فى انتظار السلام أو الحرب
وزارة الصحة في قطاع غزة تُعلن إرتفاع عدد الشهداء منذ العام الماضي إلى 43799 ونحو 103601 مصاباً الخارجية الإيرانية تنفي المزاعم بشأن لقاء إيلون ماسك بممثل إيران في الأمم المتحدة وزارة الصحة اللبنانية تُعلن ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على البلاد إلى 3452 شهيداً و14.664 مصاباً استشهاد اثنين من قيادات حركة الجهاد الفلسطينية في غارة إسرائيلية على سوريا استشهاد 5 أشخاص في غارة إسرائيلية على مدينة النبطية جنوبي لبنان مئات الإسرائيليين يتظاهرون في تل أبيب احتجاجاً على"تخريب صفقات الأسرى" استقالة وزيرة هولندية من أصول مغربية بسبب "تصريحات عنصرية" صدرت داخل اجتماع لمجلس الوزراء إستشهاد 7 فلسطينيين وإصابة آخرين في قصف إسرائيلي على خيم النازحين بمواصي خان يونس وزارة الصحة اللبنانية تُعلن ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلى على البلاد إلى 3445 شهيداً و14599 مصاباً استشهاد 3 أشخاص وجرح 9 في الغارة التي شنها جيش الاحتلال الإسرائيلي على منطقة المساكن الشعبية في صور جنوب لبنان
أخر الأخبار

فى انتظار السلام أو الحرب!

المغرب اليوم -

فى انتظار السلام أو الحرب

عبد المنعم سعيد
بقلم - عبد المنعم سعيد

لا أدرى كيف سيكون حال الصراع فى قطاع غزة وقت نشر هذا المقال، حيث تجرى تفاعلات متعاكسة فى نفس الوقت ما بين البحث الدؤوب عن «هدنة» تتيح وقتًا لمزيد من الجهد للوصول إلى السلام أو التسوية، سمِّها ما شئت، أو تجرى عمليات للتصعيد فى جبهات متعددة، هى باختصار حرب إقليمية واسعة النطاق. سوف نأتى لتفاصيل ذلك بعد قليل، ولكن اختصارها معلوم فى الأدب الإنسانى عندما نشرت مسرحية صمويل بيكيت «فى انتظار جودو»، التى عُرضت منذ عام ١٩٥٣ فى مسارح أوروبية عديدة. وربما كان جزء من شهرة العمل أنه كان موضوعًا لتفسيرات عديدة بين مدارس فكرية وفلسفية متنوعة لأنها تدور بين شخصين «فلاديمير» و«استراجون» التقيا على انتظار «جودو»، الذى لا يأتى أبدًا.

هناك دومًا شىء ما مفقود ينتظره الإنسان، أو البشر جميعهم، لكى يُخلصهم مما هم فيه، ولكن الغياب المستمر يجعل البحث عن «المنتظر» داخليًّا فى الذات، التى هى الأخرى غامضة وموحشة، ولا تقل تعقيدًا عن ذلك الخارج. العجيب أن المعرفة بالقادم لا تجعل المسألة أكثر سهولة وأقل تعقيدًا. السويسرى فريدريش دورينمات جعل نقطة البداية فى «الزيارة» (١٩٥٦) ليس انتظار الغائب، بل حضوره إلى مدينة «جولين»، المحرومة والفقيرة، فى شكل سيدة عجوز لديها من الأموال الكثير التى ترغب فى إنفاقها لإخراج المدينة من عثرتها، وأهلها من فقرهم، إذا ما قاموا بقتل حبيبها السابق، الذى اغتصبها فى صغرها. المأساة الإنسانية هكذا تكتمل حلقتها عندما يكون الحضور لا يقل تعقيدًا عن الغياب؛ ويصبح قول «النفرى» إن «تمام الظهور لابد من غياب» موضوعًا للتساؤل.

ولكن «جودو» ليس بالضرورة بشرًا يحل عقدة مدينة تبحث عن المخلص أو تنتظر العقاب على ذنوب ومعاصٍ؛ «جودو» يمكن أن يكون حالة طال دوامها، وراحت قوى كثيرة مجهولة وملموسة تهدد بالحرب والدمار، وقوى أخرى تبذل جهودًا فوق الطاقة من أجل التوصل إلى تسويات وبناء يعين البشر على السلام، ومَن يعرف، ربما السعادة أيضًا. الحقيقة هى أنه وقت كتابة هذا المقال كانت الجهود التى تبذلها مصر وقطر والولايات المتحدة من أجل التوصل إلى هدنة فى حرب غزة الخامسة قد وصلت إلى مراحلها الأخيرة.

فى الواقع أن إسرائيل قدمت إنذارًا بأن جولتها البرية العسكرية سوف تُستأنف فى إقليم رفح جنوب قطاع غزة مع مطلع شهر رمضان المعظم. الإنذار المحدد بسقف زمنى هو أخطر أنواع الإنذارات هو Ultimatum لأنه وقت التنفيذ يمكن توقع فتح كل أبواب جهنم. وفى نفس الوقت، الذى كانت فيه المحاولات جارية، والوفود بين أجهزة المخابرات والاتصالات بين القادة تذهب وتجىء؛ فإن جبهات عدة أخذت فى الالتهاب بالتصعيد القائم على ارتفاع حجم الحشود العسكرية، والقيام بعمليات الاغتيال لقادة عبر الحدود، والاشتباك المباشر فى أكثر من جبهة على حدود إسرائيل مع الضفة الغربية ولبنان وسوريا، وعبر العراق إلى سوريا والأردن؛ وأخيرًا وليس آخرًا، تهديد الملاحة والتجارة الدولية فى البحر الأحمر.

«جودو» سواء كان سلامًا أو حربًا يسفر عن نفسه تدريجيًّا فى اتجاه حرب دولية وصل فيها الخبراء العسكريون من إيران إلى ساحة إطلاق الصواريخ الحوثية؛ وتصاعدت عمليات الحشد البحرى الأمريكية والأوروبية فى البحر الأحمر. يجرى كل ذلك، بينما العمليات العسكرية الإسرائيلية تجرى فى غزة بوحشية، لا يردعها محكمة العدل الدولية، ولا البحث عن قرار فى مجلس الأمن.

حتى وقت نشر هذا المقال، ظل هناك نوع من الانضباط العسكرى على كل الجبهات؛ لم تعد الحرب سافرة عن وجه إيران، ولا وجه الولايات المتحدة فى مواجهة تُخلع فيها القفازات وتُرفع الأقنعة. المسموح به هو التصعيد الشفهى المصرح به للشيخ حسن نصرالله فى لبنان، وقادة حماس فى فلسطين، والمتحدث الرسمى باسم القوات الحوثية فى اليمن؛ وما تقرر عسكريًّا، حيث لا تحدث المواجهة المباشرة بين طهران وواشنطن. إيران تحاول الموازنة ما بين عصر التهدئة، الذى وُلد قبل شهور قليلة بينها وبين دول عربية عديدة؛ وحتى الولايات المتحدة بعد صفقة الأسرى مليارية الدولارات؛ وبين المضى قدمًا فى مواجهة مع الدولة العبرية، قبل أن تقوم الأخيرة بما تتوقعه من هجوم على قدراتها النووية. واشنطن من ناحيتها توازن ما بين تقديم حد من الردع يكفى لمنع توسيع نطاق الحرب؛ ومَن يعلم، فربما تكون الهدنة سبيلًا إلى تسوية أكبر للصراع الفلسطينى الإسرائيلى على أساس حل الدولتين. فى خلفية الصورة توجد العقدة الكبرى، التى يمثلها حضور «جودو» المضطرب بين القدوم والغياب؛ وهى أن تحقيق السلام على الصورة الموضحة كان هو السبب الرئيسى لنشوب الحرب لكى تفسد فرصة تسوية فلسطينية إسرائيلية على أكتاف سلام عربى إسرائيلى شامل. جودو يقع بين شقى رحى «الردع»، الذى يأتى من تكلفة الحرب وأهوالها؛ وإغراء وضغط القوى الدينية الأصولية على الجانبين العبرى والعربى فى تحقيق انتصار شامل يكفل الاستيلاء على كامل التراب الفلسطينى بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط.

مصر وسط هذه المعضلة «الوجودية» تبذل جهودًا مضنية لتجنب اتساع الحرب؛ وفى الحقيقة فإنها بذلت محاولات عدة خلال الأسابيع الأخيرة من أجل تقريب وجهات النظر بين حماس وإسرائيل. هى الدولة التى لم توقف قط الدفاع عن القضية الفلسطينية؛ وهى الدولة التى بدأت مبكرًا السلام مع إسرائيل؛ وهذا وذاك يترجمهما واقع الجغرافيا بين مصر وإسرائيل وفلسطين. تقف مصر فى انتظار «جودو» لأنها مهددة فى اللحظة الراهنة فى أكثر من جبهة؛ جبهتها الداخلية، حيث تتعرض خططها التنموية للضرر وقت أزمة اقتصادية تحملت الكثير من أزمات خارجية؛ وفى جبهتها الخارجية توجد التزاماتها القومية تجاه الشعب الفلسطينى؛ ومواجهة السعى الإسرائيلى بالسلاح للتهجير القسرى للفلسطينيين كما يريد المتطرفون الصهاينة؛ بينما تقوم قبائل الحوثى بتهديد الملاحة والتجارة إلى مصر وتعطيل عمل قناة السويس. التقدير والشكر واجبان للقيادة المصرية فى إدارتها لعمليات بالغة التعقيد والتركيب؛ وما لم تكن الهدنة الجديدة قد عُقدت وأتاحت أسابيع من الهدوء النسبى بعدها يكفل لطوابير ناقلات الإغاثة النفاذ إلى داخل غزة؛ فربما يكون الأوان قد آن لكى تسعى مصر لمشاركة الدول العربية التى أقامت سلامًا مع إسرائيل، وتلك التى كانت تتوجه إلى حل الصراع الفلسطينى الإسرائيلى لكى تقوم على استراتيجية تنظر فى المستقبل غير المباشر بانفراجة، لعل النقطة الأولى فيها هى المصارحة الكاملة مع إسرائيل- شعبًا وحكومة- بأنها لا تستطيع أن تجمع ما بين السلام والوحشية فى نفس الوقت؛ ومع المنطقة العربية كلها بأنه لا يمكن لدول المنطقة أن تحقق التنمية والازدهار، بينما تُسلم نفسها إلى ميليشيات تهدد سيادة الدول، وتجرها إلى صراعات إقليمية وعالمية فى نفس الوقت. هى معادلة جديدة وضرورية للدول العربية فى عصرها الحالى، ولا تقل تعقيدًا عن معادلة «جودو» الراهنة!.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فى انتظار السلام أو الحرب فى انتظار السلام أو الحرب



GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

GMT 17:27 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب الثاني

GMT 21:28 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

«هي لأ مش هي»!

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 22:16 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

منزل نتنياهو تعرض لسقوط قنبلتين ضوئيتين
المغرب اليوم - منزل نتنياهو تعرض لسقوط قنبلتين ضوئيتين

GMT 11:11 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

نظام غذائي يُساعد في تحسين صحة الدماغ والوظائف الإدراكية
المغرب اليوم - نظام غذائي يُساعد في تحسين صحة الدماغ والوظائف الإدراكية

GMT 18:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد فراج يكشف تفاصيل أحدث أعماله الفنية
المغرب اليوم - محمد فراج يكشف تفاصيل أحدث أعماله الفنية
المغرب اليوم - الاتحاد الأوروبي يُغرم شركة ميتا الأميركية بـ800 مليون دولار

GMT 04:24 2024 الأحد ,20 تشرين الأول / أكتوبر

صندوق النقد يوافق على صرف 1.1 مليار دولار لأوكرانيا

GMT 05:58 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

مناخا جيد على الرغم من بعض المعاكسات

GMT 15:25 2019 الثلاثاء ,07 أيار / مايو

عمرو خالد يكشف طرق رؤية الله في كل شيء حولنا

GMT 13:38 2019 الثلاثاء ,05 آذار/ مارس

مقتل راعي أغنام بسبب لدغة أفعى سامة في أزيلال

GMT 01:44 2019 الإثنين ,04 شباط / فبراير

قاصر مغربي يقدم على مغامرة خطيرة للهجرة السرية

GMT 15:14 2019 السبت ,02 شباط / فبراير

تعرفي على أفضل تصاميم الديكورات الزجاجية

GMT 10:42 2019 الأربعاء ,02 كانون الثاني / يناير

جماهير "الوداد" و"الرجاء" تقرر مقاطعة ديربي "الدار البيضاء"

GMT 18:33 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

رحيمي يتلقى عروضًا احترافية من أندية خليجية وتركية

GMT 17:04 2018 الخميس ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة تلغي ديونًا متراكمة في عنق مليون و200 ألف مغربي

GMT 11:59 2018 الإثنين ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

أشرف الخمايسي يهدي "جو العظيم" إلى أحمد خالد توفيق

GMT 23:03 2018 الإثنين ,15 تشرين الأول / أكتوبر

%35 من مبيعات الهواتف الذكية في الهند تمت عبر الإنترنت

GMT 00:06 2018 الخميس ,11 تشرين الأول / أكتوبر

المغربي أشرف حكيمي أفضل ظهير في "الدوريات الكبرى" بأوروبا

GMT 14:01 2018 الجمعة ,21 أيلول / سبتمبر

العثور على عظام بشرية مدفونة داخل جرة في مكناس

GMT 04:29 2018 الثلاثاء ,04 أيلول / سبتمبر

طارق مصطفى يؤكد إعجابه بأندية الدوري المغربي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib