قض وقضيض عمرو موسى
سقوط نحو 300 قتيل في اشتباكات عنيفة بين قوات سورية الديمقراطية وفصائل مسلحة مدعومة من تركيا في محيط سد تشرين وزارة الصحة في غزة تكشف أن عدد ضحايا عدوان الاحتلال الإسرائيلي على القطاع ارتفع إلى 45,259 شهيداً و107,627 مصاباً من 7 أكتوبر 2023 تسجيل 76 حالة وفاة و768 إصابة جراء إعصار شيدو الذي ضرب مقاطعات "كابو" و"ديلغادو" و"نابولا" و"نياسا" في شمال موزمبيق زلزال متوسط بقوة 5.3 درجة غرب يضرب جنوب إفريقيا تكريم الفنان الكوميدي محمد الخياري في الدورة العاشرة لمهرجان ابن جرير للسينما وفاة الفنان المغربي القدير محمد الخلفي عن عمر يناهز 87 عامًا بعد معاناة طويلة مع المرض ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 45227 شهيد و107573 جريح منذ السابع من أكتوبر 2023 توقف مؤقت للعمليات في مطار قازان الروسي إثر هجوم أوكراني ارتفاع عدد ضحايا الانهيار الأرضي إلى 40 شخصاً في أوغندا المكتب الحكومي لدولة فلسطين تعلن احصائيات حرب الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة لليوم 440
أخر الأخبار

قض وقضيض عمرو موسى!

المغرب اليوم -

قض وقضيض عمرو موسى

سليمان جودة
بقلم - سليمان جودة

سألني علاء الزيود، المستشار الإعلامي في السفارة الأردنية بالقاهرة، عما إذا كنت قد قرأت المقالة التي كتبها عمرو موسى تحت هذا العنوان: القض والقضيض والعام الجديد؟!
وكنت قد قرأتها وقت نشرها على صفحات «الشرق الأوسط»، التي كانت قد نشرتها ضمن سلسلة من المقالات لأسماء بارزة داخل العالم العربي وخارجه. وكانت صحيفة «المصري اليوم» قد أعادت نشرها صباح الخميس الموافق 20 من الشهر الحالي! وكان الهدف من وراء سلسلة المقالات المنشورة هو قراءة كف العام الجديد على كل مستوى من المستويات!
كانت مقالة موسى تقرأ هذا الكف عربياً، وقد غلبت عليها النبرة التشاؤمية الواضحة، وقد لاحظت هذا منذ الكلمة الأولى فيها، بمثل ما لاحظه المستشار الإعلامي الأردني. ومن الواضح أنه قد انزعج جداً من هذه النبرة الظاهرة في المقالة، فسارع يكتب لي عمّا أحسّ به فيما كتبه الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية، وعمّا إذا كان ما وصل إليه من قراءتها قد وصل إليّ بالدرجة نفسها؟!
وإذا كان هذا ما وصل إلى الرجل، وإذا كان هذا ما وصل إليّ أيضاً، فلا بد أننا لسنا بدعاً بين القراء، ولا بد أن الإحساس ذاته قد وصل إلى الغالبية من الذين طالعوا المقالة ذات العنوان السجعي اللافت، سواء كانوا قد طالعوها في هذه الصحيفة التي بادرت بالنشر، أو في «المصري اليوم» التي أعادت النشر على سبيل تعميم الفائدة بين جمهور القراء!
والغالب أن موسى لم يقصد أن يكون متشائماً فيما كتب، فلا يوجد كاتب يجلس ليكتب فيقول إنه سيكتب بنبرة تشاؤمية، ولا يوجد كاتب يقرر العكس في المقابل فيقرر أن يحمل التفاؤل بين السطور إلى القارئ. وإنما الكاتب يجري بالحروف على سطوره مأخوذاً بأجواء سائدة من حوله، وهو لا يستطيع أن ينفصل عنها مهما حاول، ومهما جاهد ليكتب بعكس ما يحسه حوله، وما يتابعه، وما يراه أمام عينيه في الأفق المفتوح، وإذا كتب بما لا يحسه فسوف تكون كلماته خالية من المذاق!
وأتخيل أن شيئاً من هذا قد حدث مع كاتب «القض والقضيض» ولا بد أن الأجواء التي أحاطت به منذ ما قبل الكتابة قد فرضت عليه اختيار العنوان الذي كان له من مذاق المقالة نصيب، ولا بد أن الأجواء نفسها قد جعلت المحتوى يخرج إلى الناس على نحو ما خرج عليه!
ربما حدث هذا لأن صاحب المقالة رجل سياسي قبل أن يكون كاتباً، ومن شأن السياسي أن يكون واقعياً، وألا يُجمّل الواقع الذي يراه أو يضيف إليه من الرتوش الكاذبة ما ليس فيه، أو هكذا على الأقل نتصور السياسي الذي يظل صادقاً مع نفسه فلا يخدع ذاته ولا يخادع الآخرين!
والذين طالعوا مذكرات موسى التي صدرت في جزأين، لا بد أنهم لاحظوا واقعيته في الحديث عما رآه في مسيرته الطويلة، ولا بد أنهم قد استوقفهم أنه لم يشأ أن يُزين ما لا يجدي فيه التزيين، ولا بد أنهم قد استوقفهم أنه فعل ذلك غير عابئ بما يمكن أن يجره عليه من متاعب، وقد حدث هذا معه بالفعل وقت صدور الجزء الأول، ثم تكرر نسبياً مع صدور الجزء الثاني، لولا أنه كان قد عاهد نفسه منذ البداية ألا يخاف ما دام قد قرر أن يقول!
ماذا كان عساه أن يقول بخلاف ما قاله في مقالته الحزينة؟! ماذا كان عساه أن يقول إذا كان هذا هو الحال العربي في كل اتجاه تقع عليه عيناك؟! وماذا كان في مقدوره أن يفعل إذا كان كلما تطلع إلى الخريطة العربية أمامه وجدها على ما نراها عليه أمامنا من بؤس، ومن تعاسة، ومن هوان على الناس؟! وهل كان في إمكانه أن يداري؟! وكيف يداري إذا كان كلما وضع قلمه في مداده، خرج له القلم بما جرى به فوق السطور عن القض والقضيض وبما قرأناه مما هو منشور؟!
إذا شئنا أن نجيب عن هذه الأسئلة كلها، فليس أمامنا سوى أن نعود إلى قصة اللوحة الفنية الشهيرة التي رسمها بيكاسو وقت الحرب الأهلية الإسبانية 1937!
وقتها كان الألمان النازيون والإيطاليون قد دخلوا إسبانيا يقفون إلى جوار القوميين الإسبان في مواجهة حركة المقاومة، وكانت هذه الحركة تتحصن في الكثير من قرى الشمال، ولكنها كانت تتحصن أكثر في قرية اسمها جرنيكا!
وفي سبيل إخماد المقاومة فإن القوات المهاجمة من النازيين والإيطاليين قد قصفت جرنيكا كما لم تقصف مكاناً مثلها في إسبانيا، ولم يكن الذين رأوا القرية بعد تسويتها بالأرض يصدقون أن بشراً عاشوا فيها من قبل، فلم تكن طوبة فيها قد بقيت في مكانها، ولم يكن أحد من أهلها تقريباً قد بقي حياً، ولا كان الذين عرفوها فيما سبق يستطيعون أن يميزوا فيها شيئاً!
ولا تزال تفاصيل اللوحة مخيفة لكل عين تتطلع إليها معلّقة على كل جدار، وإذا ما جرّبت أنت أن تتطلع نحوها فسوف تفزعك ألوانها منذ اللحظة الأولى، وسوف تذكر ما قاله صلاح عبد الصبور عن «رؤوس الحيوانات التي على جثث الناس، ورؤوس الناس التي على جثث الحيوانات» كأنه، يرحمه الله، كان يقصد أن يشير إلى لوحة جرنيكا من دون أن يسميها!
سترى أطراف الحيوانات تتطاير في أرجاء اللوحة، وسترى أشلاء الإنسان يتقاذفها الفنان في كل اتجاه، وسترى الفرشاة مبللة بالدم في كل حركة على طول جرنيكا وعرضها، وسترى الوجع، والألم، والأسى، مفردات منثورة بين التفاصيل الصغيرة!
وليس في تاريخ اللوحة المكتوب ما يشير بوضوح إلى الأسباب التي دعت بيكاسو إلى رسمها بهذا الإحساس الطاغي، ولا أحد على يقين مما إذا كان الفنان قد سمع من آخرين بما ارتكبه النازيون والطليان في القرية، أم أن أحداً قد دعاه إلى المجيء إليها ليرى بعينيه ما جرى فيها؟!
وأياً كان سبيله إلى ما رسم، وإلى ما انفعل به، وإلى ما جعل الآخرين ينفعلون بالدرجة نفسها، كلما ألقوا نظرة على جرنيكا، اللوحة لا القرية، فالمهم أنه رسم ما رآه، والمهم أنه جعل من لوحته سجلاً خالداً لما كان في القرية الإسبانية من جرائم وحشية على يد النازيين والإيطاليين، والأهم أنه جعل من الفن سلاحاً أقوى من سلاح القتلة أنفسهم!
والسؤال هو: ما علاقة هذا كله بمقالة القض والقضيض؟! وما علاقة ما رسم بيكاسو القرن الماضي، بما كتب موسى في القرن الواحد والعشرين؟! وماذا بالضبط يربط بين لوحة ارتسمت في وقتها بالألوان، وبين مقالة جرت سطورها في وقتنا بالكلمات؟!
العلاقة أن النازيين قد جاءوا إلى الفنان يوماً يسألونه: لماذا أخرج اللوحة بهذا القدر من البشاعة، ولماذا ملأها بالتفاصيل التي تبعث الرعب في نفس كل متطلع إليها، ولماذا، ولماذا... إلى آخر ما كان يؤرقهم في كل مرة يسمعون فيها أن أمر اللوحة يزداد شيوعاً وانتشاراً بين الناس؟!
ولم يفكر في الإجابة طويلاً، ولكنه قال سريعاً وفي هدوء: لست أنا الذي رسمت جرنيكا في الحقيقة، ولكنكم أنتم الذين رسمتموها بأيديكم، وأنتم الذين سبقتموني إلى هناك ففعلتم بها ما يراه الذين يتأملون ما رسمت، وكل ما قمت به أني نقلت إلى داخل إطارها ما وجدته منكم أمامي في القرية على الأرض، ولم أفعل شيئاً سوى أني جعلت الفن ينطق نيابةً عن الواقع الأليم!
ولا أظن أن جواب عمرو موسى سيختلف، لو أنه صادف عربياً هنا، أو صادفه عربي آخر هناك، ثم سأله الاثنان عن السبب الذي دعاه إلى ارتداء نظارة سوداء وهو يكتب عن القض والقضيض!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قض وقضيض عمرو موسى قض وقضيض عمرو موسى



GMT 22:27 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

تل أبيب ــ دمشق... سقوط الضمانات

GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 11:19 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
المغرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 10:20 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
المغرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 13:49 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الفنانة زينة تكشف عن مفاجأة جديدة في مشوارها الفني
المغرب اليوم - الفنانة زينة تكشف عن مفاجأة جديدة في مشوارها الفني

GMT 16:06 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

منتجات لم يشفع لها الذكاء الاصطناعي في 2024

GMT 08:33 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

الطقس و الحالة الجوية في تيفلت

GMT 00:40 2018 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

حطب التدفئة يُسبب كارثة لأستاذين في أزيلال

GMT 05:45 2017 الأحد ,31 كانون الأول / ديسمبر

بنغلاديش تعتزم إعادة 100 ألف مسلم روهينغي إلى ميانمار

GMT 07:34 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

نادال يُنهي 2017 في صدارة تصنيف لاعبي التنس المحترفين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib