من يخاف كامالا هاريس

من يخاف كامالا هاريس؟!

المغرب اليوم -

من يخاف كامالا هاريس

عبد المنعم سعيد
بقلم - عبد المنعم سعيد

المخضرمون يعرفون الكثير عن فيلم «من يخاف فرجينيا وولف؟» بطولة إليزابيث تايلور، وريتشارد بيرتون، وأخرجه مايك نيكولز عام 1966. أصله كان مسرحية ألفها إدوارد ألبي وإرنست ليمان عن زوج وزوجته استضافا جماعة من الأصدقاء في ليلة سرعان ما تحولت إلى مواجهة عميقة من الكوميديا السوداء بين الزوجين. أمر من هذا يحدث في الولايات المتحدة الآن، حيث انفتح الستار على مواجهة من النوع الثقيل حول من يفوز بمنصب الرئيس السابع والأربعين؛ ولكن الجائزة ربما تكون أكثر من ذلك بين الديمقراطيين والجمهوريين حول مصير الدولة الأميركية وربما العالم. وكما يحدث كثيراً في الروايات والمسرحيات والأفلام أنَّ لها بداية تصاعدية ثم تتسارع لكي تصل إلى قمة التوتر وربما تكون النتيجة مبارزةً أو قتلاً؛ ولكن في السياسة المعاصرة فأياً ما كان حماس النظارة فإن النتيجة تكون مثيرةً. الفصل الأول كان هادئاً وشبه مضمون عندما كان الملياردير الأميركي دونالد ترمب واثقاً بنفسه بعد أن حصل على السيطرة الكاملة على الحزب الجمهوري حتى أنه لم يجد لازماً للمشاركة في مناظرات المرحلة التمهيدية لتحديد مرشح الحزب، وعندما انعقد مؤتمر الحزب حاز الترشيح بالإجماع دون خروج عضو واحد عن النص. ولكن ذلك جرى بعد بضعة مقبلات للمشهد الدرامي حينما حل موعد المناظرة مع الرئيس بايدن المسمى «النائم»، فإن هذا الأخير أسفر عن عمره في حالة مؤسفة من التعثر والنسيان والتلعثم. استطلاعات الرأي العام عكست ذلك بفارق كبير بين ترمب وبايدن؛ ولكن ذلك لم يكن كافياً فقد تعرض الرئيس السابق لمحاولة اغتيال جعلت منه فجأة ليس سياسياً، وإنما شهيداً محروساً بالعناية الإلهية.

حتى ذلك الوقت لم يكن أحدٌ قد سمع الكثير عن نائبة الرئيس الديمقراطي كامالا هاريس؛ فقد كانت الصورة المعروفة عنها تعلقها بأذيال الرئيس بايدن، وعندما كلفها بعض المهام لم تكن النتائج لافتة للنظر.

بعد المناظرة بين بايدن وترمب، واستمرار الأول في تلعثمه أمام مؤتمر قادة حلف الأطلنطي، وتعرض الثاني للحظة تراجيدية كان فيها إطلاق الرصاص ودماء تنسال على وجه وقميص أبيض بينما يقوم الجمهوري برفع يده قبضة حديدية. لم يفلح بايدن كثيراً أنه تصرف كرجل دولة ودعا الجمهور الأميركي إلى الوحدة والتضامن، واتصل بخصمه مواسياً ومشجعاً؛ ولكن الخصم لم يكن لديه سوى الخصومة والعداء، أما وحدة الوطن فقد كانت أمراً لا يهم كثيراً. ربما كانت هذه هي اللحظة الدرامية التي انقلبت فيها الأمور عندما ثبت أن الحزب الديمقراطي رغم تراجعه، فإن لديه نخبة من الحكماء والقادة التي التفتت إلى بايدن مطالبة إياه بالتنحي عن الترشيح. وكان ذلك ما حدث، وفوقه قام بمبايعة نائبته كامالا هاريس للمنصب الرفيع، فانقلبت الصورة رأساً على عقب.

في مشهد توالت فيه المبايعات من قادة الحزب، وانهمار الأموال التي عزّت من قبل على بايدن إلى صندوق هاريس، سقطت بشكل كامل قضية السن للرئيس وانقلب الحال عندما ظهر أن ترمب ليس شاباً وأنه في العمر عتي. أصبحت هاريس شابة وهي في نهاية الخمسينيات متدفقة بابتسامة دائمة، وأناقة سلسلة، وحيوية فائرة ودائمة في خطابها وحديثها. أصبحت قصة الاغتيال نسياً منسياً، وظهرت حالة الارتباك في المعسكر الجمهوري وتخبطه في عما إذا كان يقبل أو يرفض المناظرة مع المرشحة التي بلغها تأييد أعضاء مؤتمر الحزب وحتى قبل أن يصلوا إليه. وعندما اختارت كامالا نائب الرئيس في إدارتها المقبلة أعلنتها في مهرجان اتسع لعشرة آلاف مؤيد في فيلادلفيا. استطلاعات الرأي العام تسارعت لكي تغلق الفجوة السابقة، وبعد فترة من التعادل انسابت الخطب لكي تحصل على درجات من التفوق خلال فترة لا تزيد عن أسبوعين. أصبح ترمب يخاف كثيراً من كامالا هاريس، وأصبح كذلك نائبه جيمس فانس الذي جاء كما لو كان مدفعية ترمب الثقيلة، فإذا به يتحول إلى عبء عليه. وعلى العكس من ذلك جاء تيم مالز نائب هاريس لكي يضيف لها لسعة من الحديث الساخر الذي يصف ترمب أنه «غريب الأطوار» هو وجمهوره الجمهوري.

هل يمكن لأحد أن يوقف هاريس؟ والإجابة أن الأرجح لا، وهي تحمل قوة دفع هائلة؛ ولكن ومع ذلك فإن انهياراً اقتصادياً يحقق ذلك، وجاء في شكل إنذار يوم اثنين أسود في الخامس من أغسطس (آب)، أو تنشب حرب كبرى في الشرق الأوسط تضع الانحياز الأميركي لإسرائيل في وضع اختبار مؤثر في نتيجة الانتخابات؟ في هذه الحالة سيكون العالم هو الذي يخاف من كامالا هاريس!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من يخاف كامالا هاريس من يخاف كامالا هاريس



GMT 22:27 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

تل أبيب ــ دمشق... سقوط الضمانات

GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 08:41 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر
المغرب اليوم - إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر

GMT 08:59 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024
المغرب اليوم - الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024

GMT 09:23 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح للعناية بالأرضيات الباركيه وتلميعها
المغرب اليوم - نصائح للعناية بالأرضيات الباركيه وتلميعها

GMT 10:24 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء
المغرب اليوم - نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 13:23 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف أسراراً جديدة عن مسيرته الفنية
المغرب اليوم - خالد النبوي يكشف أسراراً جديدة عن مسيرته الفنية

GMT 17:10 2017 الإثنين ,24 إبريل / نيسان

مصطفى قمر ضيف غادة عادل في "تعشب شاي"

GMT 07:37 2017 الخميس ,15 حزيران / يونيو

الأناقة تغيب عن ملابس الرجال في أسبوع موضة لندن

GMT 20:46 2017 الإثنين ,18 أيلول / سبتمبر

أخطاء يفضل تجنبها في ديكور المنزل العصري

GMT 10:58 2021 الثلاثاء ,13 تموز / يوليو

ريال مدريد يتحرك لضم موهبة برشلونة خاومي جاردي

GMT 20:19 2018 الأربعاء ,13 حزيران / يونيو

الكشف عن أسباب تراجع أسعار النفط عالميًا

GMT 15:58 2018 الإثنين ,16 إبريل / نيسان

محمد أوزال يكشف عن سعادته بثقة الرجاويين

GMT 06:17 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

"Pop.Up Next" السيارة الطائرة بمقصورة الركاب المميزة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib