القصة مُدرس ومَدرسة

القصة مُدرس ومَدرسة

المغرب اليوم -

القصة مُدرس ومَدرسة

سليمان جودة
بقلم - سليمان جودة

من الطريف فى تاريخنا الحديث أن محمد محمود باشا لما جاءه تكليف بتشكيل الحكومة طلب من الدكتور محمد حسين هيكل باشا أن يتولى وزارة الداخلية.. والأشد طرافة أن أحمد لطفى السيد، الذى اشتهر بأنه أستاذ الجيل، هو الذى تولى أمر الداخلية فى الحكومة نفسها، لأن هيكل باشا أبدى رغبته فى أن يكون وزيرًا للمعارف.

أما وزارة المعارف فهى وزارة التربية والتعليم حاليًا، وهى أيضًا وزارة التعليم العالى، فوقتها كانت مصر تعرف وزارة واحدة للتعليم قبل الجامعى وبعد الجامعى، وكان اسمها وزارة المعارف.. وأظن أن الاسم القديم أشمل وأجمل.

وعندما تولاها هيكل باشا كان يرى أنه لا بد أن يقدم فيها شيئًا، فذهب إلى ذلك من أقصر طريق وقرر أن يركز فى الوزارة على شيئين اثنين: المدرس.. والمدرسة.

لقد اكتشف أن البداية من بناء مدرسى لائق يتلقى الطالب فيه تعليمًا حقيقيًا، وكان كلما راح يتجول فى أنحاء البلد اكتشف أن هناك مناطق لا مدارس فيها أصلًا للتعليم الإلزامى، فعاد إلى رئيس الحكومة يطلب منه اعتمادًا إضافيًا بميزانية لبناء العدد المطلوب من المدارس. طلب مائة ألف جنيه، فلم تتمكن وزارة المالية من تدبير سوى سبعين.. وقد راح يجادل محمد محمود باشا ويفاصل معه، ولكن المالية عجزت عن توفير بقية المبلغ.

وهكذا بقى يجاهد طوال وجوده على رأس الوزارة فى سبيل أن يكون فى المناطق المحرومة مدارس لائقة بالمواطن. كان قد درس فى الخارج، وكان يعرف عواقب ألا يكون الناس فى البلد متعلمين، كما يقول الكتاب.

وبالتوازى، دخل فى معركة مع شيخ الأزهر مصطفى المراغى حول تعيين خريجى معاهد الأزهر مدرسين فى مدارس الوزارة.. كان الشيخ المراغى يتمسك بتعيين خريجى الأزهر، ولم يكن الدكتور هيكل يمانع فى ذلك، ولكن التجربة مع الخريجين كانت تقول إنهم ليسوا كلهم صالحين لأن يكونوا مدرسين مؤهلين، كما يجب أن يكون التأهل والتأهيل.

كان هيكل باشا يرى أن على خريجى الأزهر الراغبين فى التعيين أن يمروا باختبار لاختيار الأنسب من بينهم، ولكن الشيخ المراغى كان يرفض ولا يقبل.. أما وزير المعارف الذى كان قد درس القانون فى جامعة باريس، فلقد تمسك برأيه إلى أن ترك الوزارة، لأنه كان يرى أن التعليم مَدرسة ومُدرّس، وأن كل ما عدا ذلك كلام خارج سياق الموضوع.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القصة مُدرس ومَدرسة القصة مُدرس ومَدرسة



GMT 18:56 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

يتفقد أعلى القمم

GMT 18:54 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

تحولات البعث السوري بين 1963 و2024

GMT 18:51 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سوريا و«تكويعة» أم كلثوم

GMT 18:49 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 18:47 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والنظام العربي المقبل

GMT 18:44 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

2024... سنة كسر عظم المقاومة والممانعة

GMT 18:41 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

أميركا والفضائيون... أسرار الصمت المدوي

GMT 18:38 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 15:47 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

منح يحيى الفخراني جائزة إنجاز العمر من مهرجان الأفضل
المغرب اليوم - منح يحيى الفخراني جائزة إنجاز العمر من مهرجان الأفضل

GMT 16:06 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

منتجات لم يشفع لها الذكاء الاصطناعي في 2024

GMT 08:33 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

الطقس و الحالة الجوية في تيفلت

GMT 00:40 2018 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

حطب التدفئة يُسبب كارثة لأستاذين في أزيلال

GMT 05:45 2017 الأحد ,31 كانون الأول / ديسمبر

بنغلاديش تعتزم إعادة 100 ألف مسلم روهينغي إلى ميانمار

GMT 07:34 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

نادال يُنهي 2017 في صدارة تصنيف لاعبي التنس المحترفين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib