معضلة تذكر يناير
ثوران بركاني جديد في أيسلندا يهدد منتجع بلو لاجون الشهير الحكومة الإسبانية تفرض غرامة تصل لـ179 مليون يورو على 5 شركات طيران بسبب ممارسات تعسفية السلطات الأمنية في بريطانيا تُخلي أجزاء كبيرة من مطار جاتويك جنوبي لندن لأسباب أمنية وزارة الصحة في غزة تُناشد المؤسسات الدولية والإنسانية بتوفير الحماية للمستشفيات والكوادر الصحية في القطاع إصابة 6 كوادر طبية وأضرار مادية جراء هجوم إسرائيلي على مستشفى كمال عدوان شمال قطاع غزة مقتل 10 أشخاص فى هجوم على مزار فى ولاية بغلان شمال شرق أفغانستان الشرطة البريطانية تُغلق السفارة الأميركية فى لندن بعد انفجار طرد مشبوه عثر عليه بالمنطقة الجيش الإسرائيلي يُصدر أمراً بإخلاء 3 قرى في جنوب لبنان وانتقال السكان إلى شمال نهر الأولى الشرطة البرازيلية تتهم بشكل رسمي الرئيس السابق اليميني جاير بولسونارو بالتخطيط لقلب نتيجة انتخابات 2022 بالتعاون مع مؤيديه المرصد السوري لحقوق الإنسان يُعلن ارتفاع عدد شهداء الغارة الإسرائيلية علي مدينة تدمر الي 92 شخصاً
أخر الأخبار

معضلة تذكر يناير

المغرب اليوم -

معضلة تذكر يناير

مأمون فندي
بقلم : مأمون فندي

في مثل هذا الشهر، يناير (كانون الثاني) 2011، انفجرت في مصر أحداث كبرى أدت إلى تنحي رئيس الجمهورية الراحل محمد حسني مبارك عن الحكم، لكن كيف نتذكر تلك الأحداث؟ من أي منظور؟ ومن يتذكر؟ وهل من ينكرون الذكرى هم خونة لتاريخ قريب، عليه شهود أحياء، أم أن ذلك طبيعة المخ البيولوجي البشري؟ ولا أقول العقل، لأنني أعني البيولوجيا فقط هنا، وهل هذا الانتقاء والنسيان من طبيعة المخ؟ وليس عن قصد، وهل المخ يبالغ أحياناً في تذكر أحداث صغيرة ومنحها دلالات ومعاني لم تكن موجودة فيها لحظة حدوثها؟!
أم أننا نتحدث عن سرديات منافسة لثورة يناير؛ حيث رآها البعض ثورة من أجل التغيير، ورآها آخرون نذير شؤم وخراب. تذكر عاطفي، لكنه مرتبط بمواقع ومواقف من يتذكرون. هاتان سرديتان من سرديات شتى تسبح في الفضاء الاجتماعي والسياسي المصري، ربما يشترك فيه إخوة لنا بحسن نية وحبّ من خارج الحدود، رغم عدم وجودهم أو إلمامهم بتفاصيل مشهد شديد التعقيد عند أهله.
هناك سرديات أخرى متنافسة، هل كانت يناير مؤامرة من الخارج تهدف إلى تقويض مصر ودورها، أم أن ما حدث كان فعلاً وطنياً أصيلاً؟ هل كانت «يناير» جزءاً من هبات وطنية، تحدث عندما يصل الظلم الاجتماعي مداه، سواء على يد مستعمر أو حاكم محلي؟
الإجابة عن هذه الأسئلة تصنع السرديات التي نسمعها كل يوم، ولكن معظم هذه السرديات بها ثقوب كثيرة ولا تصمد للتمحيص العلمي، فهي فقط معششة في رؤوس من يتبنونها، وكأنها عقيدة، لا تبعات لأحداث اجتماعية.
من يقول إنها مؤامرة على الوطن، وهو يرفع العلم، ويدعي حماية الوطن ضد المستعمر أو المتآمر الخارجي، الذي يحتقرنا ولا يريد بنا خيراً، لا يدري حامل العلم وحارس الشرف الوطني أنه في طيات فعله وحديثه هذا يحتقر أبناء وطنه بدرجة أقسى. فعندما يقول صاحبنا بالمؤامرة، ينفي عن أبناء جلدته ووطنه القدرة على الفعل الاجتماعي، هم بالنسبة له مجرد دمى لا حياة فيها، تحركها أصابع خارجية، أو أن المصريين في هذا التخيل يمشون كما يمشي النائم، لا عقل لديهم، ولا قدرة على تمييز الخير من الشر أو العدل من الظلم، هم فقط أدوات لقوى خارجية. كيف تكون وطنياً وفي ذات النفس تنكر على أهلك إنسانيتهم وبشريتهم وقدرتهم على فعل التغيير الاجتماعي؟
هذه مجرد ملحوظة من عشرات الملحوظات، وتنطبق على معظم السرديات المطروحة، إذا لا يتحدث أحد عن الثقوب والخروقات المنطقية التي تملأ هذه السرديات. ففي لحظات الحماس يغيب العقل والمنطق.
مرّ أكثر من عقد على ثورة يناير في مصر، وحتى اليوم لا ترى أو تسمع تحليلاً بعقل بارد وهادئ لما جرى. فقط تأييد وهتاف لسرديات أشبه بهتافات مشاهدي كرة القدم في مباراة النهائي بين الأهلي والزمالك، ومع ذلك لا عيب في ذلك، إذا ما قررنا استعماله إيجابياً في الاجتماع والسياسة. فمثلاً بدلاً من مائة حزب وهمي مسجل، يمكن أن يكون هناك حزبان حقيقيان يعبران عن مشاعر حقيقية وقوية، حزب يناير من ناحية، وحزب الثورة المضادة من ناحية أخرى، على غرار الأهلي والزمالك.
هذه ولاءات حقيقية ومشاعر حقيقية، يمكن مأسستها، فتتحول إلى شيء أقرب إلى الحزب الجمهوري، مقابل الحزب الديمقراطي في أميركا، أو حزب العمال مقابل حزب المحافظين في بريطانيا. ظني أن العمل على خلق مؤسسات تعكس مشاعر وطنية حقيقة، ولكن من منظور مغاير، قد يأخذ مصر في الطريق الصحيح، بدلاً من أحزاب ورقية يملكها أفراد وينفقون عليها، ولا تعكس إلا مصالحهم أو إرضاء نرجسيتهم الشخصية. النقطة هنا هي أن ما يبدو أنه سيئ على السطح، بشيء من التفكير العميق والمأسسة، يمكن أن يتحول إلى شيء جاد. لكن ذلك يلزمه قبول واحترام متبادل لشرعية التذكر عند كل فريق.
تذكر يناير يطرح أسئلة كثيرة أخرى، عن التاريخ المعاصر، وعن الماضي بشكل عام، ومدى إلمامنا به. فكيف ونحن نتجادل على تاريخ كنا فيه أحياء، نتذكر تاريخاً لم نكن طرفاً فيه؟ وكيف نطور حوله ذات المشاعر وذات الحماس الذي يشبه أيضاً حماس مشجعي كرة القدم؟ ألا يجعلنا عدم قدرتنا على التذكر نتشكك في الروايات التاريخية ولو قليلاً؟ ألا يحفزنا هذا الموقف على تبني منظور نقدي في قراءة التاريخ البعيد؟ ألا يأخذنا هذا إلى إعادة كتابة التاريخ بطرق مختلفة، وألا ينتج هذا مؤرخين جدداً لدينا على غرار ما رأيناه من المؤرخين الجدد في إسرائيل وتذكرهم حروب إسرائيل مع العرب، في عام 1967 حتى حرب لبنان 2006؟
ذكرى يناير تجعلنا نعيد التفكير في ثقافتنا التي تبدو في كثير منها سوقية أو شعبية في تناولها للأحداث، وتكاد تقترب من رؤية الزاهد في صومعة العلم، ورؤية المواطن البسيط الذي حظي بقليل أو قليل جداً من التعليم. أين ذهبت الثقافة العالية في بلادنا؟ وكيف داستها ثقافة السوقة وثقافة المهرجانات بمعانيها الفنية والاجتماعية والسياسية؟
أخجل كثيراً عندما أراجع ما كتب عن يناير حتى الآن بالعربية، إذ لا تمحيص، ولا نقد هناك للسرديات المختلفة، ولا تدقيق فيما طرحه الفيلسوف الفرنسي ليوتارد حول موضوع شرعية المعرفة. فما هذه المعرفة التي تسكب على عقولنا كل عام كلما نتذكر 25 يناير؟!
هناك أسئلة أخرى لا تخص شرعية المعرفة فقط كمعضلة، ولكنها تخص أيضاً سؤال الملكية، فمن يملك ثورة يناير؟ لا أحد، لكن الإعلام ربط بعض الوجوه بملكية يناير، رغم أن الوجوه في 11 فبراير (شباط) يوم التنحي كانت بالملايين، لا تفرق بينها، فقط من يلتقط الصورة يركز على وجه واحد، ويملكه المشهد كله. هل نحن مدركون لانحياز الكاميرا هذا؟
لا بد من مناقشة طريقة تذكرنا للأحداث بجدية، وأن يأخذ بعضنا بعضاً على محمل الجد، إذا كانت لدينا الرغبة في التعلم من أحداث التاريخ.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

معضلة تذكر يناير معضلة تذكر يناير



GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

GMT 17:27 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب الثاني

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 22:23 2024 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل مباحثات عباس وبوتين لوجود فلسطين في البريكس

GMT 05:47 2023 الثلاثاء ,11 إبريل / نيسان

أول مواطن تركي يسافر إلى محطة الفضاء الدولية

GMT 14:44 2022 الإثنين ,12 كانون الأول / ديسمبر

 المؤشر نيكي يهبط 0.57% في بداية التعامل بطوكيو

GMT 10:31 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

الاتجاهات في عام 2018 تحمل التكنولوجيا إلى مناطق مخيفة

GMT 05:02 2017 الجمعة ,28 إبريل / نيسان

رباه..إنهم يلقنون فرنسا الديمقراطية !!!

GMT 00:32 2017 الثلاثاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

عمرو موسي يتصدر الأكثر مبيعًا بـكتابيه

GMT 21:19 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

النقد الدولي يخفض توقعاته لنمو الصين لـ4.8%

GMT 16:24 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

كيفية إنشاء أحداث خاصة في تطبيق واتساب

GMT 20:46 2023 الخميس ,14 كانون الأول / ديسمبر

الحكومة المغربية تُصادق على إحصاء السكان

GMT 11:04 2023 الخميس ,14 كانون الأول / ديسمبر

صافرات الإنذار تدوي في مستوطنات غلاف غزة

GMT 21:58 2023 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

أنشيلوتي يعنف نجم هجوم ريال مدريد عقب لقاء فالنسيا

GMT 11:58 2023 الأحد ,08 تشرين الأول / أكتوبر

نور الغندور تتألّق بأزياء ملفتة ومميزة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib