بقلم - عبد المنعم سعيد
«جورنيكا» الفلسطينية كانت آخر المشاهد التى شاهدناها عن غزة من تدمير ودمار. والعام يقترب من نهايته فإن الأنفاس معلقة على انتظار «هدنة» يجرى فيها تبادل الرهائن مع الأسري، وتلتقط غزة بعضا من أنفاسها مع اندفاع حافلات الإغاثة الغذائية والطبية. الهدنة لا تعنى انتهاء القتال، فلعلها سوف تكون ساحة أخرى من ساحات الحرب الإسرائيلية الفلسطينية. ولكن حرب غزة سوف تظل معلقة فى الأذهان وفظائعها ورعبها ونكبتها المستمرة؛ وأكثر من ذلك أنها وضعت موضع الاختبار ساحات قتالية أخرى يقود فيها الجانب المؤيد لحماس ميليشيات لبنانية وسورية وعراقية ويمنية. لم تكن نتيجة الاختبار أفضل حالا مما حدث فى غزة، ولعل اللحظة الفاصلة فيها كانت عندما وجد ثلاثة آلاف من مقاتلى حزب الله أداة اتصال «البيجر» فى جيوبهم تنفجر، تقتل وتجرح وتصيب بالعمى. بعد الواقعة والاغتيال لزعيم حزب الله حسن نصر الله أخذت الحرب على الجبهة اللبنانية فى الانهيار، وكانت أولى الجبهات التى جرى فيها وقف إطلاق النار، بينما يعود الحزب إلى ما وراء نهر الليطانى على وعد لخروج إسرائيل من الجنوب اللبنانى على أن يحل الجيش اللبنانى مكانهما.
الحرب على الجبهة اليمنية ظلت الأطول عمرا، ولكنها كانت الأقل تأثيرا؛ بينما جرى تدمير الجبهة السورية بالإطاحة بنظام بشار الأسد، وانسحاب حزب الله من سوريا، وقوات الحرس الثورى الإيرانى هى الأخري؛ وتوقفت قوات الحشد الشعبى العراقية عن إرسال الصواريخ بعد أن حل الوعيد ببغداد، وانتهت وحدة الساحات والمساندة. تغير الشرق الأوسط مرة أخرى وانقلب رأسا على عقب، وبزغ نفوذ تركى متزايد يوحى بقيادة ترتيب الأوضاع فى سوريا؛ ولكن غرضه الأساسى فى الشمال سوف يظل عصيا على الترويض على جبهة الأكراد وقوات سوريا الديمقراطية. إسرائيل من جانبها استغلت الفرصة بتصفية الجيش السورى وحرمانه من التسليح والتدريب مع ما لديه من أسلحة كيميائية وصواريخ. بات على السلطة الجديدة فى دمشق أن ترتب الأوضاع.