الإبادة الجماعية حرفة وتراكم خبرات
ريال مدريد يدرس ضم أرنولد من ليفربول في يناير القادم تقديم 21 شخصا أمام وكيل الملك بتارودانت على خلفية أحداث شغب مباراة هوارة وأمل تزنيت وزارة الصحة اللبنانية تُعلن سقوط 3365 شهيداً و14344 مصاباً منذ بدء العدوان الإسرائيلي "حزب الله" يجبر طائرتين مسيرتين لقوات الاحتلال الإسرائيلي على مغادرة الأجواء اللبنانية أوكرانيا تعلن مسئوليتها عن اغتيال ضابط روسي في شبه جزيرة القرم جيش الاحتلال الإسرائيلي يقوم ببناء بؤر الاستيطانية وفتح محاور جديدة للبقاء أطول في قطاع غزة إرتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 43,712 أغلبيتهم من الأطفال والنساء منذ بدء عدوان الاحتلال الإسرائيلي فرنسا تستنفر وتمنع العلم الفلسطيني قبل مباراتها مع إسرائيل خشية تكرار أحداث أمستردام حزب الله يُنفذ هجوماً جويًّا بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضية على مقر قيادة كتيبة راميم في ثكنة هونين شمال مدينة صفد مقتل مستوطنيين إسرائيليين وإصابة اثنين آخرين جراء سقوط صواريخ لحزب الله في نهاريا
أخر الأخبار

الإبادة الجماعية حرفة وتراكم خبرات

المغرب اليوم -

الإبادة الجماعية حرفة وتراكم خبرات

مأمون فندي
بقلم - مأمون فندي

«باسم كلمات الرب التي نتشاركها في الصلاة، أطلب منكم مسامحتنا على تجاوزاتنا وذنوبنا. فمن دون ذكرى واعية وأسف واعتذار، لا يمكن أن يكون هناك تصالح»، كلمات قالتها وزيرة التعاون الاقتصادي والتنمية الألمانية هايدماري ويكزوريك-زول، في حفل مرور مائة عام على الإبادة الألمانية لقبائل «الهيريرو» وقبائل «الناما» فيما يعرف الآن بدولة ناميبيا، التي كانت تحت الاحتلال الألماني الاستيطاني الذي بدأ رسمياً في مؤتمر برلين الذي عُقد بين عامي 1884 و1885.

القصة ببساطة هي ما نراه اليوم في غزة مضافاً إليه تراكم الخبرات والاحتراف في القسوة والقتل وسرعته مع تقدم تكنولوجيا الموت؛ استعمار استيطاني واستيلاء على أراضي أهل البلاد الأصليين بالقوة، وتمرد ومقاومة من قبل أصحاب الحق.

عندما زادت حدة الرفض والتمرد للمستوطنين المغتصبين في ناميبيا، عيّن الإمبراطور الألماني آنذاك فليهلم الثاني، الجنرال لوثر فون تروثا للقضاء على حركة التمرد في ناميبيا، كما تريد إسرائيل القضاء على «حماس» في غزة، وتمت محاصرة القبائل في منطقة ووتربيرغ التي تشبه غزة، وتم إغلاق جميع الطرق حتى لا يهرب «المخرّبون»، (طبعاً سمعت هذا الوصف من جالانت ونتنياهو)، ثم بدأت الإبادة الجماعية لقبائل «الهيريرو» وقبائل «الناما» بكامل قوتها في منتصف أغسطس (آب) 1905. لا مفر سوى الاستسلام أو الموت، وتم ربط الناس في السلاسل وقتلهم بعشرات الآلاف. ولو تنبه العالم لما فعله الألمان في ناميبيا، لما كان هناك هولوكوست أو أفران غاز ومحرقة لليهود. كانت ناميبيا ناقوس خطر لجرم كبير سيحدث في مكان آخر، ترى ما جرس الإنذار الذي تطلقه غزة للعالم اليوم، وما الأخطر الذي لم ينتبه إليه العالم في إبادة غزة وما تبعاته؟

أكتب هذا المقال وأنا ممن وثقوا وصدقوا القيم الغربية، ولكني أكاد أفقد الثقة في كل المنظومة القيمية التي أُعجبت بها عندما هاجرت إلى الولايات المتحدة ومن بعدها أوروبا، ولم أعد أصدق أن قيم هؤلاء لها علاقة بأفعالهم، ربما كان في داخلي أمل التوبة عند الألمان أو الإنجليز عن الفظائع التي ارتكبوها في حق الإنسان الأفريقي، ولكن يبدو أنني لست محقاً في ذلك. ففي قصة ألمانيا لم يكن هناك اتفاق حتى على ما قالته الوزيرة الألمانية من نغمة تصالحية مع أهل ناميبيا بعد مائة عام من الجُرم، بل اختلف معها وزير الخارجية آنذاك يوشكا فشر برفض أي مصالحة أو تعويضات عن نحو 60 ألف قتيل من قبائل «الهيريرو» وحدهم، ولا اعتذار عن معسكرات التعذيب والشغل الشاق، لا شيء. لا رغبة لدى جزء كبير من نخبة ألمانيا للاعتراف بالذنب، فكيف اعترف الألمان بذنبهم تجاه اليهود، ورفضوا الاعتذار في حالة السود ولو باسم الرب المشترك بينهم؟ أليست مائة عام كافية كفرصة للألمان للاعتراف بحملات الإبادة في أفريقيا، وكم عاماً سيحتاج الإسرائيليون ليعترفوا بحملات إبادتهم تجاه الشعب الفلسطيني؟

أما غزة الإنجليزية، فهي ترتبط بالاستعمار البريطاني الاستيطاني في كينيا، الذي أيضاً اعتمد المذابح والشنق والإبادة تجاه أهل البلاد الأصليين. وكما في فلسطين كان الأمر في كينيا، ففي عام 1945، كان القوميون مثل جومو كينياتا (المقابل لمحمود عباس من الاتحاد الأفريقي الكيني) يضغطون على الحكومة البريطانية من أجل الحقوق السياسية والمدنية، في البحث عن اتفاق يشبه أوسلو 1993 لإزالة المستوطنات وتوزيع ملكية الأراضي إلى أصحابها مرة أخرى، ولكن لا جدوى.

في المقابل لكينياتا وجماعته كان هناك الفريق الكيني المتشدد والمعروف بجماعة «الماو ماو» (التسمية بريطانية وليست محلية)، وهي أقرب شبهاً إلى جماعة «حماس» في غزة الآن. داخل الاتحاد الأفريقي الكيني شكّلوا مجموعة أكثر تشدداً.

في عام 1952، تحالفت جماعات المقاتلين من «كيكويو»، مع مقاتلين من مجموعتين عرقيتين أخريين هما «إمبو» و«ميرو»، وهاجموا المستوطنين البيض، شيء أقرب إلى تحالف «حماس» مع «الجهاد الإسلامي» وكانت جماعة «الماو ماو» جماعة عقائدية، إذ يقسم أفرادها على الالتزام بقضيتهم مثل «كتائب القسام».

وفي أكتوبر (تشرين الأول) عام 1952، بدأت حملة إبادة «الماو ماو»، التي استمرت حتى عام 1960 وراح ضحيتها عشرات الآلاف من الكينيين. وفي الوقت الذي كان يتابع فيه البريطانيون احتفالات اليوبيل الذهبي للملكة إليزابيث، كنت أتابع محاكمة في بريطانيا ضد جرائم الحرب التي ارتكبتها الإمبراطورية في كينيا، ومنها اعتقال نحو مائة ألف كيني من عرق واحد لمدة تصل إلى 10 سنوات دون محاكمة. ورغم كل هذه الجهود لكشف حقائق الإبادة الجماعية في كينيا، فإن بريطانيا لم تعترف إلا بالنذر اليسير من التعويضات لدى ورثة «الماو ماو» بما يساوي 9 ملايين من الجنيهات.

نحن أمام كارثة أخلاقية هنا. فلماذا تتوقع أن تتعاطف بريطانيا مع الفلسطينيين في غزة؟

هل كانت جماعات «الماو ماو» في كينيا إسلامية؟ وهل كانت قبائل «الناما» وقبائل «الهيريرو» إسلامية؟ وهل مفيد أن ننظر إلى آيديولوجية المقاومة أم أن ننظر إلى آيديولوجية المحتل والقاتل؟

في حديث مع الصديق الدكتور علي عبد اللطيف أحميده مؤلف كتاب «الإبادة الجماعية في ليبيا والتاريخ الخفيّ للاستعمار» (Genocide in Libya: Shar, a Hidden Colonial History) المنشور عام 2020، والذي قدمت عرضاً له في هذه الصحيفة (18 أبريل/ نيسان 2021)، قال لي إن النازيين الألمان كانوا يرسلون البعثات للتعلم من إتقان القتل في ليبيا الذي يقوم به الإيطاليون. أشار إلى أن الإبادة الجماعية حرفة عند النازيين وليست عملاً عادياً أو حرباً عادية. وقال: «ما يحدث فى غزة هو إعادة إنتاج لإبادة جماعية مثلما قام الفاشيون الطليان فى ليبيا عام 1929، ولكن غياب المساءلة والمحاكمة يقود إلى تسميم الذاكرة المعاصرة».

من هذا العرض السريع، ندرك أن ما يحدث في غزة اليوم هو تراكم خبرات ألمانية وإيطالية وإنجليزية وإسرائيلية في إتقان تنفيذ المجازر والإبادة الجماعية، ولذلك اجتمعت الدول ذاتها في تأييد مباشر للحملة الإسرائيلية للإبادة الجماعية، ومعها فرنسا التي ارتكبت ما هو أفظع خلال أكثر من قرن وربع القرن في الجزائر. فقط الأميركيون كدولة (بعيداً عمّا جرى للهنود الحمر قبل قيام الدولة) فهم جدد في هذه المهنة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإبادة الجماعية حرفة وتراكم خبرات الإبادة الجماعية حرفة وتراكم خبرات



GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

GMT 17:27 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب الثاني

GMT 21:28 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

«هي لأ مش هي»!

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 09:50 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة
المغرب اليوم - فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد
المغرب اليوم - أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 07:08 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك
المغرب اليوم - الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 00:06 2016 الأربعاء ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

طريقة عمل خبز الذرة للإفطار

GMT 16:46 2014 الثلاثاء ,08 تموز / يوليو

الشوفان سلاح ضد السرطان

GMT 03:39 2017 السبت ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

دخول سيارتين قديمتين لـ"مرسيدس بنز" إلى المزاد العلني

GMT 07:11 2015 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

ارتفاع معدل التلوث جراء حرائق الغابات في إندونيسيا

GMT 19:47 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

ميس حمدان تسجّل حلقة رائعة لبرنامج "بيومي أفندي"

GMT 11:02 2022 الأحد ,11 كانون الأول / ديسمبر

بيروت تتوالد من رمادها وتتزين بكُتابها.

GMT 22:37 2020 الإثنين ,18 أيار / مايو

وفاة رجل الأعمال السعودي صالح كامل
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib