رأس المال الدائم
شركة سبيس وان اليابانية تُعلن إلغاء محاولتها الثانية لإطلاق صاروخ يحمل أقماراً اصطناعية إلى الفضاء تأجيل عودة رائدي فضاء ناسا العالقين في محطة الفضاء الدولية إلى الأرض حتى الربيع إرتفاع حصيلة جديدة لضحايا زلزال فانواتو إلى 14 شخصاً وما لا يقل عن 200 مصاباً الرئيس الفرنسي يزور جزيرة مايوت للوقوف إلى جانب السكان بعد مرور الإعصار المدمر "شيدو" الولايات المتحدة تدعو إيران إلى ضرورة الإفراج عن صحافي أميركي بنيامين نتنياهو يوجه رسالة من قمة جبل الشيخ بعد سيطرة الجيش الإسرائيلي عليها فور سقوط بشار الأسد كتائب القسام تعلن مقتل وجرح 14 جندياً إسرائيلياً في مخيم جباليا شمالي قطاع غزة إسرائيل وحركة حماس تقتربان من التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة مقتل جنديين إسرائيليين وأصابة 5 آخرون في انهيار مبنى بعد استهدافه من قبل المقاومة في رفح جنوب قطاع غزة تشيلسي الإنكليزي يُصدر بيان رسمي ينفى تناول لاعبه الدولي الأوكراني ميخايلو مودريك المنشطات
أخر الأخبار

رأس المال الدائم؟!

المغرب اليوم -

رأس المال الدائم

عبد المنعم سعيد
بقلم - عبد المنعم سعيد

فى مقال الأسبوع الماضى عن تشكيل الوزارة الجديدة، وما ذكرته أن واحدة من مهامها هى بعث كل ما لديها من «رأسمال» ميت ابتداء من ٨٥٠ ألف كيلومتر مربع لم تستغل بعد؛ ولكنها أصبحت متاحة بفعل البنية الأساسية الجديدة؛ وحتى «تشغيل التغيير» أى الاستفادة من كل التغييرات التى جرت على الأرض من مناطق صناعية إلى بحيرات بحرية إلى مدن جديدة، كلها قابلة وجاهزة للاستثمار. ما نضيفه هنا هو أن هناك ما هو مصدر لرأس المال الدائم الذى لا ينضب والنابع من ثقافتها التاريخية وموقعها الجغرافى. ما لفت نظرى إلى هذه الثروة التى تختلف عن الثروات التى تنضب مثل البترول والغاز هو «البودكاست» «ما هو الحل؟» الذى أدارته د. رباب المهدى مع عالمة الآثار باكينام حنا الذى قام على حجة هامة وهو دور الثقافة المصرية الغلابة على كل ما تقاطع مع مصر من حضارات بحيث تستوعب القادمين إلى داخلها وتتفاعل معهم بفيض من التأثير. وبغض النظر عن النقطة الهامة التى أثارتها العالمة من الجهود الكبرى لفصل الواقع المصرى الحالى عن هذه الحضارة التى تحولت عمليا إلى نوع من «العُهْدَة» التاريخية لدى الحكومة المصرية مع انفصال غير قليل مع الجمهور المصرى؛ فإن المسألة، كما كل المسائل، هى كيف نغير ذلك، وجعله من وظائف الحكم وواجبات الحكام إزاء المحكومين.

قبل عقد تقريبا وفى عام ٢٠١٤ قرأت كتاب «توبى ويلكنسون» «النيل: رحلة إلى أدنى النهر قاطعا فى مصر ماضيها وحاضرها». الكتاب بالغ الغنى من زوايا كثيرة، ولكن ما لفت النظر هو وجود الكثير من الآثار الفرعونية داخل الصحراء الشرقية من معابد وغيرها دون معرفة ذائعة بها نظرا لأنها ببساطة ليست على الخطوط القائمة للسياحة المصرية، فلا يصلها طريق ولا سكك حديدية ولا مطارات ولا شركة تعرف ماذا تفعل بها. حتى وقت قريب كان ذلك أيضا صادقا على الصحراء الغربية التى ثبت أن بها فيضا من الآثار والمعابد المصرية التى يحتمل أنها كانت تقوم على ضفاف نهر أو أنهار نيلية أخرى. كانت هذه المعلومات تعطى مصداقية للقول الذائع إنه يوجد فى مصر ٧٠٪ من آثار العالم، وثلثاها لم تكتشف بعد. وقبل أسابيع نشر «جو مارشانت» مقالا فى «مجلة السمسونيون» التى تصدر عن معهد «Simthonion» الشهير فى واشنطن بعنوان «الحضارة المصرية القديمة المدفونة» والذى يحكى قصة ميناء مصرى قديم «بيرنايك أو Berenike» قريب جدا من البحر الأحمر ويحتوى على ما يشير إلى علاقات وثيقة لحضارات العالم المختلفة وجماعات بشرية فى الجزيرة العربية وشرق إفريقيا وبعيدا حتى الهند. الميناء به معبد «إيزيس» الركن الأساسى فى الديانة الأوزيرية؛ ولكن معه كانت الإشارات لبضائع وأطعمة ومعابد بوذية؛ أما المدينة الملاصقة له ففيها أسواق ومعابد ومناطق إدارية تمنح تصاريح الإقامة ورسوم الجمارك.

الخلاصة أن مصر بالجغرافيا والديموغرافيا لم تكتشف كلها بعد، وإذا كان المكان عبقريا من حيث وسطيته ومركزيته فى العالم القديم، فإن المصريين كان بوسعهم استيعاب حضارات كثيرة والتواصل معها فى تبادل دائم للمعرفة والسلع. من جاءوا إلى مصر من إغريق ورومان تلبسوا الحضارة المصرية وانتفعوا من غناها حتى أصبحوا جزءا منها. سيرة الملكة «كليوباترا» آخر ملوك الإغريق على مصر فضلا عن معرفتها بلغات القوى الكبرى فى عصرها فإنها كانت تعرف اللغة المصرية القديمة بإتقان، وكان ذلك حال سبع ملكات باسم كليوباترا أيضا سبقنها، ولم تكتب الشهرة فى عالمنا إلا مع الأخيرة ولكن جميعهن مع اللغة كان لا بد من تتويجهن وفقا للطقوس والتقاليد المصرية. ما الذى جرى لذلك كله وقطع الصلة بين مصر ورأسمالها الدائم؟، إنه قضية ولاية المؤرخين والعلماء، ولكن السياسة دورها ليس فقط توزيع الموارد، وإنما أكثر من ذلك اكتشافها أو إعادة اكتشافها واستثمارها وإتاحة الفرصة لمن يستثمرها. وهنا، وعلى الأرجح، تكمن إشكالية الخلافات التى تكثر عادة بين العلماء ورؤيتهم وعما إذا كانت تبقى الآثار على حالها بعفتها، وحمايتها من منطق الحضارة الحديثة ومواكب السائحين، وفيهم المثقف الذى يحمى الماضى وينعم بعمق المعرفة فيه، ومنهم الذى جاء لمشاهدة آثار عجيبة والاستمتاع بالدهشة إزاء عظمة التاريخ القديم. الإشكالية تتعمق أكثر عندما ينفصل رأس المال الدائم عن الجمهور المصرى صاحبه ومالكه وأول المسؤولين عنه دونما وعى وتفاعل يعبر عنه ما بين المصريين أنفسهم، وما بينهم وبين زوارهم.

مثل هذه الإشكاليات ليست جديدة على العالم ولا علينا وبالتأكيد مع المتخصصين، وما نحتاجه ربما هو التعرف القريب من التجربة العالمية فى هذا المضمار؛ وفى نفس الوقت التعود أن فى الأمر مدارس مختلفة، كل منها يعتقد فى أصالته المطلقة؛ ولكن الحكمة يمكنها أن ترجح وتختار. المهم دائما أيا كانت خيارات الحكومة فهو حماية ما تقوم به من تغيير مع قدر كبير من الحزم والحسم. أدهشنى كثيرا ما جرى من تغيير فى طريق صلاح سالم، حيث قامت الجدران فى قدر غير قليل من الأناقة، ومن الواضح أنه جزء من المشروع الأكبر لتطوير منطقة الفسطاط. من يراقب الطريق بصورة منتظمة فى عملية تطويره لا بد أنه وضع يده على قلبه عما إذا كان المشروع سوف يكتمل أو لا، وإذا اكتمل ما الذى سوف يحدث له. عادة فإن مثيله من الإصلاحات فى السابق كان سرعان ما يبدأ إفساده عن طريق استخدام تكنولوجيا كتابة أرقام تليفونات ورش إصلاح السيارات، ومعاهد تحفيظ القرآن. الجديد الذى أضيف فى طريق صلاح سالم هو نزع أجزاء من مربعات الحوائط فتأخذ طريقها إلى العرى. الأمر كله ينطبق على أنفاق الطريق الدائرى التى جرى تغطيتها بالقيشانى الذى يمكن انتزاعه بسهولة.

حماية «التغيير» فى مشروعات رأسمال مصر الدائم هى التى تعطينا الفرصة لمعرفة مقداره وتأثيره وتسويقه والمدى الذى يكون فيه متفاعلا مع الجمهور الذى يعيش فيه وحوله. المؤكد أن الواقع ما قبل مشروعاتنا الحديثة كان مأساويا من كل جوانبه؛ ولكننا لا نستطيع تجاهل الفجوة الثقافية والفكرية التى تحول التغيير وبسرعة كبيرة إلى واقع لا يقل مأساوية عما سبق. فى عام ١٩٨٧ كنت فى مؤسسة بروكينجز عندما ذهب صديقى د. وليام كواندت بزيارة القاهرة للمشاركة فى افتتاح أحد مشروعات المعونة الأمريكية، وعندما عاد قال لى ما بين المزاح والأسى إن المصريين لا يعرفون مفهوم «الجديد»، فلا بد أن يتحول كل شىء وبسرعة بالغة إلى مفهوم «العتيق» الذى يتناسب مع تاريخ طويل فى تحويل حتى ما هو حديث إلى أثر. كان قد مضى على انتهاء مبنى المشروع ثلاثة شهور فقط عندما جاء وقت الافتتاح كان قد تحول إلى أمر تاريخى آخر.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رأس المال الدائم رأس المال الدائم



GMT 22:27 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

تل أبيب ــ دمشق... سقوط الضمانات

GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 08:41 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر
المغرب اليوم - إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر

GMT 08:59 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024
المغرب اليوم - الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024

GMT 09:23 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح للعناية بالأرضيات الباركيه وتلميعها
المغرب اليوم - نصائح للعناية بالأرضيات الباركيه وتلميعها

GMT 10:24 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء
المغرب اليوم - نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 13:23 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف أسراراً جديدة عن مسيرته الفنية
المغرب اليوم - خالد النبوي يكشف أسراراً جديدة عن مسيرته الفنية

GMT 19:20 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

بوسفيان يغيب عن قمة الرجاء والجيش

GMT 15:57 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

لا تكن لجوجاً في بعض الأمور

GMT 23:12 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

زيدان يفاجئ الجمهور برحيله عن ريال مدريد

GMT 21:39 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

بركان تهزم لوندا سول بكأس الكاف

GMT 14:23 2022 الجمعة ,21 تشرين الأول / أكتوبر

يوفنتوس في اختبار جديد ضد إمبولي في الدوري الإيطالي

GMT 00:02 2021 الخميس ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جمهور الرجاء يوجه طلبا خاصا لرئيس النادي عقب هزيمة أسفي

GMT 11:29 2019 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

شرطة أغادير تتأهب لتأمين احتفالات رأس السنة

GMT 17:19 2019 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

نوريتش سيتي يفقد جهود جودفري 6 أسابيع بسبب الإصابة

GMT 19:50 2019 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

الشرطة الإسبانية تصادر أقنعة ميسي عقب الكلاسيكو

GMT 11:09 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

ماني ينافس ماديسون على جائزة لاعب الشهر في البريميرليج

GMT 00:03 2019 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

الفيلم المغربي "آدم" ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان قرطاج 2019
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib