الزلزال الأوروبي والحضارة الجديدة
عطل فني يجبر طائرة روسية على الهبوط اضطراريًا في مطار شرم الشيخ الدولي هيئة الطيران المدني تعلن إعادة تأهيل كاملة لمطاري حلب ودمشق لاستقبال الرحلات من كافة أنحاء العالم رهينة اسرائيلية توجه رسالة لـ نتننياهو وتُحذر من أن بقاءها على قيد الحياة مرتبط بانسحاب جيش الإحتلال الديوان الملكي السعودي يُعلن وفاة الأميرة منى الصلح والدة الأمير الوليد بن طلال بن عبدالعزيز آل سعود الإدارة الجديدة في سوريا تفرض شروطاً جديدة على دخول اللبنانيين إلى أراضيها الجيش الأميركي يبدأ بتجهيز معسكر جدي في محافظة حلب شمال سوريا الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير حي بالكامل شمال قطاع غزة الجيش الروسي يعترض ثمانية صواريخ أميركية الصنع أطلقتها أوكرانيا وبسيطر على قرية جديدة في مقاطعة لوجانسك ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 45,717 منذ بدء عدوان الاحتلال الإسرائيلي في السابع من أكتوبر 2023 مستشار النمسا يعلن تنحيه عن منصبه وترشيح وزير الخارجية لخلافته
أخر الأخبار

الزلزال الأوروبي والحضارة الجديدة

المغرب اليوم -

الزلزال الأوروبي والحضارة الجديدة

إميل أمين
بقلم - إميل أمين

على مَرّ العصور الإنسانية، نشأت الدول والإمبراطوريّات كتفاعل بين البشر والأرض، ضمن منظومات فكريّة وثقافيّة، اقتصاديّة وعسكريّة، بين رؤى أخلاقيّة ومبادئ فلسفية، سلمًا وحربًا، غَيْضًا وفيضًا، ما أسفر عن صعود واضمحلال الحضارات عبر التاريخ.
أحد أهم الأسئلة المطروحة على ساحة النقاش العالمي في العقود الاخيرة: "هل الحضارة الغربية في مرحلة الأفول، في حين تبدو حضارة أخرى آسيوية الطابع، طالعة مشرقة بشكل مُؤكَّد؟
مؤكد أن علامة الاستفهام هذه لها علاقة جذرية بما جرى في القارة الأوروبية خلال الأيام القليلة الماضية، من انتخابات الاتّحاد الأوربي، والتي أسفرت عن تحقق مخاوف أقلقت مضاجع الكثير من الأوروبيين مؤخَّرًا.
انتصر التيار اليميني المتشدِّد والمتطرف، وبات قاب قوسين أو أدنى، لا من السيطرة على برلمان الاتحاد فحسب، بل الإمساك بمواقع القيادة والسيادة في غالبية إن لم تكن كلُّ دول أوروبا عمَّا قريب.
يَعِنّ للقارئ أن يتساءل: "ما هو معنى أقصى اليمين، أو بصيغة أخرى ما الذي يصبغ هذا الحزب أو ذاك بصبغة اليمين الشعبوي المتطرف؟
عند عالم السياسة الهولندي "كاس مود"، والذي ربما يكون أشهر مراقب لليمين المتطرف في أوروبا، إن جوهره يجمع بين العداء للمهاجرين والاستبداد والشعبوية، وهو يعزف على أوتار النزعة القومية، ويميل دومًا إلى إقصاء الآخر، والتفكير عبر صيغة قاتلة تدَّعى ملكية الحقيقة المطلقة.
جاهدت أوروبا طوال ثلاثة قرون تقريبًا، بهدف التخلص من أزمنة التحَجّر والتكَلّس العقدي، والانسداد التاريخي، ونشأت على أراضي هذه القارة رؤى إنسانوية، فكرية وفلسفية، نادت بالحرية والمساواة والإخاء، وعملت على التخلص من أعباء الدوغمائيات التي تحكمت في المفاصل الأوربية بصورة أو بأخرى.
ولدت النزعة الإنسانية رغبة في التثاقف مع الأمم والشعوب المختلفة، ومن عند تلك الجزئية عرفت السياسات الأوروبية معنى ومبنى التعامل مع السياسات المحلية والدولية بصورة نسبية لا بصورة مطلقة، انطلاقًا من أن تعددية المطلق زائفة، أما النسبي فيقبل قسمة الغرماء، أو بمعنى أدق العيش المشترك مع الآخر، المختلف عِرْقيًّا وجنسيًّا، طبقيًّا وعقديًّا.
هل هذه الانتخابات ردّة عن حضارة الغرب الأوروبي التاريخية، وبداية لمسار مضاد لمسارات التنوير، ومساقات التفكير التي دَرَج على السير فيها فلاسفة التنوير الأوروبي، من فولتير وروسو، كانط وهيجل، ديدرو وإسبينوزا، وصولاً إلى قيادات أحزاب البديل من أجل ألمانيا، والتجمّعات الوطنية ذات المسحة اليمينية التي تستدعي خوفًا كبيرًا جدًّا من أن تنساق الشعوب الأوروبية وراءها، ما ينتج في نهاية الحال نماذج سياسية أكثر هولاً من الفاشية والنازية في ثلاثينات القرن المنصرم؟
قبل الجواب، يرتفع صوت من الداخل يحاجج بأن صحوة التيار اليمينيّ، أمر له مسبّباته التاريخية، ما بين عوامل اقتصادية، وأخرى أيديولوجية، ما يعني أن ما جرى هو نوع من أنواع التصحيح الذاتي للمسيرة السياسية الأوروبية.
والشاهد أنه على الرغم من وجاهة هذا القول، إلا أنه يحمل ضمنًا مخاوف من أن يتجاوز المشهد تصحيح أخطاء لسياسات وسياسيين، عبر أدوات النقد الذاتي العقلاني، إلى مرحلة مغايرة من التشدد المخيف، الذي يعود بأوروبا إلى حضارة القرن الوسطى، بما فيها من نزعات غير إنسانية، قبل أن تعرف القارة أزمنة التنوير.
سؤال التنوير هنا بدوره مثير، ويستدعي منا طرح التساؤل التالي: "هل التنوير الأوروبي هو الذي قاد إلى هذه المرحلة من صعود اليمين المتطرّف والمتشدّد على هذه الصورة التي أفرزتها صناديق انتخابات الاتحاد الأوروبي قبل أيام معدودات؟
لعل أحد مفكري اليسار الفرنسي البارزين، "ريجيس دوبرييه"، كان أول من تَنَبَّه لهذه الإشكالية، وعليه فقد جاء مؤلَّفه الهام "الأنوار التي تعمي" ليضع الأوروبيين أمام حقائق لم يدركوا أهميتها بل خطورتها وقتها، وها هم يفعلون.
باختصار غير مُخِلّ، يذهب دوبرييه إلى القول بأن الإغراق في العلمانية والتطرف إلى حد التشدد في الإيمان بها، ورفض كل معالم وملامح الروحانيات، والتمركز حول الذات، حتى بلوغ مرحلة "عبادة الإنسان"، جميعها أصابت الحضارة الغربية الأوربية بنفس المساوئ التي انسحبت على الحضارة الشرقية، حين سلمت زمام أمورها للأصوليات الضارة، وليس بالمعنى الإيجابي لفكرة ومفهوم الراديكالية عند كارل ماركس.
هل من عالم اجتماع وفيلسوف آخر غير أوروبي تنبَّأَ قديمًا بما جرى ويجري الآن في أوروبا؟
الحديث يأخذنا إلى الروسي الشهير "بتريم سوروكين" (1889- 1968)، والذي تحدث باكرًا جدًّا عن ثلاثة اتجاهات ضخمة تتكشف في العصر الحالي، بدأت بإبداع ثقافي صنع فاتحة تحول عهد تاريخي من داخل أوروبا، انطلق إلى بقية أجزاء العالم، ثم مرحلة تالية من ثقافة حسية حديثة جعلت أصحابها يعانون في مرحلة لاحقة من مرحلة تفكك مستفحل، كما هو حادث الآن بالفعل أوروبيًّا وربّما أميركيًّا، وأخيرا المرحلة الثالثة التي يسميها زمن الشتلات الأولى لنظام ثقافي جديد صاعد ومتزايد ببطء، أي حضارة مغايرة عمَّا عرفته أوروبا من قبل.
لم يعد سرًّا القول إن زعامة الغرب توشك على الانتهاء، فقد تضاءلت قوة وتأثير الثقافة الأوروبية عقدًا بعد آخر فيما الإمبراطوريات الأوروبية العظيمة تاريخيًّا والتي غطت الذاكرة الحديثة للأرض انزوت واختفت، وهربت مراكز الحياة المبدعة من أوروبا الأنجلوساكسونية إلى أميركا الشمالية، ومن إسبانيا والبرتغال إلى أميركا الجنوبية، بينما حدث في أراضي الاتحاد السوفيتي السابقة، النمو الأكثر حيوية، لا في روسيا القديمة، بل في الجزء الآسيوي الذي كانت تهيمن عليه سابقًا، وفي الوقت نفسه تتمتع اليابان والصين والهند وإندونيسيا وبلدان عربية بنهضة ثقافية، وهي تتطور اجتماعيًّا وسياسيًّا وعلميًّا وتقنيًّا، وفي الوقت نفسه تمارس تأثيرًا جديدًا في الشؤون الدولية وتُصَدِّر أديانها وفلسفاتها وفنونها وقِيَمها الثقافية إلى الغرب، أي أنها تنتج حضارة مغايرة.
هل ستعزز انتخابات الاتحاد الأوروبي الأخيرة نغمات بقاء بلدان أوروبا منفصلة ومستقلة عن بعضها البعض أولا، وعن سياقها الجغرافي الأوراسي ثانيًا، ومع بقية العالم لاحقًا؟
الجواب يذكّرنا بمقولة أوروبا الحديقة الغنّاء التي يحاول البعض التسلق من فوق أسوارها، والذي أطلقه جوزيب بوريل، ممثل الاتحاد الاوربي للشؤون الخارجية قبل نحو عام.
في كل الأحوال أوروبا أمام اختبار مصيري، قد يأخذها إلى الركود الحضاري أولاً، ثم الخروج من دائرة الفاعلية الحضارية في المستقبل غير البعيد، ودخول لاعبين جدد فاعلين في العبارة الدولية بأكبر قدر ممكن من الإيجابيّة.
أوروبا مدعوّة أمام انتخاباتها الأخيرة للتفكير بالعقلية الصينية في معنى كلمة أزمة، والتي تُقرَأ على أنها فرصة أو خطر، وعلى الأوروبيين الاختيار قبل مغادرة القطار زمن الحضارة التي كانت يومًا ما.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الزلزال الأوروبي والحضارة الجديدة الزلزال الأوروبي والحضارة الجديدة



GMT 07:04 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

وزن تأريخ الأردن في التوجيهي 4 علامات.. أيعقل هذا ؟!

GMT 07:01 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

لكنّها الطائفيّة... أليس كذلك؟

GMT 06:58 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

العلويون جزء من التنوّع الثقافي السوري

GMT 06:54 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والصراع على الإسلام

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 06:52 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
المغرب اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 11:58 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
المغرب اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 07:04 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
المغرب اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 01:28 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

الجيش الإسرائيلي يعترض عن صاروخ أطلق من اليمن
المغرب اليوم - الجيش الإسرائيلي يعترض عن صاروخ أطلق من اليمن

GMT 08:37 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

شذى حسون تكشف عن أحدث أعمالها الغنائية “قلبي اختار”
المغرب اليوم - شذى حسون تكشف عن أحدث أعمالها الغنائية “قلبي اختار”

GMT 03:11 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

روما يضرب موعداً مع الميلان في ربع النهائي

GMT 19:51 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

الإطاحة بخليجيين وعاهرات داخل "فيلا" مُعدّة للدعارة في مراكش

GMT 03:53 2019 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

نجلاء بدر تُنهي تصوير 75% من مسلسل "أبوجبل"

GMT 05:39 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

الحبيب المالكي ينقلُ رسالة الملك لرئيس مدغشقر الجديد

GMT 05:34 2019 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

وجهات رومانسية لقضاء شهر عسل يبقى في الذاكرة

GMT 19:09 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

أياكس ينتزع فوزًا صعبًا من أوتريخت في الدوري الهولندي

GMT 11:00 2018 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

إيدي هاو يُقلّل من أهمية التقارير التي تحدثت عن ويلسون

GMT 09:56 2018 الأحد ,16 كانون الأول / ديسمبر

نصيري يؤكّد صعوبة تحويل الأندية إلى شركات

GMT 02:29 2018 الثلاثاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

هاشم يدعم قضية تطوير المنظومة التعليمة في مصر

GMT 17:53 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرفي على أفضل مطاعم العاصمة الأردنية "عمان"

GMT 23:05 2018 الثلاثاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الفرنسي يسخّر من ترامب بعد رفضه زيارة المقبرة التذكارية

GMT 05:40 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة الأميركية كيتي أونيل أسرع امرأة في العالم عن 72 عامًا

GMT 22:39 2018 الإثنين ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

"سيدات طائرة الأهلي" يواجه الطيران الأربعاء

GMT 05:29 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

موقف المدارس الخصوصية من التوقيت الجديد في المغرب

GMT 08:33 2018 الأربعاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي علي تصاميم غرف معيشة عصرية وأنيقة إعتمديها في منزلك

GMT 11:38 2018 الثلاثاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

ملكة جمال المغرب العربي تستعد لكشف مجموعة من المفاجآت

GMT 21:31 2018 الإثنين ,08 تشرين الأول / أكتوبر

روايات عسكرية تكشف تفاصيل استخدام الجيش الأميركي للفياغرا
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib