«متلازمة هافانا» وحروب الطاقة الموجهة

«متلازمة هافانا»... وحروب الطاقة الموجهة

المغرب اليوم -

«متلازمة هافانا» وحروب الطاقة الموجهة

إميل أمين
بقلم - إميل أمين

هل العالم على موعد مع طفرة جديدة من الحروب غير المرئية، التي كانت حتى وقت قريب ضرباً من ضروب الأساطير؟

غالب الظن أن ذلك صحيح، بخاصة إذا ثبتت حقيقة مع ما تم إماطة اللثام عنه ليلة الأحد الماضي، عبر برنامج «60 دقيقة» الأميركي الشهير، على قناة «سي بي إس»... ما القصة... من أين تبدأ؟

عُرفت القضية باسم «متلازمة هافانا»، حيث بدأت هناك في كوبا، حين شعر نحو 50 دبلوماسياً أميركياً بأعراض مرضية شبيهة بالإنفلونزا، وتشمل طنيناً حاداً في الأذنين، وفقداناً للسمع والتوازن، عطفاً على التعب والصداع الحاد، وفيما بعد عانى البعض من تلف طويل الأمد في الدماغ.

لاحقاً تكرر المشهد تجاه جنود أميركيين في سوريا، وبلغ الأمر حد تسريبات تؤكد أن بعض المسؤولين في البيت الأبيض، قد عانوا من الأعراض ذاتها، وإن لم يكشف بالضبط ما جرى.

عبر أكثر من 5 سنوات من التحقيقات، لم يُعرف السبب وراء هذه المتلازمة، أو من يقف وراءها، كما أن الدراسات التي أجرتها المعاهد الوطنية للصحة، وفي مقدمها تلك ذات الصبغة الاستخبارية، لم تقدم أي تفسيرات للظاهرة الخطيرة والمثيرة.

هل ما يعرف بالوحدة «29155»، التابعة للمخابرات العسكرية الروسية، هي من يقف وراء هذه الظاهرة، ضمن حالة صراع القوى الكبرى المتصاعد، الذي يهدد بالدخول في مواجهة عالمية نووية؟

هذا ما كشف عنه البرنامج الأميركي، الذي استند في نتائجه إلى تحقيقات قامت بها شبكة «إنسايدر» المعلوماتية الأميركية، ومجلة «دير شبيغل» الألمانية.

الأدلة الجديدة التي تتناولها وسائل الإعلام الأميركية والأوروبية تشير إلى أنه كانت هناك هجمات محتملة قبل عامين في فرانكفورت، ألمانيا، عندما فقد موظف حكومي أميركي في القنصلية هناك وعيه بسبب شيء يشبه شعاع الطاقة القوي.

من اليسير أن توجه الاتهامات مباشرة لروسيا بأنها تقف وراء هذا الهجوم غير المسبوق، وهو الأمر الذي أكده جريج إدغرين، المقدم المتقاعد بالجيش الأميركي، لكن ومع ذلك تبقى المسألة أخطر، ذلك أنها تدور في دائرة «وحش» جديد، غير مرئي، كفيل بأن يغير أحوال العالم، وينهي أزمنة الحروب التقليدية، ويفتح أبواباً غير مسبوقة من الشر العالمي.

هل الطاقة الموجهة هي سلاح الحروب الفتاكة القادمة؟

من دون الدخول في عمق التحليلات الفيزيائية والكهرومغناطيسية، فإن سلاح الطاقة الموجهة «Directed –energy weapon»، هو نوع من الأسلحة يقوم بتوجيه الطاقة نحو اتجاه معين من دون وجود قذيفة، ليقوم بنقل شحنات كهربائية تختلف قدرتها حسب الهدف المطلوب تحقيقه من ورائها.

وحسب التعريف الموسع، يمكن تصنيف أسلحة الطاقة الموجهة تبعاً للهدف المنشود، بمعنى إحداث صوت، أو إرسال إشعاعات، وربما تدمير مادي، أو تداخل مع مجسات، وقد يكون هناك تعطيل آلات، وصولاً إلى إعاقة الجنس البشري.

يعني هذا النوع الجديد من أنواع الحروب أنه لا حاجة للبشر عند مرحلة معينة من تعميم هذه الأسلحة لاستخدام الأسلحة التقليدية أو النووية، إذ يكفي قدر معقول منها لشل العدو بشراً وحجراً.

يقول الراوي إن الألمان هم أول من عرفوا طريق تلك الطاقة الفتاكة، وعملوا على تطويرها في العام الأخير من الحرب العالمية الثانية، وذلك بعدما صمموا أسلحة لتعمية وتشتيت أو التداخل مع العين البشرية، والمجسات الإلكترونية، غير أن الهزيمة على يد دول الحلفاء لم تعطهم الفرصة للمضي قدماً في تطويرها، لكن ذلك وفي كل الأحوال لا ينفي أن آخرين، وقد يكون السوفيات في مقدمهم حكماً، قد تحصلوا على الأبحاث الأولية، وقاموا بتطويرها.

ولعله من المثير تاريخياً أن تلك الهجمات التي بدأت في عام 2016 تتسق مع إعلان روسي في الفترة نفسها، صدر عن المتحدث الرسمي باسم شركة «المؤسسة الموحدة للأجهزة الدقيقة»، في موسكو، عن قيامها بتصنيع سلاح إلكتروني حديث قائم على مبادئ فيزيائية جديدة لتدمير آليات العدو، وإن لم يوضح البيان ماهية تلك الأسلحة أو مجالات استخدامها.

يكاد الحديث المتقدم يعيدنا إلى مربع الأسلحة المجهولة، التي لا تخطر على قلب بشر، تلك التي أشار إليها الرئيس الأميركي السابق ترمب، خلال حديثه مع صحافي «الواشنطن بوست» الأشهر بوب وود وورد، خلال إعداده لكتابه المعنون «غضب»، ما يعني أن سلاح الطاقة الروسي، إن كانت هذه الوحدة بالفعل هي التي تقف وراءه، هو رد روسي على ترسانة أميركا المستقبلية من أدوات الموت غير الخلاق.

السؤال الأهم في هذه السطور: هل قصة «متلازمة هافانا»، وما يتوافر للحكومة الأميركية، قد تم الإعلان عنها بشكل شافٍ وافٍ، أم أن حماية الأمن القومي، وكرامة الإمبراطورية، لم تسمحا بالتصريح، واكتفتا بالتلميح، من دون الكشف عن الأسرار؟

حسب تسريبات إعلامية واستخباراتية عديدة في العاصمة الأميركية، ومنها ما أشار إليه المحامي الأميركي مارك زيد، الذي يمثل أكثر من 20 عميلاً لأجهزة استخبارية أميركية عانوا من أعراض المتلازمة المخيفة، فإن هناك أدلةً على تستر حكومي يتضمن خطوط تحقيق من شأنها أن تأخذ الأميركيين على الأرجح إلى إجابات لا يريدون الكشف عنها أو التعامل معها.

أهلاً بالعالم في زمن ثورة الطاقة الموجهة وحروبها الاستخباراتية الخفية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«متلازمة هافانا» وحروب الطاقة الموجهة «متلازمة هافانا» وحروب الطاقة الموجهة



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 18:29 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي
المغرب اليوم - أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي

GMT 17:27 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
المغرب اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 13:22 2021 الأحد ,19 أيلول / سبتمبر

نادي شباب الريف الحسيمي يواجه شبح الانقراض

GMT 06:23 2023 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023

GMT 11:08 2023 الجمعة ,08 أيلول / سبتمبر

بلينكن يشيد بـ«الصمود الاستثنائي» للأوكرانيين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib