بقلم :عوني الكعكي
بت لدينا بالوجه الشرعي، وبما لا يدع مجالاً للشك، أنّ الرئيس الفعلي والحقيقي للجمهورية اللبنانية، هو جبران باسيل، وللأسف الشديد فإنّ الرئيس ميشال عون ليس سوى صورة معلقة على جدران الإدارات الرسمية ومكاتب القصر الجمهوري... لا أكثر ولا أقل. يُقال.. إنّ الرئيس ميشال عون، قبل أن يصبح رئيساً للجمهورية قام بزيارة رئيس مجلس النواب الاستاذ نبيه بري، طالباً منه تأييده، كمرشح لرئاسة الجمهورية بعد «اتفاق معراب.. فأجابه دولته معتذراً: «اعذرني يا جنرال، فأنا لا أستطيع أن أنتخب رئيسين اثنين».
استغرب الرئيس ميشال عون صراحة الرئيس بري، وظنّ أنه أساء فهم جواب رئيس مجلس النواب... لكن الرئيس بري أضاف وبحزم: «أقصد حضرتك وحضرة صهرك العزيز جبران باسيل». سكت عون وعاد من اللقاء بخفي حنين. عندما علمتُ بما جرى، قلت في نفسي: «أنا أعرف أنّ الرئيس نبيه بري ملك الديبلوماسية، وهو بعيد كل البعد عن التجريح... فلماذا أجاب الرئيس عون بهذه الطريقة؟ استغربت الموضوع وقلت يومذاك: «الله يستر. فماذا يخبّئ لنا المستقبل؟».
مساء يوم الاربعاء، صدر عن رئاسة الجمهورية بيان أفاد بأنّ الاستشارات الإلزامية للتكليف والتي كانت مقررة أمس الخميس، أُرجئت الى الخميس المقبل. والسبب أنّ هناك خلافات تحتاج الى مزيد من الوقت لحلحلتها. الحقيقة انه لا توجد خلافات، لسبب بسيط وبديهي، فالكتل والأحزاب اللبنانية كافة، أيّدت الرئيس سعد الدين الحريري، ورشحته لتشكيل حكومة المهمة الإنقاذية، حسب ما جاء في المبادرة الفرنسية، وتنفيذاً لرؤية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
هذا أولاً...
ثانياً: يدّعي البيان، أنّ بعض الكتل ترفض ترشيح الرئيس الحريري، لذا فإنّ من المفروض إيجاد وقت «لتطبيقها» خوفاً على الميثاقية... لكن الحقيقة كانت في اتجاه آخر... فقد تبيّـن للجميع، أنّ «الطفل المعجزة جبران» هو الذي طلب التأجيل... فالميثاقية كانت مؤمنة بعدد كبير من المسيحيين من خارج «القوات» و»التيار الوطني الحر»… لأنّه لا يمكن حصر التمثيل والوجود المسيحي بهاتين المجموعتين... ومن المؤكد أن ليس كل المسيحيين يرفضون ترشيح الرئيس سعد الدين الحريري.
إنّ هناك 22 نائباً مسيحياً في مجلس النواب لا ينتمون الى التكتلين المذكورين أعلاه.. والتساؤل الأكبر، ألا يمثل تيار المردة ورئيسه الوزير السابق سليمان فرنجية المسيحيين؟ لقد أعلن فرنجية وبكل صراحة ووضوح موافقته على ترشح الحريري... أوَليْس هذا كافياً... وهل يستطيع أحدٌ الطعن بمسيحية فرنجية وإخلاصه لطائفته؟ مصيبة لبنان... اننا ومنذ عودة الرئيس عون من منفاه الباريسي في 7 أيار عام 2005 نعيش حالة من التعطيل والعرقلات المتعمّدة، والمتعدّدة الأهداف.
فعند تشكيل أيّة حكومة لا بد من العرقلة، ووضع العصي في «دواليب الحكومة»، إرضاء لمزاج ومطالب «الصهر المدلل والعزيز»، حيث صارت العرقلة قاعدة متّبعة عند الرئيس عون، فكل حكومة جديدة تحتاج الى سنة لتشكيلها كُرمى لعيني جبران باسيل. كنا نظن أنّ رئيس الجمهورية، يعرف معاناة اللبنانيين، وما يمر به المواطن من مآسٍ في ظل انهيار إقتصادي، وتراجع قيمة الليرة اللبنانية أمام الدولار بشكل مخيف، فالدولار لامس عتبة الـ9 آلاف ليرة لبنانية... ناهيك بديون الدولة التي بلغت 90 مليار دولار، الى التمنّع عن تسديد اليورو بوند ولأول مرة في تاريخ لبنان، وانعكاس هذا التمنّع على «سمعة» المصارف وعملها، لا سيما فتح الإعتمادات في الخارج... أضف الى كل هذه المصائب، أزمة جائحة كورونا، وانفجار المرفأ الذي أودى بحياة أكثر من 200 قتيل وأدّى الى جرح أكثر من 5000 مواطن.. الى إعلان مناطق: مار مخايل، والمرفأ، والاشرفية مناطق منكوبة، وما زاد الطين بلّة، مشكلة تحديد سقف السحوبات من المصارف بالعملة اللبنانية..
كل هذا يدل على أنّ المواطن، لم يعد قادراً على إعالة نفسه وعائلته... ولم يعد يقوى على تأمين قوته. هذا إذا أضفنا «إنجازات» حكومة حسان دياب، وممارسات رئيس الجمهورية الذي صار متخصصاً بمخالفة الدستور والقوانين، الى الملفات المالية المتعلقة بأقرب الناس إليه... فإنّ أحداً لا يستطيع لوم اللبنانيين على ما يبدونه من تذمّر وصل الى حد الإنتفاضة..
هذا غيض من فيض... ولو تابعنا الحديث عن ملف الكهرباء وتذكير الناس بما بشّرنا به الصهر العزيز لاحتجنا الى صفحات. و»الله يعين المواطن المسكين».