ولو أكل نصفه
الخطوط الجوية القطرية تستأنف رحلاتها على طريق الدوحة - دمشق اعتباراً من يوم الثلاثاء 7 يناير هاكرز صينيون يهاجمون وزارة الخزانة الأميركية سيارة من طراز "تسلا سايبرترك" تنفجر أمام فندق ترامب الفاخر في لاس فيغاس جنوب غرب الولايات المتحدة وزارة الخارجية الايرانية تستدعي السفير السعودي في طهران وسلمته مذكرة احتجاج شديدة اللهجة ضد تنفيذ بلاده حكم الاعدام في حق 6 مواطنين إيرانيين ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 45,553 أغلبيتهم من الأطفال والنساء منذ بدء عدوان الاحتلال الإسرائيلي في السابع من أكتوبر 2023 جماعة الحوثي في اليمن تُسقط ثاني طائرة مسيرة أميركية من طراز "إم كيو-9 ريبر" خلال 72 ساعة وزارة الخارجية الإسرائيلية تعلن عن إصابة إسرائيليين اثنين في حادث الدهس الذي وقع في مدينة نيو أورليانز الأميركية توقف مطار بن غوريون عقب اعتراض صاروخ اطلق من اليمن وفاة مضيف طيران بسبب دخان في مقصورة طائرة سويسرية شركة الطيران الإسرائيلية "العال" تُقرر استمرار تعليق رحلاتها من تل أبيب إلى موسكو حتى نهاية مارس 2025
أخر الأخبار

ولو أكل نصفه!

المغرب اليوم -

ولو أكل نصفه

سليمان جودة
سليمان جودة

الذين سبقونا لم يصوغوا أمثالهم الشعبية من فراغ، ولكنهم صاغوها في الغالب عن خبرة تراكمت، وعن تجربة في الحياة تعددت، حتى صار كل واحد من تلك الأمثال، وكأنه حكمة مكتملة هبطت من السماء!من بين الأمثال التي نرددها في حياتنا، بشكل مستمر، وربما دون أن نعي معناها جيداً، ذلك المثل الذي ينصحنا بأن نعطي العيش لخبازه... حتى ولو أكل نصفه!

والعيش لمن لا يعرف، هو الخبز عند المصريين، فالرغيف عند كل مصري اسمه رغيف العيش، لا رغيف الخبز، والمائدة المصرية التي تخلو من العيش، أياً كانت أنواع الطعام وصنوفه عليها، ليست مائدة!والسؤال الذي شغلني كثيراً هو: لماذا كانت هذه النصيحة، من الذين سبقونا، ولماذا جاءت صيغة النصيحة على نحو ما جاءت عليه؟

علينا أن نلاحظ هنا شيئين أساسيين؛ أولهما أن (الخباز) المقصود في هذا المثل الشائع، ليس أي خباز والسلام، لأنه من الطبيعي أن يكون الخباز، دون غيره، هو صانع العيش، وإلا، فهل من المتصور مثلاً، أن نعطي العيش للنجار، أو للحداد، ليصنعه؟!... فما المقصود إذن بالكلمة هنا؟!... المقصود طبعاً، هو الصانع الذي يجيد صناعته، وبمعنى أدق يتقنها، أياً كان نوع أو اسم هذه الصناعة... ولو شئت هنا أن أضيف شيئاً من جانبي في هذا السياق، لكان هذا الشيء هو وضع فعل (يتقنها) هذا بين مائة قوس وقوس، أو بين مائة هلال وهلال، لعلنا ننتبه إلى أن الهدف من وراء هذا المثل الشعبي، ليس صناعة العيش فقط في حدودها، ولكن الهدف هو أي صناعة أخرى قائمة بيننا في حياتنا!

الخباز في المثل الشعبي الشائع هو مجرد رمز لمعنى أكبر وأشمل، وليس الخباز فيه إلا مدخلاً إلى قضية أعم، تتصل بمستوى الأداء العام في حياتنا!

الهدف، إذا ما حلقنا بعيداً عن المثل في حدوده، هو أن تذهب، حين تذهب، إلى الشخص الذي يتقن ما يفعله، أياً كان ما يفعله، لا إلى أحد سواه.

وأما الشيء الثاني الذي علينا أن نلاحظه، فهو أن الوعي الجمعي صانع هذا المثل العجيب، لم يجد أي عيب في أن يأكل الخباز نصف العيش الذي يخبزه، بشرط واحد، بل شرط وحيد، هو أن يصنعه كما قال ويقول الكتاب في هذا الباب!
ولا بد أن الوعي الشعبي الجمعي، كان وهو يصوغ المثل موضع الكلام في هذه السطور، على دراية تامة بمعنى ما يقول، لأن لك أن تتخيل مثلاً، عشرة أرغفة لا تؤكل، لأنها رديئة الصنع، في مقابل خمسة من النوع الذي يؤكل، ويجد آكلوها فيها متعة، وفائدة... أيها سوف تختار إذا خيروك بين هذه، وبين تلك؟!... ستختار الخمسة طبعاً، حتى ولو كنت تعرف وأنت تختارها، أن الخباز قد أكل مثلها بالتمام!... أو بمعنى أوضح، فإن هذا بالضبط هو الاختيار الذي ينصحك به سابقونا، عن خبرة مستقرة، وعن تجربة ممتدة في الحياة بوجه عام!

القضية التي لا يجب أبداً أن نمل من الإشارة إليها هي الإتقان، كأساس لا يمكن لأي عمل مكتمل أن يقوم على سواه، وسوف يكون علينا هنا كذلك، أن نلاحظ شيئاً بسيطاً جداً، يفصل بين العمل المتقن، والعمل غير المتقن، هو أن الذي أدى في الحالة الثانية لو مضى في أدائه خطوة واحدة في اتجاه الإتقان لتساوى مع زميله في الحالة الأولى... خطوة واحدة من العمل بضمير لا غير... بل سيدهشك أن تكتشف أن الفترة الزمنية التي يستغرقها العمل ذاته في الحالتين واحدة، أو تكاد تكون واحدة، ولكن الفارق المهم، بل الأهم، أن أحداً منا قد أتقن ما يعمل بجد، بحيث يخرج من بين يديه على ما يجب أن يكون عليه فعلاً، دون نقصان، وأن أحداً آخر، منا أيضاً، قد فرغمن عمله سريعاً، ودون أن يعبأ بمدى الجودة المفترضة فيه!... وليس أصدق من الإخوة في الشام الذين يصفون العمل من هذا النوع الأخير، بأن صاحبه قد قام به بقفا يده!

وكان رسول الإسلام عليه الصلاة والسلام، قد نبهنا منذ وقت مبكر، ومراراً، إلى أن الله تعالى يحب إذا عمل أحدنا عملاً أن يتقنه. فقط أن يتقنه ولا شيء آخر أشار إليه نبي الإسلام، حين حدثنا عما تحبه السماء في أي عمل يكون علينا أن نؤديه!

نحفظ نحن هذا الحديث الشريف عن الرسول الكريم، ونظل نردده في كل مناسبة تقتضيه، حتى إذا جئنا لنعمل نسيناه في غالبيتنا، ونسينا بالأحرى معناه!

ومما يؤسف له حقاً، أنك إذا قارنت بين عمل عام، أو حتى خاص، يؤديه كثيرون منا في بلاد العرب والإسلام، وبين عمل آخر مماثل، يؤديه أصحابه في بلاد الغرب بوجه عام، سيحزنك أن تتبين بسهولة، أن الثاني أكثر إتقاناً، وأنه يأتي على الإتقان كله، بما لا يدع مساحة ذات قيمة لأي مقارنة لصالحنا، وسوف تجد أن الأول في حالته قد خلا من الجودة، أو كاد يخلو منها، وكأن رسول الإسلام كان يوجه حديثه، حين وجهه، إليهم هُم، لا إلينا نحن في أرض العرب والإسلام!

فما القصة؟!... القصة أننا مدعوون بجد، ومن جديد، إلى أن نتقن ما نفعله، وألا نقبل تفريطاً في ذلك، أياً كان ما نفعله، لا لشيء، إلا لأن الإتقان هو الشيء الوحيد الذي يفرق بين العمل، وبين اللاعمل. فلا يليق بنا أن يكون هذا المثل الشعبي في موروثنا، وأن يكون الحديث النبوي المشار إليه، قاسماً مشتركاً أعظم في الكلام بين بعضنا، ثم لا يخلو عملنا من شيء، في أغلبه، كما يخلو من الإتقان... لا يليق!

 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ولو أكل نصفه ولو أكل نصفه



GMT 07:04 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

وزن تأريخ الأردن في التوجيهي 4 علامات.. أيعقل هذا ؟!

GMT 07:01 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

لكنّها الطائفيّة... أليس كذلك؟

GMT 06:58 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

العلويون جزء من التنوّع الثقافي السوري

GMT 06:54 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والصراع على الإسلام

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 03:01 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

الدفاع الجديدي يهزم حسنية أكادير

GMT 17:39 2024 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

إنستغرام تطلق تحسينات كبيرة على قنوات البث

GMT 03:53 2017 الإثنين ,04 كانون الأول / ديسمبر

فئات الرجاء البيضاوي العمرية تعيش وضعية مزرية

GMT 05:47 2019 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

الملكية البرلمانية

GMT 05:37 2019 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

أفضل الفنادق في فيينا ذات القيمة الجيدة

GMT 07:40 2019 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

إلينا سانكو تفوز بلقب "ملكة جمال روسيا" لعام 2019

GMT 04:53 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

مواطن عراقي يُغرّم شرطة المرور في أربيل 30 ألف دينار

GMT 11:35 2019 الإثنين ,07 كانون الثاني / يناير

فنانات سرقن أزواج زميلاتهن بعد توقيعهم في "شِبال الحب"

GMT 08:41 2018 الأربعاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

إليك أجمل التصاميم لطاولات غرف المعيشة

GMT 21:41 2018 الثلاثاء ,19 حزيران / يونيو

مهرجان وجدة للفيلم يكرم الممثلة المصرية ليلى طاهر
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib