فتح التاريخ الأميركي

فتح التاريخ الأميركي

المغرب اليوم -

فتح التاريخ الأميركي

عبد المنعم سعيد
بقلم - عبد المنعم سعيد

أرجو أن تكون «مذكرات جاريد كوشنر» ترجمةً صحيحةً لعنوان Breaking History، طالما أن الترجمة الحرفية سوف تعني «كسر التاريخ». وهذه أبعد ما تكون عن مضمون ما ورد في الكتاب الذي ربما سوف يقف في طليعة الكتب عن «فض أختام أو أقفال» إدارة أميركية لم يحط بها أثناء وجودها في البيت الأبيض، أو بعد رحيلها عنه، سوى التطرف في الحكم. فربما كانت إدارة دونالد ترمب أكثر من كتب عن رئيس أثناء وجوده في السلطة؛ والأكثر ممن خرجوا على طاعته وساهموا في رسم صورة لرئيس غير قادر على الرئاسة.

جاء ذلك من محاميه، ومن معاونيه، ومن المقربين منه، ومن صحافيين مثل بوب ودورد الذي نقل عنه وعن مصادر البيت الأبيض ما يجعل رئيس الولايات المتحدة دونالد ترمب يتراوح ما بين المختل والمافيوزو (زعيم المافيا) والعنصري الأبيض عديم الكفاءة والمعادي للمؤسسات الأميركية والمتهجم على النساء. في الجانب المقابل، أصبح ترمب «زعيماً» جماهيرياً، تندفع الجماهير نحو لقاءاته وحملاته الانتخابية، كما لم يحدث لرئيس أو مرشح في التاريخ الأميركي المعاصر. وفي سبيله تلقفت هذه الجماهير حجته عن تزوير الانتخابات الأميركية، ليس فقط بالتصديق، وإنما أكثر من ذلك بالاستعداد للهجوم على مبنى الكونغرس من أجل فرضه مرة أخرى على البيت الأبيض. جاء التأييد من عصبيات بيضاء، بعضها جرى وراءه دفعاً لما اعتقدوه من ظلم للبيض الأميركيين، والبعض الآخر لأنهم رأوا في المعسكر الديمقراطي المقابل رخاوة ليبرالية تسلم البلاد لغرباء جاءوا من كل حدب وصوب، والبعض الثالث رأى فيه رئيساً قوياً قادراً على الفعل والإنجاز.
كون «كوشنر» مستشاراً للرئيس، وقريباً منه شخصياً بفعل زواجه من ابنته «إيفانكا»، ووجوده الدائم في البيت الأبيض مسؤولاً عن كثير من الملفات الهامة، يعطي كتابه كثيراً من المصداقية. وقد صدرت المطبوعة بعد إقرار كليهما (جاريد وإيفانكا) بخطأ ترمب فيما يتعلق بنتيجة الانتخابات الأميركية التي أسفرت عن فوز جوزيف بايدن؛ حيث الحقيقة أولاً أن الانتخابات لم تزور؛ وثانياً أن القول بذلك يضعف من الديمقراطية الأميركية وصورة أميركا في العالم. الرسالة الرئيسية التي تفضّ كثيراً من الأختام الأميركية الذائعة، أن الرئيس ومعاونيه حققوا إنجازات رائعة سوف تحسب لهم على مرّ التاريخ، أولها الاتفاقيات التجارية التي عقدها وأعادت للأميركيين فوائد كبيرة؛ وثانيها النجاح بالتعاون مع الديمقراطيين في إصدار قانون لإصلاح نظام العدالة الجنائية؛ وثالثها إطلاق عملية «ووب سبيد» التي أنتجت اللقاح الذي بات حجر الزاوية في مقاومة «كوفيد 19»، ورابعها - وهو الأهم بالنسبة لنا في العالم العربي والشرق الأوسط - مناصرة الاتفاقيات الإبراهيمية لعقد اتفاقيات سلام بين إسرائيل و5 دول ذات أغلبية مسلمة، هي الإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب والسودان وكوسوفو؛ ومعها خامساً المساهمة في حل الخلافات بين دول عربية ودولة قطر.
الكتاب فيه ما هو أكثر من ذلك من التفاصيل والحكي المصاحب لكتابات اليهود الأميركيين، التي تبدأ بالمأساة الإنسانية المروعة الكبرى للهولوكوست؛ حيث كان جده وجدته، وتنتهي بالدور القيادي في بناء الدولة الأميركية حيث كان والده ووالدته. ولكن ما يهم هنا هو أن المؤلف يحاول أن يظهر سجل ترمب كقائد فاعل في الدولة وتاريخها، ومهما كان الخلاف حول نتائج الانتخابات الماضية، فإن الباقي دائماً هو الانتخابات المقبلة. وهذه المرة، فإن هذه الانتخابات بدأت مبكرة للغاية، مع الانتخابات التمهيدية في الحزبين الجمهوري والديمقراطي، الخاصة بانتخابات التجديد النصفي لمجلسي الكونغرس، التي لعب فيها ترمب دوراً هاماً ظهر فيها كحكم في حزبه، ومصدر تهديد كبير للرئيس الحالي، وفقاً لاستطلاعات الرأي العام. نجح ترمب في إقصاء 10 من الجمهوريين في مجلس النواب، إما أثناء الانتخابات أو بالانسحاب منها، أو بالخروج من الحياة العامة، وكان آخرهم نجمة هامة من نجوم الحزب «ليز شيني» التي تزعمت الهجوم على ترمب في اللجنة التي شكّلها الكونغر

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فتح التاريخ الأميركي فتح التاريخ الأميركي



GMT 22:27 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

تل أبيب ــ دمشق... سقوط الضمانات

GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 08:41 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر
المغرب اليوم - إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر

GMT 08:59 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024
المغرب اليوم - الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024

GMT 09:23 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح للعناية بالأرضيات الباركيه وتلميعها
المغرب اليوم - نصائح للعناية بالأرضيات الباركيه وتلميعها

GMT 13:23 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف أسراراً جديدة عن مسيرته الفنية
المغرب اليوم - خالد النبوي يكشف أسراراً جديدة عن مسيرته الفنية

GMT 09:38 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

تحقيق يكشف عن تقييد "فيسبوك" للصفحات الإخبارية الفلسطينية
المغرب اليوم - تحقيق يكشف عن تقييد

GMT 18:13 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

مشاريع استثمارية تخلق 14500 منصب شغل

GMT 11:12 2023 الأربعاء ,28 حزيران / يونيو

مدينة "ذا لاين" في السعودية قطعة فنية للحالمين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib