بقلم - عبد المنعم سعيد
لم تكن الحرب الفلسطينية الإسرائيلية ساكنة بين حرب غزة الرابعة وتلك الخامسة؛ كانت هناك حروب صغيرة مشاكسات أو مباريات تدار بين الأشبال بينما النظارة ينتظرون انفجارا يستحق إطلاق اسم الحرب. جرت مواجهة استمتعت فيها منظمة الجهاد الإسلامى بتمثيل الشعب الفلسطيني؛ وكان صدام بين إسرائيل وشباب جنين. سكون حماس فى هذه الحروب واكتفاؤها بأصوات وحناجر عالية؛ كان شهادة لدى إسرائيل بترويض الجماعة من خلال نقل عشرات الملايين التى ترسلها قطر، واستمرار التيار الكهربائى إلى غزة، وتمتع الصيادين فى القطاع بصيد السمك فى ساحل المتوسط، وتقديرا للعطية الإسرائيلية بالسماح لما عدده 23 ألف غزاوى بالعمل فى إسرائيل ينقلون فيها «الشيكل» الإسرائيلى إلى اقتصاد منهك. لم يكن التغير فى حماس وإنما فى إسرائيل التى أصيبت بالعمى الإستراتيجى لتجاهل الانقلاب الجارى لدى إيران وحماس بضرورة اعتراض التغيرات التى تقلب توازن القوى فى المنطقة والناجم عن الاتفاق السعودى الإسرائيلى المنتظر الذى يحقق الاستقرار فى الإقليم يعطى الشعب الفلسطينى مسارا بعد جمود طويل.
خبراء الحرب يشهدون لحماس وإيران بحسن الإعداد لمفاجأة السابع من أكتوبر، وعندما بدأت الجرافات الفلسطينية فى تدمير الحاجز بين غزة وإسرائيل، انفرج الستار عن جرأة كبيرة فى الهجوم المتعدد الجبهات على عسكريين إسرائيليين، وقبل صباح اليوم التالى بدأ الهجوم على المدنيين وخطف أحياء منهم والتمثيل بمن مات. كانت إسرائيل مرتبكة ارتباك من ضبط وبنطاله ساقط على الأرض، باتت مفاجأة السادس من أكتوبر قبل نصف قرن ماثلة للأذهان، ووقتها جمعت إسرائيل قواها مرة أخرى لكى تجد نفسها ما بين استمرار الحرب، والسير فى طريق السلام الذى وضعه الرئيس السادات فى طريقها. باقى القصة معروفة، وجاءت النهاية بالتنازل الكامل عن سيناء. فى غزة كان المشهد الأول لدى حماس تكتيكيا بالكامل يقوم على تنفيس غضب وليس تحرير أرض. بدأ المشهد الثانى كما حدث فى كل حروب غزة السابقة: التدمير الكامل ونكبة أخرى.