إشكاليات العنف الأسرى
وزارة الصحة في قطاع غزة تُعلن إرتفاع عدد الشهداء منذ العام الماضي إلى 43799 ونحو 103601 مصاباً الخارجية الإيرانية تنفي المزاعم بشأن لقاء إيلون ماسك بممثل إيران في الأمم المتحدة وزارة الصحة اللبنانية تُعلن ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على البلاد إلى 3452 شهيداً و14.664 مصاباً استشهاد اثنين من قيادات حركة الجهاد الفلسطينية في غارة إسرائيلية على سوريا استشهاد 5 أشخاص في غارة إسرائيلية على مدينة النبطية جنوبي لبنان مئات الإسرائيليين يتظاهرون في تل أبيب احتجاجاً على"تخريب صفقات الأسرى" استقالة وزيرة هولندية من أصول مغربية بسبب "تصريحات عنصرية" صدرت داخل اجتماع لمجلس الوزراء إستشهاد 7 فلسطينيين وإصابة آخرين في قصف إسرائيلي على خيم النازحين بمواصي خان يونس وزارة الصحة اللبنانية تُعلن ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلى على البلاد إلى 3445 شهيداً و14599 مصاباً استشهاد 3 أشخاص وجرح 9 في الغارة التي شنها جيش الاحتلال الإسرائيلي على منطقة المساكن الشعبية في صور جنوب لبنان
أخر الأخبار

إشكاليات العنف الأسرى

المغرب اليوم -

إشكاليات العنف الأسرى

عبد المنعم سعيد
بقلم - عبد المنعم سعيد

«الإشكالية» في البحث العلمى أكثر شمولًا من «المشكلة» لأن هذه الأخيرة أكثر تحديدًا، ومتغيراتها محدودة، وإمكانيات التعامل معها متاحة بتكلفة معقولة، كما أنها تقع في سلم الأولويات للفرد أو للدولة أو للعالم بشكل يمكن حسابه. الأولى أكثر تعقيدًا، وفى الأغلب هي مركب من المشكلات، التي إذا ما عولجت واحدة منها تفتق عنها عدد من المشكلات الأخرى، ربما الأكثر قسوة واستعصاء على الحل. هي ظاهرة كاملة من العقبات التي تتبادل التأثير فيما بينها، فإذا ما تم حل واحدة منها تغير الواقع كله خارجًا بالقضية بأسرها إلى مجال جديد من الإشكاليات.

واحدة من هذه «الإشكاليات» المركبة ناقشها مجلس الشيوخ، في جلسات الأسبوع الماضى، عندما جرَت مناقشة دراسة «ظاهرة العنف الأسرى: الأسباب والآثار وسبل المواجهة». الدراسة عُرضت في شكل تقرير قدمته لجنة حقوق الإنسان والتضامن الاجتماعى بالمجلس، بمشاركة من مكاتب لجان الشؤون الدستورية والتشريعية والثقافة والسياحة والآثار والإعلام والشؤون الدينية والأوقاف. وقدم التقرير المهندس محمد هيبة، رئيس لجنة حقوق الإنسان، معبرًا عن سلسلة من اللقاءات بين هذه الكتيبة من أعضاء المجلس، مضافًا لها أكثر من كتيبة أخرى تمثل كافة أجهزة الدولة المعنية بالأمر. الظاهرة التي عالجها التقرير هي الزيادة الملحوظة في حوادث العنف الأسرى على مستوى العالم مقاسًا بالمقارنة بين عامى ٢٠١٩ (قبل الجائحة) و٢٠٢٠ (بعد الجائحة بعام)، وبحسب تقرير صندوق الأمم المتحدة للسكان، فقد وُجدت زيادة بنسبة ٢٠% في حوادث العنف الأسرى بالدول الأعضاء في الأمم المتحدة (١٩٣ دولة) خلال عمليات الإغلاق بسبب جائحة الكورونا.

.. التقرير هكذا ضرب في الصميم مقولات ذاعت إبان البلاء بأنه أما وأن البلاء قد جمع أفراد الأسرة معًا بسبب القيود التي فرضتها الأزمة، فإن «العنف الأسرى» سوف يتقلص نتيجة الاقتراب والتفاهم المتوقع والوقت المتاح لحل المشكلات المستعصية.

الشائع هو أن مصر لم تكن استثناء مما يجرى في العالم، وطالها أيضًا ذلك الاستحكام الذي طال قضية العنف الأسرى في العالم؛ ولكن الحقيقة تبدو مغايرة لذلك. وطبقًا لما جاء في التقرير، فإن «لجنة رصد وتحليل أسباب بعض الجرائم بالمجتمع المصرى»، والتى تشكلت بموجب قرار من وزيرة التضامن الاجتماعى، رصدت «انخفاض» إجمالى جرائم الجنايات والسرقات المهمة والعنف ضد المرأة والطفل والجرائم الأسرية خلال عام ٢٠٢٠ مقارنة بعام ٢٠١٩ بنسبة ١٤.٩٪ وكذلك خلال عام ٢٠٢١ مقارنة بعام ٢٠٢٠ بنسبة ٢.٧٪. الإحصاءات التي أصدرتها وزارة العدل تشير بوضوح إلى أن الأوضاع في مصر ملتبسة من حيث قضايا العنف الأسرى أمام المحاكم المصرية المرفوعة في عام ٢٠٢١- ٢٠٢٢، حيث نجد زيادة في عدد القضايا المرفوعة من الزوجة ضد الزوج، بينما انخفضت القضايا المرفوعة من الزوج ضد الزوجة. كذلك فقد تفاوتت نسب الانخفاض أو الارتفاع أمام محاكم الأسرة، و«تخلو أغلب محاكم محافظات الصعيد من قضايا العنف الأسرى»، كما تخلو محافظتا الدقهلية وبورسعيد وشمال سيناء من العنف الأسرى. البحث الصادر عن المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية بعنوان «العنف في الحياة اليومية في المجتمع المصرى»، والذى صدر عام ٢٠٢٢، رصد وجود زيادة في المشادات الكلامية بين الأزواج قدرها ١٥.١٪ مقارنة بدراسة مماثلة جرَت في عام ٢٠٠٢ قبل عشرين عامًا، وأرجعت الدراسة ذلك إلى التطور التكنولوجى والانفتاح على مجتمعات أخرى. «المسح الصحى للأسرة المصرية» عام ٢٠٢١ الصادر عن الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، والذى جرى فيه بحث ظاهرة الختان باعتبارها مظهرًا من مظاهر العنف الأسرى، كانت نتيجة البحث هي انخفاض نسبة الختان بين السيدات والبنات. وأشار البحث أيضًا إلى انخفاض استخدام أساليب التربية العنيفة للأطفال في الأسرة المصرية.

الاستثناء من هذه الدراسات جاء في استطلاع الرأى الذي أجراه المركز المصرى لبحوث الرأى العام «بصيرة» ٢٠٢٠، والذى توصل إلى أن العنف بين أفراد الأسرة سواء جسديًّا بين الزوجين أو من الأبوين للأولاد قد زاد بنسبة ١٩٪ عام ٢٠٢٠ خلال أزمة جائحة الكورونا. ولكن هذا الاستثناء ربما يدفع إلى المزيد من بحث الظاهرة من خلال استطلاعات مباشرة للرأى العام، ولكن النتيجة العامة لكل الدراسات مجتمعة تقود إلى نتيجتين: أولاهما أن هناك أزمة «عنف أسرى» في مصر، ولكنها تتباين بين المحافظات والمناطق. وثانيتهما أن هذه الظاهرة لم تتزايد نتيجة جائحة الكورونا، وأن مصر على الأرجح شكلت استثناء من الظاهرة العالمية، كما حدث بالنسبة للنمو الاقتصادى، الذي استمرت معدلاته إيجابية، وهو ما لم يحدث إلا في عدد محدود من دول العالم. الأمر المهم هنا، والذى لا يمكن إغفاله، هو أن عدم مسايرة النتائج المصرية للنتائج العالمية يشير إلى نجاعة الأساليب التي تقدمها الدولة المصرية، وخاصة وزارة الشؤون الاجتماعية، لمعالجة ظاهرة خطيرة ودفعها إما إلى التباطؤ أو التراجع.

وإذا كان ذلك كذلك، فلماذا إذن توجد تلك الحالة من التشاؤم المتعلقة بالعنف الأسرى في مصر، والذى ظهر بشكل كبير في مناقشات مجلس الشيوخ، والانطباعات الشائعة في المجتمع المصرى؟. لجنة حقوق الإنسان بالمجلس أجرَت استطلاعًا للرأى العام، فوجدت أن ٧١٪ مقابل ٢١٪ من المصريين يرفضون سلوك العنف الأسرى، بينما رأى ٥٤٪ أن العنف الأسرى منتشر بدرجة ما داخل المجتمع مقابل ٤٦٪ ذكروا أنه منتشر بدرجة كبيرة. هذه الفجوة الكبيرة بين «الرأى» برفض العنف الأسرى، والتصور بأنه منتشر وشائع توضح الحالة القلقة للتعامل مع الموضوع لدى المواطن المصرى. وهو قلق يمكن إرجاعه إلى أن قضية العنف الأسرى ترجع كما هو الحال مع إشكاليات مصرية أخرى إلى حزمة الأسباب التي يمكن ذكرها فيما يتعلق بالمشكلات والمعضلات المصرية المختلفة، ممثلة في الزيادة السكانية والفقر وانتشار الأمية والضغوط الدولية والعقبات والمفاجآت، التي تواجه عملية التنمية، وتجعلها لا تنضج بالسرعة الكافية لتلافى الإشكاليات المختلفة وتتجاوزها.

ظاهرة «العنف الأسرى» يستعصى التعامل معها كلما تباطأت عملية التنمية، ولكنها تأخذ في التراجع عندما تتزايد وتتسارع معدلات نموها، وتجرى قفزة في طاقات المجتمع، فتشحب تأثيرات الإشكاليات الأخرى المشار إليها. ويبقى بعد ذلك أن أحد العناصر المهمة التي جرى تناولها في مجلس الشيوخ يتعلق بالإعلام والفنون بشكل عام، بما فيها لعب الأطفال. ولكن هناك حقائق ينبغى التنبه لها في هذا الصدد: أولاها أن الإعلام والفنون لها وظائفها الخاصة داخل المجتمع، وهى تدور حول استقصاء حالة المجتمع كما هي ودون إضافات تجميلية. وثانيتها أن الإعلام قد بات ظاهرة عالمية وإقليمية وافتراضية بقدر ما هي حقيقية. وثالثتها أن مصر مندرجة بالفعل في ثورة رقمية هدفها تحديث البلاد ورفعها إلى مصافّ الدول المتقدمة. ورابعتها أن التطورات التكنولوجية في العالم تجرى بسرعات غير معتادة تاريخيًّا، وهى في حقيقتها مثل النار يمكنها أن تحرق، ويمكنها أن تكون بردًا وسلامًا على مستخدميها تنمى ضميرهم في رفض العنف سواء كان للأسرة أو لغيرها.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إشكاليات العنف الأسرى إشكاليات العنف الأسرى



GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

GMT 17:27 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب الثاني

GMT 21:28 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

«هي لأ مش هي»!

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 11:11 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

نظام غذائي يُساعد في تحسين صحة الدماغ والوظائف الإدراكية
المغرب اليوم - نظام غذائي يُساعد في تحسين صحة الدماغ والوظائف الإدراكية

GMT 18:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد فراج يكشف تفاصيل أحدث أعماله الفنية
المغرب اليوم - محمد فراج يكشف تفاصيل أحدث أعماله الفنية
المغرب اليوم - الاتحاد الأوروبي يُغرم شركة ميتا الأميركية بـ800 مليون دولار

GMT 16:47 2022 الجمعة ,14 كانون الثاني / يناير

حزب التجمع الوطني للأحرار" يعقد 15 مؤتمرا إقليميا بـ7 جهات

GMT 23:38 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

3 أهداف وانتصاران لحمدالله أمام النصر

GMT 23:35 2024 السبت ,19 تشرين الأول / أكتوبر

سعر صرف الدرهم يتحسن مقابل الأورو وينخفض أمام الدولار

GMT 04:03 2024 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

اتحاد طنجة يفوز على أولمبيك آسفي

GMT 18:23 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 18:55 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

محمد صلاح يتنافس بقوة مع هازارد على مكان في الريال

GMT 23:33 2016 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تأخير قطع الحبل السري مفيد للمولود

GMT 01:55 2014 الخميس ,01 أيار / مايو

"الفريكة" و"البرغل" تراث موسمي لفلاحي غزة

GMT 00:18 2020 الأربعاء ,03 حزيران / يونيو

قصص لينكدإن تصل للمستخدمين في الإمارات

GMT 18:23 2019 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

يا آسفي علينا !!

GMT 02:54 2019 الجمعة ,04 كانون الثاني / يناير

بدران يكشف مخاطر نقص فيتامين د على صحة الإنسان
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib