والتنمية المشتركة.
والشاهد، أن الصين بدورها تتابع صعود القوة العربية الشاملة، بمقدرات العرب عبر العناصر الأربعة التي لخصها مستشار الأمن القومي، زيجينو بريجنسكي (1928 - 2017)، في العوامل الجغرافية والموارد الطبيعية، والقوى العسكرية، عطفاً على القدرات البشرية؛ ولهذا تبدو راغبة في إحداث شراكة صينية – عربية مستقبلية غير مسبوقة، وبخاصة عبر تفعيل مقدرات طريق الحرير القديم، من خلال مبادرة «الحزام والطريق».
تهب رياح الشرق الصينية على العالم العربي بتكتلاته المكانية من منطقة الخليج العربي، إلى دول شمال شرقي أفريقيا، وبجناحيه الأفريقي والآسيوي؛ لتفتح مسارات للتعاون الآني المهم والحساس، لا سيما في مجالات الطاقة، قضية العصر، وأزمة كل مصر، بجانب نقل التكنولوجيا الفائقة، ونشوء وارتقاء صناعات ابتكارية تتسق وعصر ما بعد الريع النفطي التقليدي.
تبدو الصين واعدة ولديها رؤية للمنطقة عبر أكثر من مرتكز، ضمنتها مبادرتها للسلام الصيني للشرق الأوسط، وهذه تحتاج إلى قراءة قائمة بذاتها، عسى أن تكون عاملاً مساعداً لتجاوز المنطقة أزماتها.
يقول المثل الصيني «نسير فرادى أسرع ومع بعضنا لمسافة أبعد».
أهلاً بزمن رياح الشرق الحكيمة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الصين والعرب زمن رياح الشرق الحكيمة الصين والعرب زمن رياح الشرق الحكيمة



GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

GMT 17:27 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب الثاني

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 22:23 2024 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل مباحثات عباس وبوتين لوجود فلسطين في البريكس

GMT 05:47 2023 الثلاثاء ,11 إبريل / نيسان

أول مواطن تركي يسافر إلى محطة الفضاء الدولية

GMT 14:44 2022 الإثنين ,12 كانون الأول / ديسمبر

 المؤشر نيكي يهبط 0.57% في بداية التعامل بطوكيو

GMT 10:31 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

الاتجاهات في عام 2018 تحمل التكنولوجيا إلى مناطق مخيفة

GMT 05:02 2017 الجمعة ,28 إبريل / نيسان

رباه..إنهم يلقنون فرنسا الديمقراطية !!!

GMT 00:32 2017 الثلاثاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

عمرو موسي يتصدر الأكثر مبيعًا بـكتابيه

GMT 21:19 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

النقد الدولي يخفض توقعاته لنمو الصين لـ4.8%

GMT 16:24 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

كيفية إنشاء أحداث خاصة في تطبيق واتساب

GMT 20:46 2023 الخميس ,14 كانون الأول / ديسمبر

الحكومة المغربية تُصادق على إحصاء السكان

GMT 11:04 2023 الخميس ,14 كانون الأول / ديسمبر

صافرات الإنذار تدوي في مستوطنات غلاف غزة

GMT 21:58 2023 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

أنشيلوتي يعنف نجم هجوم ريال مدريد عقب لقاء فالنسيا

GMT 11:58 2023 الأحد ,08 تشرين الأول / أكتوبر

نور الغندور تتألّق بأزياء ملفتة ومميزة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib