مقال أثار أزمة في «المحروسة»
البرلمان اللبناني ينتخب جوزيف عون رئيسا جديدا للبنان بعد ولة انتخابية ثانية ظهر الخميس "99 صوتًا من أعضاء مجلس النواب اللبناني يحسمون جولة الانتخابات الرئاسية" إستعدادات وتحضيرات يشهدها قصر بعبدا بانتظار الرئيس اللبناني الـ14 للبلاد بدء عملية تصويت نواب البرلمان اللبناني بالاقتراع السري في الدورة الثانية لانتخاب الرئيس الجديد بدء جلسة الدورة الثانية في البرلمان اللبناني لانتخاب رئيس الجمهورية نادي وست هام يونايتد يُعلن أقال مدربه الإسباني جولين لوبتيغي بسبب سوء نتائج الفريق هذا الموسم الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون يُقدم العزاء في وفاة أسطورة الملاكمة عبد القادر ولد مخلوفي مقتل 3 وإصابة 3 آخرين جراء تحطم طائرة مائية في جزيرة سياحية أسترالية توقف حركة الطيران بين سوريا والإمارات بعد انطلاق أول رحلة جوية أمس الثلاثاء قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم مدينة الظاهرية جنوب الخليل في الضفة الغربية وتصادر عدداً من المركبات
أخر الأخبار

مقال أثار أزمة في «المحروسة»

المغرب اليوم -

مقال أثار أزمة في «المحروسة»

سليمان جودة
بقلم - سليمان جودة

ذات يوم في منتصف التسعينات، دعا الدكتور علي السمان إلى عشاء في بيته، وجاء إلى العشاء الأستاذ محمد حسنين هيكل، والأستاذ جمال بدوي، رئيس تحرير جريدة «الوفد» في ذلك الوقت، وجاء معهم بالطبع آخرون إلى بيت الدكتور السمان الذي يطل على النهر الخالد، والذي يقع على مرمى حجر من بيت السادات.


ودار بين الحاضرين حوار حول القضايا العامة التي يتكلم فيها الناس، وكان من بينها جدل كبير ثار وقتها حول مؤتمر كان قد دعا إليه الدكتور سعد الدين إبراهيم أستاذ علم الاجتماع، مدير «مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية»، وكان عنوان المؤتمر: «الأقليات في العالم العربي».

وأبدى هيكل رأيه في الموضوع، وقال إن لديه وجهة نظر مختلفة عما سوف يطرحه المؤتمر الذي كان يتطلع إلى الأقباط باعتبارهم أقلية في مصر. وأنصت إليه جمال بدوي، ودعاه إلى كتابة وجهة نظره في مقال تنشره جريدة «الوفد». ولم يُكذّب هيكل خبراً، فكتب المقال بالفعل، ثم أرسله إلى رئيس تحرير «الوفد» ليأخذ طريقه إلى النشر.

كان عنوان المقال: «الأقباط ليسوا أقلية»، وكان كاتبه يريد أن يقول إن الأقباط ليسوا أقلية بمفهوم الأقليات الشائع في أنحاء العالم، وأنهم إذا جاز أن يكونوا أقلية من ناحية العدد، عند المقارنة بأعداد المسلمين في البلد، فإنهم ليسوا أقلية بأي معيار آخر. كما أن العدد وحده لا يصلح لتصنيفهم أقلية؛ لأن ما تعرفه الأقليات في شتى الدول لا يعرفه الأقباط في «المحروسة»، ولأن للأقليات في كل مكان أشياء يعرفهم الناس بها، ولا تتوفر في حالة الأقباط.

وكانت هذه حقيقة يعرفها الذين يعيشون في القاهرة، وفي أي محافظة خارج القاهرة؛ لأنك في الحالة المصرية لا تستطيع أن تقول إن القبطي يعيش هنا في هذا المكان المنعزل، وإن المسلم يعيش هناك في مكان آخر مجاور له، أو في مكان ثالث بعيد.

هذا غير حاصل، وإنما يعيش الجميع بعضهم مع بعض، ويمارسون الحياة بكل أنشطتها معاً، وكما قيل: الشيء الوحيد الذي يميز هذا عن ذاك، أن المسلم يذهب إلى الجامع آخر الأسبوع لأداء صلاة الجمعة في موعدها، وأن القبطي يقصد الكنيسة يوم الأحد ليشهد قداس الأحد في مكانه وفي موعده أيضاً، وفيما عدا ذلك لا يمكنك أن تميز بين الاثنين، ولا أن تنظر إلى أيهما فتقول: هذا كذا وذاك كذا. لا يمكنك، ولو حاولت في كل المرات.

وقريب من هذا المعنى ما كان البابا شنودة الثالث، بابا الكنيسة المرقسية الأرثوذكسية، يردده ويقول: «مصر وطن يعيش فينا قبل أن نعيش فيه».

وعلى هذا الأساس نسج هيكل المقال وأرسله، ولسبب ما، فإنه اختار أن يصوغه في شكل رسالة منه إلى رئيس التحرير، وكأنه كان يشعر بأن المقال لن يرى النور على صفحات «الوفد»، أو كأنه كان يتحسب لشيء كان يحس به بينه وبين نفسه، أو كأنه كان يرغب في ألا يثير غضب الناصريين، إذا ضبطوه متلبساً بالنشر في «الوفد» ذات التوجه الليبرالي المعروف.

في الغالب، كان يشعر بأن أصدقاءه الناصريين سوف يلومونه، وفي الغالب كان سيرد عليهم ويقول إنه أرسل خطاباً إلى رئيس تحرير الجريدة، ولم يكتب خطاباً موجهاً إلى القارئ بشكل صريح، ولذلك بدأ المقال بهذه العبارة: «عزيزي جمال بدوي».

كان من المقرر أن يتم النشر في العدد الأسبوعي من الجريدة الذي يصدر يوم الخميس من كل أسبوع، وقد صدر عدد الجريدة في اليوم السابق، وفي صدر صفحته الأولى إشارة إلى المقال الذي سيُنشر في اليوم التالي، والذي سيكتبه فلان، والذي يحمل عنواناً يقول كذا.

يومها، أذكر أنني قابلت الدكتور غالي شكري بالصدفة، فوجدته لا يصدق أن تنشر «الوفد» مقالاً لهيكل على صفحاتها، وسألني عما إذا كان المقال سوف تنشره الجريدة بالفعل، فقلت إن التنويه للمقال منشور في صدر الصفحة الأولى، ولا معنى للتساؤل عما إذا كان النشر سيتم من عدمه، ولأن حديثي مع شكري كان ظُهر الأربعاء، فلم يكن بيننا وبين خروج المقال إلى النور سوى ساعات.

وصدر عدد الخميس خالياً من المقال، ولا كان حتى يضم اعتذاراً عن عدم النشر، وراح الذين انتظروا يتساءلون، وصار الموضوع حديث مصر كلها. وكان رئيس تحرير «الوفد» قد سافر في رحلة خارجية مع الرئيس حسني مبارك، فلم يكن الاتصال به متيسراً، ولا كان أحد يعرف ماذا جرى، ولا لماذا جرى رفع المقال من الصفحات في اللحظة الأخيرة؟

لاحقاً، تبين أن فؤاد سراج الدين باشا، رئيس «الوفد»، هو الذي طلب رفع المقال، وقد حدث هذا بعد أن جاءته اعتراضات واسعة من الوفديين يتساءلون عما إذا كان من المناسب أن تنشر «الوفد» الليبرالية مقالاً لهيكل الناصري؟

الغريب أن سراج الدين لما سألوه في الصحافة عن سبب عدم النشر، تحدث عن أن المادة التي أرسلها هيكل للجريدة مجرد رسالة لرئيس التحرير، وليست مقالاً يمكن نشره بعيداً عن هذا الإطار. فكأن ما كان صاحب المقال يتحسب له فيصوغ مقالته على شكل رسالة لرئيس التحرير، هو نفسه ما استند عليه الباشا في التعلل بعدم النشر!

في 29 من الشهر الماضي، مات الدكتور سعد الدين إبراهيم الذي كان سبباً في إثارة هذا الموضوع كله من أوله، فتقاطرت هذه المعاني أمامي، فليرحمه الله وقد انتقل إلى العالم الآخر، فما أكثر ما كان يثير من الجدل، ومن الأفكار، ومن القضايا في الشأن العام.

لم يكن اعتراض الباشا على مقال هيكل في حد ذاته، ولا كان في المقال ما يحول دون نشره عموماً، بدليل أنه وجد طريقه إلى النشر كاملاً صباح الجمعة في «الأهرام»!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مقال أثار أزمة في «المحروسة» مقال أثار أزمة في «المحروسة»



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 09:17 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

محمد صلاح على موعد مع إنجاز تاريخى مع ليفربول في أنفيلد
المغرب اليوم - محمد صلاح على موعد مع إنجاز تاريخى مع ليفربول في أنفيلد

GMT 03:52 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

مواعيد مباريات اليوم الاثنين 23 - 12 - 2024 والقنوات الناقلة

GMT 21:42 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة ناسي تثير التساؤلات قبل مواجهة الرجاء

GMT 21:48 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

لاعبين مغاربة ضمن لائحة الأفارقة الأعلى أجرا في العالم

GMT 23:43 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

كيليان مبابي وصل للقاع بعد إهداره ركلة جزاء أمام بيلباو

GMT 22:13 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

مونزا متذيل ترتيب الدوري الإيطالي يقيل مدربه نيستا

GMT 01:25 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

جافي لاعب برشلونة الإسباني يعترض على أداء ليفاندوفسكي

GMT 00:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

روبن أموريم يُعلن أن المحيطون براشفورد يتخذون قرارات خاطئة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib