ترمومتر داخل البلد

ترمومتر داخل البلد

المغرب اليوم -

ترمومتر داخل البلد

سليمان جودة
بقلم - سليمان جودة

ليس سرا أن المحروسة كانت فى موقف اقتصادى صعب طوال أسابيع مضت، وليس سرًا أنها كانت تفتش عن منفذ تغادر منه ذلك الموقف، الذى لم تكن تفاصيله الدقيقة خافية على أحد.

ومن الواضح أن مصر قد صادفت حالة من التوافق الإقليمى والدولى لمد يد العون إليها، وقد تجلى ذلك فى عدد من المشاهد لا يمكن أن تخطئها العين المجردة، ولا يمكن أن تفوت على الذين كانوا يتابعون تفاصيل الموقف، ويترقبون لحظة مغادرته إلى موقف آخر يبعث على شىء من الأمل.. وما حدث أن المشاهد تتابعت وتتالت، وكانت صفقة رأس الحكمة هى المشهد الأعلى، ثم جاء من بعدها مشهد الاتفاق مع صندوق النقد الدولى الذى رفع تمويله المُقدم لنا من ثلاثة إلى ثمانية مليارات من الدولارات.

فإذا ضممت أنت المليارات الثمانية، إلى عائد الصفقة، إلى ما وعد به الاتحاد الأوروبى من مساندة ومساعدة، ثم إلى غير ذلك، تبين لك أننا قد غادرنا تفاصيل الموقف الذى بدا مُقلقًا فى حينه ومزعجًا، وتبين أيضًا أننا قد فارقنا موقفًا كانت ملامحه غير مريحة، وكانت تفاصيله غير باعثة على ما يجعل المواطن يتطلع إلى المستقبل بشىء من الرجاء.

غير أن خروجنا من ذلك الموقف يقتضى نوعًا من المؤازرة الكاملة فيما بيننا، ويدعو اتحاد الصناعات على سبيل المثال إلى أن يكون حاضرًا فى القلب من المشهد الحالى، وأن نسمع ثناءه على ما جرى، وأن يمدنا بالكثير من التفاؤل الذى نحتاجه وننتظره منه ومن سواه، وأن يقول لنا ماذا سوف يفعل ونفعل فى المرحلة التالية.

ننتظر ذلك من الاتحاد ونحتاجه، وننتظره كذلك من جمعية رجال الأعمال، وننتظره للمرة الثالثة من غرف التجارة، وننتظره للمرة الرابعة من كل كيان مشابه أو مماثل يرى أن عليه دورًا، وأنه مدعو إلى مهمة، وأن هذه المهمة هى المؤازرة التى لا بديل عن أن تنخرط فيها كل جهة يتصل عملها بأداء الاقتصاد فى العموم.

هذا الانخراط وهذه المؤازرة على مستوى المجتمع كله مطلوبان على وجه السرعة، حتى يمكن أن تكتمل عملية الإقلاع الاقتصادى التى نحن بصددها، والتى لا خيار غيرها أمامنا، والتى تمثل فرصة قد لا تكون مُتاحة بهذا الشكل مرةً ثانية.

وإذا كانت صفقة رأس الحكمة استثمارًا أجنبيًا مباشرًا، فإننا مدعوون إلى أن نجعل هذا الاستثمار يتدفق على بلادنا، ولكن المستثمر الأجنبى عنده ترمومتر يقيس عليه دائمًا ويرى، وليس هذا الترمومتر إلا المستثمر الوطنى، الذى إذا كان مُقبلًا على العمل فى بلده، مطمئنًا وهو يعمل، مُتلقيًا من الدولة كل ما يسعفه ويساعده ولا يعوّقه، فإنه يظل دعاية مجانية ومُغرية للمستثمر القادم من خارج الحدود.

المستثمر الوطنى هو الترمومتر الذى لا ترمومتر سواه، وإذا ركزت الحكومة فى تقديم كل ما يلزمه ولا يعطله، فهى ليست فى حاجة الى أن تخاطب المستثمر الأجنبى، الذى كلما سمعها تخاطبه التفت إلى المستثمر الوطنى ليراه، لأنه هو المقياس أمامه وهو المعيار.. وما قيل طوال أيام مضت عن يد الدولة الممدودة للقطاع الخاص، وعن إفساح الطريق أمامه، وعن إعطائه نصيبه العادل فى النشاط الاقتصادى، يقول إن اللهجة مختلفة بقدر ما هى مشجعة، ولا يتبقى شىء سوى أن تصادف اللهجة ترجمة عملية لها.. ترجمة توظف الفرصة المواتية على أفضل ما يتعين توظيف الفُرص المتاحة أمام الدول.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ترمومتر داخل البلد ترمومتر داخل البلد



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 07:16 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
المغرب اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
المغرب اليوم - المغرب يفقد 12 مركزاً في تصنيف مؤشر تنمية السياحة والسفر لعام 2024

GMT 15:34 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

سعد لمجرد يكشف عن عمل جديد مع الفنانة إيلي أفرام
المغرب اليوم - سعد لمجرد يكشف عن عمل جديد مع الفنانة إيلي أفرام

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:14 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 18:57 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 14:11 2015 السبت ,23 أيار / مايو

العمران تهيئ تجزئة سكنية بدون ترخيص

GMT 17:38 2022 السبت ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنيه الذهب يسجل رقماً قياسياً لأول مرة في مصر

GMT 15:13 2018 الأحد ,03 حزيران / يونيو

تغلبي على الخوف من عيوب جسدك مع ارتداء الحجاب

GMT 15:12 2018 الثلاثاء ,08 أيار / مايو

عمران فهمي يتوج بدوري بلجيكا للمواي تاي

GMT 08:03 2018 الأربعاء ,14 آذار/ مارس

ما الذي سيقدمه "الأسطورة" في رمضان 2018؟

GMT 20:50 2018 السبت ,24 شباط / فبراير

خفيفي يعترف بصعوبة مواجهة جمعية سلا

GMT 17:06 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

وليد الكرتي جاهز للمشاركة في الديربي البيضاوي

GMT 06:59 2018 الجمعة ,26 كانون الثاني / يناير

كليروايت تغزو السجادة الحمراء بتشكيلة متميزة

GMT 17:54 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

الفالح يُعلن أهمية استمرار إجراءات خفض إنتاج الخام

GMT 19:57 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

مهرجان أسوان لأفلام المرأة يفتح باب التسجيل بشكل رسمي

GMT 05:45 2018 الخميس ,18 كانون الثاني / يناير

ابتكار روبوت مصغر يتم زراعته في الجسم

GMT 23:06 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

مشروع الوداد يؤخر تعاقده مع غوركوف
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib