بقلم - سليمان جودة
نقلت وكالة أنباء الأناضول التركية، عن الرئيس أردوغان، أن الرئيس الروسى بوتين عرض، خلال اتصال بينهما، قبل أيام، تقديم الحبوب الروسية مجانًا إلى الدول المحتاجة!.
ولابد أن هذا أغرب عرض يتقدم به رئيس فى العالم، ولابد أيضًا أن بوتين يتقدم بعرضه لأسباب ليست إنسانية فى الغالب.. فهى أسباب سياسية تتخفى وراء ما هو إنسانى!.
ومن قبل كانت موسكو قد انتقدت أن تصل الحبوب التى تخرج من موانئها على البحر الأسود إلى الدول الغنية فى الشمال، وألّا تصل فى الوقت نفسه إلى الدول الفقيرة فى الجنوب.. وعندما تكلم بوتين عن الدول المحتاجة التى يمكن أن يمدها بالحبوب مجانًا، فإنه سمى الصومال وجيبوتى والسودان.. ومن الجائز أن يكون قد قصد دولًا أخرى لم يشأ أن يسميها!.
وليس سرًّا أن صادرات الحبوب كانت قد توقفت من موانئ البحر الأسود الروسية والأوكرانية مع نشوب حرب روسيا على أوكرانيا فى ٢٤ فبراير من هذه السنة.. وكان فى توقفها ما يهدد دولًا حول العالم بالمجاعة. ولكن مع ضغوط العالم، تم توقيع اتفاق روسى أوكرانى، برعاية أممية وتركية، لاستئناف الصادرات، وبالفعل جرى استئناف صادرات الحبوب من موانئ البلدين فى يوليو الماضى!.
ولكن روسيا عادت، فعلقت العمل بالاتفاق، وقالت إن السبب أن سفنها التى تحمل الحبوب تتعرض لاعتداءات أوكرانية، وأن ذلك يحدث أثناء مرورها من مضيق البوسفور الواصل بين البحرين الأسود والمتوسط!.
وخرجت مناشدات من عواصم العالم تدعو موسكو إلى العودة للعمل بالاتفاق.. وفى القلب من هذا كله خرج أردوغان علينا لينقل عن بوتين عرض الحبوب المجانى.. وهو عرض يلعب فيه الرئيس الروسى بأعصاب العالم لأن الشكل فيه إذا كان خيريًّا وإنسانيًّا، فالجوهر سياسى لا شك فى ذلك!.
وسواء تم العرض أو لم يتم، فالأرجح أن الدول التى يقصدها بعرضه المجانى سوف تتعاطف معه، وسوف تتطلع إليه بعين الاعتبار فى حربه التى بدأها على أوكرانيا وخسر فيها الكثير جدًّا، ولا يزال يخسر، ولا يزال لا يعرف كيف يُنهيها!.. هو عرض سياسى فى حقيقته طبعًا لأننا لم نسمع أن روسيا أصبحت جمعية خيرية!.