عن قمة الرياض للذكاء الاصطناعي

عن قمة الرياض للذكاء الاصطناعي

المغرب اليوم -

عن قمة الرياض للذكاء الاصطناعي

إميل أمين
بقلم - إميل أمين

برعاية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، تنطلق في الرياض، في الفترة من 10 إلى 12 سبتمبر (أيلول) المقبل، أعمال القمة العالمية الثالثة للذكاء الاصطناعي، في وجود أكثر من 300 متحدث وحضور عدد من ألمع الشخصيات المتخصصة في هذا المجال عالمياً.

يبدو اهتمام المملكة بهذا العالم اهتماماً أصيلاً، حيث تتطلع لأن تكون رائدة في دروبه، وتسعى لتحول رقمي شامل يعزز مكانتها الاقتصادية والمعرفية بدعم من «رؤية 2030».

يوماً تلو آخر ترتقي المملكة في مكانتها على هذا الصعيد، ففي يوليو (تموز) من العام الماضي، احتلت المركز الأول عالمياً في مؤشر الاستراتيجية الحكومية للذكاء الاصطناعي الذي يُعدّ أحد مؤشرات التصنيف العالمية الصادر عن «تورتويس إنتلجينس».

وهنا يخطر لنا أن نتساءل: ما الإضافات المتميزة، واللمسات الخاصة التي قدمتها، ويمكن أن تقدمها المملكة لعالم الذكاء الاصطناعي المتنامي يوماً تلو آخر، وبتسارع بشكل عجيب؟

خلال أعمال قمة العام الماضي في الرياض أطلقت المملكة مبادئ أخلاقيات الذكاء الاصطناعي التي قامت الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا) بإعدادها، حيث حضّت العالم شرقاً وغرباً على تسهيل التطبيق العملي للأخلاقيات أثناء مراحل دورة حياة تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي.

من هنا، تبدو كلمة الأخلاقيات هي السر والمفتاح، فالمملكة رمز روحي، قبل أن تكون دولة اعتيادية، ولهذا فإن منظورها لمواكبة العصر ينطلق من محددات ومعايير إيمانية ووجدانية، فيها البشر قبل الحجر، والروح تسبق المادة، والإنسان هو القضية، وهو الحل أول الأمر وآخره.

لم يعد سراً القول إن الذكاء الاصطناعي بات له تأثير عميق ومتزايد على النشاط البشري والحياة الشخصية والاجتماعية، وعلى السياسة والاقتصاد، وبالتالي حالة السلم والأمن الدوليين، وكذلك على مستويات النمو والارتقاء البشري بعامة.

من هنا تبدو الحاجة الماسة لمثل قمة الرياض، وإطلاق حوار حول هذه التقنيات الجديدة، والتذكير بضرورة السهر والعمل لكيلا يتجذر منطق العنف والتمييز في إنتاج واستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، على حساب الأشخاص الأكثر هشاشة والمهمشين.

لقد بات عالم الذكاء الاصطناعي جاذباً لكبار العقول المفكرة، من السياسيين الثقات، والتكنولوجيين الكبار.

خذ إليك على سبيل المثال ما أشار إليه بطريرك السياسة الأميركية الراحل هنري كيسنجر، الذي عبَّر غير مرة عن خشيته من أن تتسبب أدوات الذكاء الاصطناعي في حدوث أزمات عالمية، وإحداث ضرر شامل، ولهذا أوصى بضرورة وجود قادة مسؤولين في دفة القيادة يعملون صباح مساء كل يوم من أجل تجنُّب الصراعات الناجمة عما سماه «ديكتاتورية خالدة تحكم العالم».

هل من مخاوف حقيقية من أن يزيد الذكاء الاصطناعي من الفجوات بين البشر؟ ربما هناك ما هو أكثر هلعاً من ذلك، أي تهميش البشر أنفسهم لحساب الآلات الصناعية.

لا يعني ذلك أن الذكاء الاصطناعي شر مستطير، لكنه أداة من ضمن أدوات الحداثة، تكاد تشبه كثيراً من النوازل التي تحتاج إلى فقه إنساني لتهذيب استخدامها، وحتى لا تضحي كارثة مستجدة.

عند الفتى العبقري، إيلون ماسك، أن البشرية على عتبات من مرحلة إطلاق «الجني الساحر» من القمقم، ولا ينفك يخبر بأن الذكاء الاصطناعي سيضحي عند لحظة بعينها من تاريخنا المعاصر، القوة الأكثر تدميراً في التاريخ.

تأتي قمة الرياض في توقيت مفصلي بين مرحلتين أو ذكاءين: الأول هو الذكاء الاصطناعي الحالي (AI) أي عالم البرامج الحاسوبية شديدة التطور التي تحاكي السلوك البشري أو التفكير الإنساني، والذكاء الاصطناعي السوبر (SAI)، وفيه يمكن للبرامج الكومبيوترية أن تفكر بذاتها، وتتواصل مع بعضها البعض، لتصل إلى لحظة مقبلة لا محالة إلى مرحلة إزاحة البشر من طريقهم، والتحكم في مسارات ومدارات كوكب الأرض بمن عليه.

أنفع وأرفع ما يمكن أن تقدمه «قمة الرياض» هو التذكير بأن الضمير الإنساني هو المرتكز الحقيقي الذي ينبغي أن تدور من حوله عوالم الذكاء الاصطناعي، والضمير يعني الأخلاق والآداب العامة من أجل ما يُسمى الخير العام للخليقة برمتها، لا أن تكون تلك الذكاءات وسائط للمحاصصة الطبقية أو المعرفية عند قوم، ومن ثم تسخير بقية البشرية لخدمتهم.

الحقيقة المؤكدة أمام المجتمعين في قمة الرياض أن عالم الذكاء الاصطناعي سوف يزداد تعقيداً وانتشاراً، ولهذا يحتاج الأمر لمساندة ودعم أخلاقي لمجابهة ثورة لا يمكن إخمادها أو الانقلاب عليها، ومن دون محاولات تستلب من المستقبل ذلك الجانب من الطبيعة البشرية القادر على مواجهة تبعات اختراعاته.

قمة الرياض فرصة خلاقة للتساؤل عن الكيفية التي ستنعكس بها تطورات الذكاء الاصطناعي على تاريخنا البشري وثقافتنا الإنسانية في نهاية المطاف.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن قمة الرياض للذكاء الاصطناعي عن قمة الرياض للذكاء الاصطناعي



GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

GMT 17:27 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب الثاني

GMT 21:28 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

«هي لأ مش هي»!

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 09:21 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات عصرية وجذابة للنجمات بصحية الدنيم
المغرب اليوم - إطلالات عصرية وجذابة للنجمات بصحية الدنيم

GMT 19:04 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر
المغرب اليوم - اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 06:49 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

المغربي سعد لمجرد يُثير الجدل برسالة جديدة لدنيا بطمة
المغرب اليوم - المغربي سعد لمجرد يُثير الجدل برسالة جديدة لدنيا بطمة

GMT 05:47 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 16:47 2022 الجمعة ,14 كانون الثاني / يناير

حزب التجمع الوطني للأحرار" يعقد 15 مؤتمرا إقليميا بـ7 جهات

GMT 07:32 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية في غرب إفريقيا تجمع بين جمال الطبيعة والثقافة

GMT 14:04 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

ليونيل ميسي يختار نجمه المفضل لجائزة الكرة الذهبية 2024

GMT 13:41 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:28 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تملك أفكاراً قوية وقدرة جيدة على الإقناع

GMT 06:41 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

هيفاء وهبي بإطلالات متنوعة ومبدعة تخطف الأنظار

GMT 17:35 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

قد تتراجع المعنويات وتشعر بالتشاؤم

GMT 05:08 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

الرئيس الفرنسي وزوجته يزُوران ضريح الملك محمد الخامس
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib