شكل اليوم التالي للحرب

شكل اليوم التالي للحرب؟

المغرب اليوم -

شكل اليوم التالي للحرب

مأمون فندي
بقلم - مأمون فندي

أحاديث كثيرة تتناول اليوم التالي لما بعد حرب غزة، بعضها في الغرف المغلقة في واشنطن وتل أبيب وبروكسل ولندن ومعها بعض العواصم العربية، والبعض الآخر في مراكز التفكير الجادة، وكثير منها في الإعلام، ومعظمها يبدأ من فرضيات لا تقوى على التمحيص لفترة طويلة، ومع ذلك لا بد من تناولها، وذلك لأن سيناريوهات اليوم التالي لما بعد الحرب ليست محلية، بل لها أبعاد إقليمية ودولية.

اليوم التالي لإسرائيل ربما أهم من اليوم التالي لغزة. اليوم التالي لإسرائيل يساوي أولاً أن نظرية إعادة تشكيل الشرق الأوسط التي تبنتها إسرائيل منذ شارون في عام 1982 حتى اليوم تكررت أكثر من مرة وأثبتت فشلها. اليوم التالي لإسرائيل أيضاً لا يمكن أن يمحو أن الجيش الذي لا يقهر والمخابرات التي لا تنام، فشلا في توقع هجوم «حماس» على مستوى جمع المعلومات والتحليل وردة الفعل في الوقت المناسب، وبالتالي صورة قوة إسرائيل في الداخل وعند الكفيل العالمي الأميركي والأوروبي أُصيبت بعطب يصعب ترميمه. إسرائيل كأداة ردع إقليمي واستثمار أميركي، فشلت. فالدول التي اشترت فكرة أن إسرائيل قوة ردع إقليمية ومدّت يدها إليها بالصداقات سيكون في أحسن الأحوال لديها شك كبير في قدراتها.

اليوم التالي لغزة هو اليوم الذي كان قبل 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. «حماس» ستكون موجودة وربما بشكلها الأكثر تشدداً على الأرض مع غياب الجناح السياسي لها الذي قد يرحل خارجها كما ترك عرفات بيروت، ولكن مَن سيحكم غزة؟

إسرائيل قالت صراحة إنها لا تريد أن تحكم غزة، وغزة لا تستطيع أن تحكم نفسها، ومصر ترفض أن تُلقى مسؤولية غزة على كاهلها خوفاً من «الترانسفير»، أي نقل أهل غزة إلى سيناء ورمي المشكلة في سيناء.

إذن، اليوم التالي لغزة هو سيطرة «حماس» بجناحها العسكري ودون جناحها السياسي. فمَن يستطيع أن يدفع فاتورة ذلك؟ هذه هي نتيجة تغيير غزة بالقوة والقضاء على «حماس» كما تتصورها غرف تل أبيب وبعض العواصم. خريطة نتنياهو التي عرضها في الأمم المتحدة هي خرائط شارون ذاتها في 1982. مات شارون وبقي الشرق الأوسط ليس كما هو، بل في حال أسوأ.

لا بد أن نأخذ التفكير إلى مداه المنطقي وبعقول باردة وتروٍ يعكس ما تعلمناه في مسائل الحكم والإدارة وتوازن القوى في نظام إقليمي هش.

اليوم التالي في غزة يشبه اليوم التالي لمعظم الحروب الفاشلة التي لم يكن لديها أفق سياسي وتعريف محدد للنصر، من حرب أميركا في فيتنام، إلى حرب الاتحاد السوفياتي في أفغانستان، إلى حرب أميركا الطويلة في أفغانستان، التي بدأت بفكرة القضاء على «طالبان»، ثم انتهت بعد عقدين من الزمان إلى تسليم أفغانستان لـ«طالبان» وبوساطة دولية.

الحروب الفاشلة مشكلة، وثمن الانسحاب من هذه الحروب أكثر خطورة، وما انسحاب إسرائيل من لبنان إلا دليل واحد على نوعية ما يهلوس به أهالي الغرف المغلقة، الذين لم ينالوا قسطاً جيداً من التعليم.

حرب غزة لن تختلف كثيراً عن حرب «طالبان»؛ بعد دمار شامل وتكاليف باهظة سيسلم الإسرائيليون غزة لـ«حماس» مرة أخرى.

إذن، ما العمل؟ الحل يكمن في أن تؤكد الأطراف الإقليمية وبوضوح أنها هي التي ستدفع فاتورة فشل التصورات قصيرة النظر. أول المتضررين من هذه العجلة هي دول الجوار المباشر لفلسطين، وهنا أعني مصر والأردن، وربما سوريا بدرجة أقل. ولا بد لصناع القرارات في العالم الغربي أن ينصتوا إلى التصورات المكتوبة في الغرف المغلقة في هذه الدول، دول الجوار الفلسطيني، فأهل الإقليم أكثر إلماماً بتبعات هذه الكارثة الإنسانية. المحترفون في هذه الغرف المغلقة في الإقليم قادرون على تقديم تصورات أفضل من تلك التي أتى بها الوزير بلينكن، أو رسمها أهل الغرف المغلقة «المهلوسة» في تل أبيب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شكل اليوم التالي للحرب شكل اليوم التالي للحرب



GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

GMT 07:04 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

وزن تأريخ الأردن في التوجيهي 4 علامات.. أيعقل هذا ؟!

GMT 07:01 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

لكنّها الطائفيّة... أليس كذلك؟

GMT 06:58 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

العلويون جزء من التنوّع الثقافي السوري

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 09:11 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

المغرب يستعيد مكانته كأول وجهة سياحية في إفريقيا
المغرب اليوم - المغرب يستعيد مكانته كأول وجهة سياحية في إفريقيا

GMT 08:17 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

ترامب يؤكد أن بوتين يرغب في اجتماع لإنهاء حرب أوكرانيا
المغرب اليوم - ترامب يؤكد أن بوتين يرغب في اجتماع لإنهاء حرب أوكرانيا

GMT 16:36 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

بسمة بوسيل تشوّق جمهورها لأغنيتها الجديدة "لأ ثواني"
المغرب اليوم - بسمة بوسيل تشوّق جمهورها لأغنيتها الجديدة

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 16:47 2022 الجمعة ,14 كانون الثاني / يناير

حزب التجمع الوطني للأحرار" يعقد 15 مؤتمرا إقليميا بـ7 جهات

GMT 01:35 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء 24 - 12 - 2024 والقنوات الناقلة

GMT 01:40 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

زين الدين زيدان يرفض عروض التدريب بعد رحيله عن ريال مدريد

GMT 20:05 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

فيسبوك يضيف "عدد المشاهدات" للصور والنص في المنشورات

GMT 02:45 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

حكيم زياش أكثر من سجل للمنتخب المغربي في ملاعب إفريقيا

GMT 03:52 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

المنتخب المغربي يسحق نظيره اللاتفي بسداسية

GMT 11:52 2012 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

تونس تحتضن المهرجان الدولي للموسيقى الأندلسية 21 الجاري

GMT 23:56 2019 الأحد ,12 أيار / مايو

أغذية تساعدك على الإقلاع عن التدخين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib