بيرنز بين صن تزو وميكافيلي
إستعدادات وتحضيرات يشهدها قصر بعبدا بانتظار الرئيس اللبناني الـ14 للبلاد بدء عملية تصويت نواب البرلمان اللبناني بالاقتراع السري في الدورة الثانية لانتخاب الرئيس الجديد بدء جلسة الدورة الثانية في البرلمان اللبناني لانتخاب رئيس الجمهورية نادي وست هام يونايتد يُعلن أقال مدربه الإسباني جولين لوبتيغي بسبب سوء نتائج الفريق هذا الموسم الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون يُقدم العزاء في وفاة أسطورة الملاكمة عبد القادر ولد مخلوفي مقتل 3 وإصابة 3 آخرين جراء تحطم طائرة مائية في جزيرة سياحية أسترالية توقف حركة الطيران بين سوريا والإمارات بعد انطلاق أول رحلة جوية أمس الثلاثاء قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم مدينة الظاهرية جنوب الخليل في الضفة الغربية وتصادر عدداً من المركبات إدارة بايدن تُحذر ترامب من كارثة إنسانية في غزة حال دخول قانون حظر الأونروا حيز النفاذ وزارة الخارجية السورية تدعو إلى رفع العقوبات بشكل كامل بعد زوال السبب الذي وجدت من أجله
أخر الأخبار

بيرنز بين صن تزو وميكافيلي

المغرب اليوم -

بيرنز بين صن تزو وميكافيلي

إميل أمين
بقلم - إميل أمين

جرى العرف ألا يتكلم مديرو الاستخبارات إلا نادراً، ما يجعلنا نتساءل عن السر الذي دفع السيد وليام بيرنز، مدير الاستخبارات المركزية الأميركية، للحديث باستفاضة عن «فن التجسس وفن الحكم»، في الداخل الأميركي، وهل السبب الدفاع عن الوكالة التي وصفها الكاتب الأميركي تيم وانر بأنها «إرث من الرماد»، في كتابه الحائز جائزة بوليتزر؟

بدا السيد بيرنز في مقاله المطول في عدد مجلة «الفورين آفيرز»، نهاية يناير (كانون الثاني) المنصرم، كأنه يحاول تصحيح الصورة المغلوطة عن الوكالة الاستخباراتية الأشهر في عيون الأميركيين، خصوصاً بعد أن تشوهت من جراء الأخطاء العرضية التي شابت مسيرتها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وحتى الساعة، ومنافحاً بأن غالبية شعبه يجهل أعمالها البطولية، وما سمّاه نجاحاتها الكثيرة الهادئة والصامتة في كثير من الأحيان.

يكاد بيرنز يضعنا أمام استحقاقات مفهوم جديد ومغاير، طولاً وعرضاً، لعالم السرية والغموض الذي يغلف أعمال الاستخبارات في العالم برمته، «رفع السرية الاستراتيجية»، أي الكشف المتعمد عن بعض الأسرار من أجل إضعاف الخصوم وحشد الحلفاء... كيف يستقيم هذا الطرح الجديد؟ وهل هو محاولة لإغراق الخصوم في عالم المعلومات، وإصابتهم بفقدان القدرة على التمييز بين الغث والسمين؟ ثم، كيف يمكن أن يستقيم الأمر من دون تعريض مصادر أو أساليب جمع المعلومات الاستخباراتية للخطر؟

يبدو هذا المفهوم مثيراً للتفكير، وقد يحتاج إلى وقت للتجربة والحكم عليه، غير أنه يأخذنا حكماً إلى حديث أبو الجاسوسية تاريخياً، الجنرال الصيني والخبير العسكري الفيلسوف صن تزو، المتوفى عام 496 قبل الميلاد.

في مؤلفه العمدة «فن الحرب»، تبدو المعلومات بمثابة «حجر الزاوية» الذي تدور من حوله الانتصارات، أو تصاب جراءه الدول بالانكسارات.

«إن كنت تعلم قدراتك وقدرات خصمك، فما عليك أن تخشى من نتائج مائة معركة، وإن كنت تعرف قدرات نفسك، وتجهل قدرات خصمك، فسوف تعاني من هزيمة ما في كل نصر مُكتسب، أما إن كنت تجهل قدرات نفسك، وتجهل قدرات عدوك، فالهزيمة المؤكدة هي حليفك في المعركة». هكذا تكلم صن تزو على العكس تماماً من مبررات بيرنز الخاصة بـ«المقاومة الحكيمة للنزعة غير الإرادية إلى إبقاء كل الأمور سرية».

يخطر لنا أن نتساءل ما سبب هذا الطرح المفاهيمي الاستخباراتي الجديد، وهل هو مصمم بنوع خاص للمواءمة بين الحاجة إلى الجاسوسية البشرية من جهة، والانفلاش التكنولوجي من جهة أخرى، ووضع الأمرين في سبيكة جديدة لعالم جيوسياسي متغير بسرعة لم تعتدها البشرية؟

المقال أقرب ما يكون إلى أدب الاعترافات، حيث يكاد يُظهر أحشاء وكالة الاستخبارات الأميركية، آيديولوجياً قطعاً، وليس عملياتياً، إذ لا يوفر الاستفاضة في الكلام عن أزمات بلاده مع الصين القادمة من غير المقدرة على وقفها، حتى لو حاول بايدن أن يخنقها اقتصادياً، ولا ينفك يحاجج برغبات الرئيس الصيني شي جينبينغ في التمدد والتوسع ليس آسيوياً فحسب، بل حول العالم برمته.

بيرنز يتوقف طويلاً أمام ما يطلق عليه النزعة الانتقامية الروسية، ما يحمل على التنبؤ بأن معركة أوكرانيا ربما لن تصبح معركة القيصر الأخيرة، خصوصاً في ضوء توقعات فوزه برئاسة جديدة على عتبات مارس (آذار) المقبل.

تقترب كلمات سيد اللعبة الأميركية الاستخباراتية من حدود الإقرار بأن الولايات المتحدة الأميركية لم تعد تتمتع بهيمنة واضحة، وأن التحديات الجيوسياسية متمثلة في ضغوطات الجغرافيا على الديموغرافيا، تختصم بحكم الطبيعة من مفاتيح القوة الأميركية، عطفاً على التهديدات المناخية الوجودية، ولأميركا فيها نصيب وافر، وعلى غير المصدق أن يتابع أجواء وأنواء الطقس في الأسبوعين الماضيين في كاليفورنيا الموعودة بهجمات إيكولوجية لا تصد ولا ترد.

أميركا اليوم إزاء تبعات ثورة تكنولوجية أوسع من الثورة الصناعية أو بداية العصر النووي، ما يفتح الباب واسعاً أمام «الثلاثي المرعب»، الذي سيغير أساسيات العمل الاستخباراتي أميركياً وعالمياً: «الرقائق المصنعة، والذكاء الاصطناعي، والحوسبة الكمومية».

هل الـ«سي آي إيه (CIA)» في مواجهة أزمات وتحديات عصرانية تعجز عن مقابلتها، بما يزيد من فرص الاضمحلال الإمبراطوري الأميركي، حتى إن بقيت عقوداً فاعلة ومؤثرة بدرجة أو بأخرى، ضمن إطار رؤية «المتقدم بين متساويين (Primus inter pares)»؟

تحاكي كلمات بيرنز أيقونات السطوة الأميركية المطلقة، لا سيما أن استخبارات لانغلي اليوم أمام عوالم متغيرة وغير ثابتة، ما يجعل من مهمتها أصعب من أي وقت مضى، ويمنح هذا الخصوم أدوات جديدة تربك وتضلل، بل وتعظم تجسس الآخر على العم سام.

الجزئية الأكثر إثارة في مقال بيرنز موصولة بفاعلية الأجهزة الاستخباراتية الأميركية، وفيما يذهب إلى أهمية العنصر البشري، والذي لا يمكن الاستغناء عنه بأية حال من الأحوال، يؤكد على ضرورة استعمال التكنولوجيا الناشئة مع مهارات التعامل مع الناس والجسارة الفردية، مهما بلغت قدرات أجهزة استخباراتية أخرى مكملة للـ«سي آي إيه (CIA)» خارج الأراضي الأميركية، من عينة وكالة الأمن القومي NSA والمنوط بها مراقبة «خائنة الأعين وما تخفي الصدور».

ما الدافع وراء كتابة هذا المقال؟

أغلب الظن أنه يأتي في وقت تعاني فيه الولايات المتحدة من أزمات متكالبة على واقعها السياسي والاجتماعي، ما جعل رجل الشارع يفقد ثقته بـ«رجاحة عقل» صناع القرار، و«نزاهة ورصانة» المؤسسات المختلفة، وكأن بيرنز يخبر الأميركيين بأنه ليس عليهم القلق فهناك من يحمي أميركا في نومهم ويقظتهم، في حلهم وترحالهم.

لا يمكن بأية حال أن نفصل فن الجاسوسية عن فن الحكم، وهو ما أشار إليه الكاتب الإيطالي الشهير نيكولا ميكافيلي في كتابه المخصص لأمير أسرة ميدتشي، لورينزو: «يجب أن يتمتع الأمير بفضائل أخلاقية وسياسية قائمة على المكر والقوة، وأن يتقن فن الحرب، وهو الهدف الوحيد للسلطة».

باختصار، طرح بيرنز مانيفستو للدولة الأميركية العميقة، الساعية في طريق القرن الأميركي بقوة وتنافسية، مهما تناحر بايدن وترمب، وغيرهما ممن سنراهم على الساحة عما قريب.
كُتّاب الشرق الأوسط

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بيرنز بين صن تزو وميكافيلي بيرنز بين صن تزو وميكافيلي



GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

GMT 07:04 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

وزن تأريخ الأردن في التوجيهي 4 علامات.. أيعقل هذا ؟!

GMT 07:01 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

لكنّها الطائفيّة... أليس كذلك؟

GMT 06:58 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

العلويون جزء من التنوّع الثقافي السوري

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 04:02 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

ملخص وأهداف مباراة توتنهام ضد ليفربول في الدوري الإنكليزي

GMT 21:17 2019 الجمعة ,03 أيار / مايو

المكاسب المالية تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 02:19 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

فالنسيا يواصل نزيف النقاط بالتعادل مع ديبورتيفو ألافيس

GMT 17:49 2017 الثلاثاء ,17 كانون الثاني / يناير

بشرى بوشارب تُعلن عن رواية "المهاجرة" في القاهرة

GMT 22:17 2016 الإثنين ,10 تشرين الأول / أكتوبر

فوائد لاستخدام العشب الصناعي في حديقة منزلك

GMT 17:54 2016 الجمعة ,14 تشرين الأول / أكتوبر

سون هيونغ مين يفوز بجائزة لاعب الشهر في الدوري الإنجليزي

GMT 15:48 2016 الأحد ,11 كانون الأول / ديسمبر

آن هاثاواي تفتخر برشاقتها بعد الولادة في فستان أسود

GMT 13:23 2015 الخميس ,22 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار ومواصفات آيفون 5S بتقنية 4G في المغرب

GMT 02:09 2015 السبت ,19 كانون الأول / ديسمبر

الحكم على المتطرف عبد الرؤوف الشايب بالحبس خمسة أعوام

GMT 04:33 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

لاعبون مغاربة فوتوا قطار كأس العالم بسبب قرار خاطئ

GMT 02:23 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

شيماء مرسي تؤكّد أهمية اتّباع إتيكيت مواقع التواصل الاجتماعي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib