بقلم - عبد المنعم سعيد
تدريجيا تعود الحرب الروسية الأوكرانية، ساخنة فى الواقع بالصدام المباشر على الجبهات داخل أوكرانيا، وبعض منها على الأطراف الروسية الملاصقة للحدود الأوكرانية. العودة دبلوماسية عندما انعقد مؤتمر دولى للسلام فى سويسرا بين موسكو وكييف لم تحضره الأولى بعد أن طرحت مبادرة السلام تعطيها كل ما وصلت إليه فى جبهات القتال، وتعهدا أوكرانيا، بالامتناع عن دخول حلف الأطلنطى. الغياب منذ صيف العام الماضى كان راجعا إلى أن آخر المشاهد فى الحرب كان تراجعا أوكرانيا، والسبب أن أوكرانيا لم تحصل على ماتحتاجه من ذخيرة وسلاح من حلفائها؛ والسبب الآخر مزيد من الحزم الروسى فى مواجهة هذا النقص. حرب غزة الخامسة نقلت دائرة الاهتمام إلى الشرق الأوسط مرة أخرى، سواء بمفاجأة 7 أكتوبر الحمساوية التى نتج عنها 1200 ضحية و253 أسيرا إسرائيليا أو بالهجمة البربرية الإسرائيلية على قطاع غزة حتى تجاوز عدد الضحايا 37 ألفا، والجرحى ضعف الرقم، أما التدمير من شمال غزة حتى رفح فى الجنوب فهو كامل. الآن فإن هذه الحرب دخلت فى النفق الدبلوماسى الذى لا يحقق وقفا لإطلاق النار ولا توجها نحو السلام؛ وما بقى مشروع لحرب طويلة.
أوكرانيا الآن تعود بحزمة هائلة من المساعدات التى وافق عليها الكونجرس، وكما هى العادة فإن الدفعة الأمريكية تولد دفعات أوروبية؛ أصبحت لأوكرانيا القدرة على رفض خطط السلام الروسية، والدفع فى اتجاه تدمير الأسطول الروسى فى البحر الأسود مع عدد من الغارات على أرض روسيا فى الشمال الشرقى. لم يعد فى الحرب من إمكانية إلا الاحتدام، والأرجح على كافة الجبهات؛ وهذه المرة تبدو كل القفازات منزوعة. وإذا كان الأمر فى غزة يزدحم فيه المفاوضون، وهناك خطط للسلام بعد وقف إطلاق النار، وكثير من الضجيج السياسى حول حرب إقليمية؛ فإن حرب أوكرانيا هذه المرة لن تقل إلحاحا والأمن الأوروبى يدخل مرحلة لم يصل إليها منذ الحرب العالمية الثانية.