بايدن خطاب اتحاد أم انتخاب

بايدن... خطاب اتحاد أم انتخاب؟

المغرب اليوم -

بايدن خطاب اتحاد أم انتخاب

إميل أمين
بقلم - إميل أمين

ربما يكون من المبكر قياس ردات فعل الأميركيين، على خطاب حالة الاتحاد الذي ألقاه الرئيس بايدن عشية الخميس المنصرم، غير أن التساؤل الأولي الذي راج عقب انتهاء كلمته: «هل كان هذا خطاباً لتبيان حالة الاتحاد، أم خطاباً انتخابياً ضمن حملة تستهدف البقاء في البيت الأبيض لأربع سنوات أخرى؟

في الأيام المقبلة، سوف نعلم هل تغيرت وجهات نظر الأميركيين في أوضاع ساكن البيت الأبيض، والذي زلّ لسانه من جديد حين وصف أسعار الدواء في روسيا بأنها أرخص مما في أميركا، وهو وضع قد يكون صحيحاً رغم نوايا بايدن إظهار العكس؟

عشية الخطاب كانت استطلاعات الرأي تذهب إلى أن 6 من كل 10 أميركيين، أي أكثر من النصف، يشككون في القدرات الذهنية للرئيس بايدن، وهي نسبة متصاعدة ففي شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، كان 5 من كل 10 يتخذون موقفاً سلبياً منه.

علامة الاستفهام هنا، وبعد خطاب افتقد كثيراً إلى الكياسة السياسية من جانب الجمهوريين نواباً وشيوخاً، عطفاً على الضيوف: «هل نجا بايدن من فخ الجمهوريين أم أنه سقط فيه؟».

المؤكد أن الرجل شخصن الخطاب في مواجهة منافسيه، والمدهش أنه كاد يساوي بين دونالد ترمب وفلاديمير بوتين.

اثنتا عشرة مرة يستحضر ترمب، مستخدماً لفظة «سلفي»، ومن دون أن يذكره بالتصريح، مهاجماً إياه وعاقداً المقاربات بينه وبين الرئيس الجمهوري السابق رونالد ريغان ومواقفه من الاتحاد السوفياتي في زمن غورباتشوف.

جرى العرف أن يكون خطاب حالة الاتحاد مناسبة وطنية، يظهر فيها سيد البيت الأبيض أوضاع الإمبراطورية الأميركية، وأن يترفع في تلك الدقائق عن الحزبية، مقدماً المصلحة الكلية للجمهورية، والخير العام لكل مواطنيها.

هنا يمكن القطع بأن بايدن قد أخفق في تقديم صورة الرئيس المتميز لعموم الأميركيين، عبر محاباة حزبية ديمقراطية، ربما أفضل مَن عبّر عنها رئيس مجلس النواب مايك جونسون، والذي رأى أن الرئيس لم يقدم أفضل ما عنده؛ إذ كان عاطفياً زيادة عن اللزوم.

لم يفد صراخ بايدن شعبيته، فقد رأى عدد من المحللين النفسيين أن الرجل حاول أن يداري أو يواري مخاوف عميقة تجتاحه، ولهذا ألزمه مستشاروه بالنص المكتوب وألا يخرج بعيداً عنه أبداً.

هل كان الخطاب تصالحياً تسامحياً مع بقية أرجاء المسكونة، حيث كان عليه أن يظهر ملامح سياسة بلاده الخارجية؟

مؤكداً أن النزعة الفوقية الأميركية لم تغادر سطور الخطاب تجاه روسيا أول الأمر، حيث أظهر مكنونات صدره مباشره بحديثه المباشر للقيصر بوتين: «نحن لن نبتعد عن أوكرانيا... أنا لن أنحني».

يكاد يكون بايدن قد أعطى بوتين الواقف على باب رئاسة جديدة، ورقة ضمان لفوزه بعد إظهار النوايا الأميركية تجاه روسيا الاتحادية من جديد، لا سيما مناشدته للكونغرس تيسير جريان الأموال المقدمة لحكومة زيلينسكي والتي تبلغ قرابة الستين مليار دولار، ما يعني صب المزيد من الزيت على نيران مشتعلة منذ عامين.

المشهد الأميركي من الصين، بدا فوقياً إمبريالياً أميركياً تقليدياً، فقد أقر الرئيس الثمانيني بأن واشنطن تقف ضد ممارسات الصين الاقتصادية غير العادلة على حد قوله، والدفاع عن السلام والاستقرار عبر مضيق تايوان، جازماً بأن واشنطن في وضع أقوى للفوز في أي منافسة ضد الصين أو أي دولة أخرى، ما يفيد بأن منطق «القرن الأميركي»، الذي وضع لبناته المحافظون الجدد في تسعينات القرن المنصرم، باقٍ ولم ينصرف، وضارب جذوره في رئاسات أميركا، ديمقراطية كانت أو جمهورية.

إحدى النقاط المثيرة للغاية التي أعلنها بايدن في خطابه، تلك الموصولة بفكرة الرصيف العسكري المؤقت للجيش الأميركي على ساحل غزة، بهدف استقبال السفن الكبيرة التي تحمل الغذاء والماء والدواء.

هذا الطرح يغلّفه الغموض، رغم ملامحه الإنسانية، لا سيما أنه يعطي واشنطن موطئ قدم عسكرياً على ساحل غزة عند البحر الأبيض المتوسط، وبصورة أو بأخرى، هو انتشار لوجيستي أميركي يمكن أن يمثل دعماً لإسرائيل، بل هو كذلك بالفعل في الحال والاستقبال، وحال النظر إلى التصعيد الجديد ضد «حماس»، تبقى السيناريوهات الخاصة بالقوات الأميركية غائمة وغامضة، مهما أقر بايدن بأنه لن تجد طريقها إلى بر غزة، وبعدما انتصر نتنياهو في مواجهته برفضه وقف إطلاق النار.

لم تحتل قضايا الداخل الأميركي الحيز المتوقع، رغم محاولات بايدن إظهار الأوضاع الاقتصادية بأنها صاعدة في أعلى عليين، سيما أوضاع الفراق لا الاتفاق بين الحكومة الفيدرالية التي يترأسها، والحكومات المحلية للولايات، كما الحال في ولاية تكساس، حيث تكاد الحرب الأهلية تشتعل مرة ثانية في تاريخ الأمة الأميركية.

لم يستسغ الكثيرون محاولات بايدن ترهيب الأميركيين بالقول إنه: «منذ عهد الرئيس لنكولن والحرب الأهلية لم تكن الحرية والديمقراطية عرضة للهجوم في الوطن كما هو الحال عليه اليوم».

كلمات بايدن كانت إسقاطاً واضحاً على منافسه القدري المثير للتفكر والتدبر، دونالد ترمب، والذي يقترب الهوينى من ترشيح حزبه له، وهو مَن تظهره بعض استطلاعات الرأي متقدماً عليه نقطتين في انتخابات الرئاسة في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، كما أنه لم يوفر استدعاء مشهد السادس من يناير 2021 أمام الكونغرس، في محاولةٍ لاستعداء واضح للأميركيين ضد الرئيس السابق.

يمكن القطع دون تحامل بأن بايدن أخفق في تقديم خطاب كاريزماتي من نوعية خطابات أيزنهاور وكيندي، وصولاً إلى رونالد ريغان، الأمر الذي يبرر المزيد من تراجع معدلات التأييد لإدارته في الداخل الأميركي، سيما بعد فقدان واشنطن كثيراً من مربعات نفوذها إقليمياً ودولياً، فقد أضحت حليفاً غير موثوق من الأصدقاء، وعدواً غير مهابٍ من الأعداء.

لم يقدم بايدن رسالة واضحة عما سيقوم به في ولايته الثانية، وفيما القيصر يخصم من أوكرانيا يوماً تلو الآخر، تفقد أوروبا ثقتها بالعم سام، وينفرط عقد الثقة بواشنطن عند الكثيرين.

الخلاصة... غابت معالم الحلم الأميركي في حنايا وثنايا خطاب الاتحاد؛ الحزبي بإفراط، واللاذع بمرارة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بايدن خطاب اتحاد أم انتخاب بايدن خطاب اتحاد أم انتخاب



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
المغرب اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 17:57 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

«حزب الله» يوسع رقعة استهدافات صواريخه إلى تل أبيب
المغرب اليوم - «حزب الله» يوسع رقعة استهدافات صواريخه إلى تل أبيب

GMT 14:55 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"واتساب" يُعلن عن ميزة تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص
المغرب اليوم -

GMT 21:05 2019 الجمعة ,06 أيلول / سبتمبر

تنتظرك أجواء هادئة خلال هذا الشهر

GMT 04:31 2017 الجمعة ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

قلة تناول "أوميغا 3" يؤدي إلى ضعف السلوك الاجتماعي

GMT 23:34 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

الذهب يلامس قمة جديدة والفضة عند أعلى مستوى في 12 عاما

GMT 06:11 2017 السبت ,17 حزيران / يونيو

تعرف على توقعات أحوال الطقس في طنجة السبت

GMT 15:38 2014 الإثنين ,08 كانون الأول / ديسمبر

فوائد الحلاوة الطحينية

GMT 06:15 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

شركات الأقمشة تطرح تصميماتها الرائعة من حرير "الدمسق"

GMT 18:40 2016 الثلاثاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

عمرو أديب يستضيف إسلام البحيري بعد العفو الرئاسي عنه

GMT 18:34 2016 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

فلويد مايويذر يقوم بجولة يزور خلالها 8 مدن إنجليزية

GMT 19:41 2016 الخميس ,08 كانون الأول / ديسمبر

تسرّب الماء الصالح للشرب في مدينة بركان المغربية

GMT 03:47 2017 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

جيهان السادات تنفي تورط مبارك في اغتيال الرئيس الراحل

GMT 14:45 2016 الجمعة ,15 كانون الثاني / يناير

نور الشربيني بطلة جي مورجان للإسكواش للمرة الأولى

GMT 05:25 2015 الأربعاء ,14 كانون الثاني / يناير

11 حالة إغماء داخل مؤسسة تعليمية في تمارة

GMT 11:44 2014 الأربعاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

عمر القزابري يحيي حفل تأبين الوزير الراحل باها
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib