بقلم - عبد المنعم سعيد
كنت فى دبى لحضور منتدى الإعلام العربى عندما جاءت الأنباء ناقلة تصريح دولة رئيس الوزراء برفع سعر رغيف الخبز أربعة أمثال. ليلتها كنا جماعة من المصريين ساد السخط بينهم تعاطفا مع الفقراء من ناحية، وسخطا آخر على المشروعات العملاقة التى تدفعنا إلى الاعتماد على صندوق النقد الدولى الذى بدوره يدفعنا دفعا لكى نحرم «الغلابة» من المقدر لهم. المحطات التليفزيونية المختلفة خطفت «اللقطة» وسط الأنباء الكثيرة والدامية لما جرى ويجرى فى غزة ورفح القريبة خاصة، ومن باب تأصيل الشفقة على الحالة المصرية راح الميكروفون لكى يأخذ الإجابات من شوارع مصر والتى راح المستجيبون للسؤال يتبارون فى كيف سيكون القرار ضربة قاضية للفقراء وأصحاب المعاشات والحاجة. لم يكن لا الحديث، ولا المقابلات جديدة، فقضية الخبز فى مصر من الحكايات الدورية التى تدور على الحياة المصرية مرتبطة بقضية الدعم؛ وهو الأمر الذى دفعنى للفحص عما إذا كان هذا النظام يوجد فى دول أخرى من العالم بما فيها بلدان فقيرة مثل الهند وبنجلاديش.
ما توصلت إليه فى الذاكرة هو أنه على الأقل فإن الغالبية الساحقة من سكان كوكب الأرض لا يوجد لديهم دعم الخبز، وبالطبع ورد إلى الذهن فورا تلك العلاقة الخاصة بين المصريين بالعيش والذى يمكن خلطه بأى شيء مثل الملح فيصير وجبة فاخرة! ولكننى عشت الزمن من طفولتى حتى بلغت جامعة القاهرة والخبز تجرى صناعته كاملا داخل منزلنا ومن أول شراء القمح وحتى خروج الرغيف عبورا بالطحن والعجين والفرن. وعندما ذهبت إلى الولايات المتحدة عام 1977، وجدت جناحا كاملا للخبز، وأنواعه كثيرة متعددة الأسعار، وكان واحدا منها وأقلها سعرا هو كرات من العجين الجاهز الذى تدفع به إلى فرن «البوتاجاز» فيخرج صابحا ساخنا. وبحكم العمل جبت بلدانا كان فيها جميعها تحرير كامل لرغيف الخبز، وهو الذى جعله غذاء بذاته لما يضاف له من محسنات بديعية تبدأ بالزبيب ولا تنتهى به.