بقلم - طارق الشناوي
(قل) إنه من أكثر الأفلام تحقيقًا للإيرادات (ولا تقل) إنه الأكثر، تلك هي واحدة من المآسى التي استسلمنا لها، الإسراف في استخدام (أفعل التفضيل).لعبة الأرقام وظلالها وأيضًا خداعها تستحق أن نتأملها، بين الحين والآخر نقرأ خبرًا يقول إن هذا الفيلم حقق أكبر إيرادات في تاريخ السينما المصرية، استنادًا إلى الرقم معزولًا عن كل المؤثرات الأخرى.
نتجاهل مثلًا القيمة الشرائية للجنيه المصرى الآن وفى الماضى، ونغض الطرف عن عدد السكان ودور العرض، وسعر التذكرة.
أعلى أجر في تاريخ السينما لا يمكن أن يصبح مثلًا عادل إمام رغم أنه تقاضى 16 مليون جنيه عام 2010، هو الأعلى في جيله وزمنه الذي يمتد نحو نصف قرن، إلا أننا لو اتسعت الدائرة نقول إن من تستحق لقب الأعلى تاريخيًّا هي ليلى مراد، ارتفع أجرها إلى 15 ألف جنيه منذ منتصف الأربعينيات حتى توقفها عن السينما منتصف الخمسينيات، سوف تلاحظ أن فاتن حمامة التالية لها لم يتجاوز أجرها 5 آلاف، ليلى بالأرقام ثلاثة أضعاف فاتن، مصدرى هو المخرج كمال الشيخ الذي قال لى إنه تقاضى هذا الرقم في أول أفلامه (المنزل رقم 13) حتى يتساوى بأجر فاتن، كما أن الأستاذ سعد الدين وهبة قال لى إن شادية كانت تلى فاتن وتحصل على 4 آلاف جنيه.
طوال تاريخ السينما لدينا أفلام تحقق أرقامًا توصف بالقياسية، مثل (غزل البنات) و(الآنسة حنفى) و(ابن حميدو) و(خللى بالك من زوزو) الذي استمر عرضه لمدة عام بدأ في أكتوبر 72 ولم يرفع من دار العرض إلا 6 أكتوبر73، وجدت الدولة أنه ليس من اللائق أن يضحى الجنود بدمائهم على الحدود، بينما المصريون في الداخل يغنون (زوزو النوزو كوانوزو). نذكر أيضًا أفلامًا مثل (أبى فوق الشجرة) والتى لم تقتصر فقط على عرضها الأول، ولكن بين الحين والآخر يعاد عرضها مجددًا، وهو ما حدث أيضًا مع فيلم (حمام الملاطيلى) الذي عرض عام 73، وبعد إعلان شمس البارودى تحجبها، أعيد في منتصف الثمانينيات. تبرأت شمس من أفلامها وعلى رأسها (الملاطيلى)، فلعبت دورًا إيجابيًّا في زيادة الإيرادات. في (التترات) ستجد اسم صلاح أبوسيف مخرجًا ومنتجًا، وتواصلت معه شمس لمنع عرض الفيلم، قال لها إنه لم يعد ملكًا له، باعه قطعيًّا، وبالطبع خسر على حد قوله الكثير فلم يتصور أحد أن دور العرض ستتهافت عليه مجددًا.
من الأفلام الفارقة أيضًا بالأرقام وبدون ترتيب زمنى (الباطنية) و(ثرثرة فوق النيل) و(رجب فوق صفيح ساخن) و(الكرنك) و(العار) ولديكم (صعيدى في الجامعة الأمريكية) و(اللمبى) و(الفيلم الأزرق 2) و(أولاد رزق 2) و(الممر) وأضيف لتلك السلسلة مؤخرًا (كيرة والجن) الذي تجاوز حاجز 100 مليون جنيه، وأمامه أيضًا متسع من الأرقام، فهو الأول ولكن هذا لا يعنى أنه الأول طوال تاريخ السينما.
الرقم الأعلى في المطلق لا يؤدى قطعًا إلى نتائج صائبة، مشكلة السينما المصرية أنها قائمة على المعلومات الشفهية، مثل مقولة إن السينما كانت هي مصدر الدخل الثانى بعد القطن، سألت الأستاذ أحمد الحضرى المؤرخ الكبير قال لى إنه نقلها عن يوسف بك وهبى، سألت أحد أساتذة الاقتصاد قال لى قبل الخمسينيات لم يكن لدينا شىء نصدره سوى القطن ويليه السينما، وبديهى أن تحتل المكانة الثانية، أتمنى أن يعد المركز القومى للسينما المصرية دراسات موثقة تنهى هذا الجدل في كل تلك الملابسات وغيرها