إسماعيل ياسين وناصر وملك المغرب

إسماعيل ياسين وناصر وملك المغرب!!

المغرب اليوم -

إسماعيل ياسين وناصر وملك المغرب

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

يمتلئ النت بعشرات من القصص المختلقة، إلا أن تلك الحكاية تحديدا حظيت بمصداقية كبيرة، لأن قائلها هو نور الشريف، أعلنها فى عشرات من اللقاءات، ليست فقط الفنية لكن أيضا السياسية، فهى تحمل دلالة إيجابية فى صالح الفنان، تؤكد أهمية دوره فى التعبير عن وجدان الشعب.

الحكاية أن الرئيس جمال عبد الناصر، فى نهاية الخمسينيات، زار المملكة المغربية واستقبله فى المطار الملك الأسبق محمد الخامس، والد الملك الحسن الثانى، وجد الملك محمد السادس.

استقبلت الجماهير المغربية ناصر بحفاوة بالغة، وفى الطريق إلى قصر الضيافة، تعالت الهتافات لناصر واخترق الحشود واحدا من البسطاء، واستطاع أن يصل إلى عبدالناصر وخاطبه قائلا: (لما ترجع مصر سلم لى على إسماعيل ياسين). وترددت تلك الحكاية كثيرا فى مصر، ولن تجد لها بصيصا من الحقيقة فى المغرب.

أغلب الحكايات المشابهة تبدأ بهدف، يسعى إليه الراوى، ثم يبحث عن قصة تتناسب معها، لا يهم أن تكتشف أنها مجرد (فنكوش)، كانت الدولة فى تلك الحقبة الزمنية تراهن على إسماعيل ياسين وقدرته على التأثير لدى الشاب، لإقناعهم بالتطوع للجيش، وهكذا شاهدنا تلك السلسلة التى بدأت مع (إسماعيل ياسين فى الجيش) مرورا بـ «إسماعيل ياسين فى (الطيران) و(الأسطول) و(البوليس الحربى)»، وغيرها من فروع القوات المسلحة.

الدولة المصرية فى زمن ناصر راهنت على شعبية إسماعيل ياسين فى توصيل تلك الرسائل الوطنية.

الكل يردد حكاية ناصر والمواطن البسيط المغربى، باعتبارها حقيقة، فى كل مرة أتلقى دعوة لزيارة المملكة المغربية فى أى تظاهرة فنية، أسأل عن وثيقة تؤكدها فلا أجد، لن تعثر على أى قصاصة صحفية ذكرتها ولو على سبيل المداعبة.

أعداء عبدالناصر، وهم كثر، يقرأونها باعتبارها تشير إلى أن إسماعيل ياسين كان أكثر جماهيرية من ناصر، عشاق عبدالناصر ودراويشه، وهم أيضا كُثر، يقرأون وجها آخر، يشير إلى مدى تواضعه مع المواطن البسيط فى أى بلد عربى.

الوسط الفنى يرى فيها رسالة يحملونها للرأى العام، وللدولة تؤكد قوة تأثير الفنان المصرى عربيا، من أجل أن تتم الحفاوة به فى الداخل وإيجاد حلول لكل معوقاته.

هل هناك من يعنيه صدق الواقعة؟ إجابتى: أبدا (ولا الهوا)، أتذكر أن الكاتب الكبير أنيس منصور أراد النيل من عبدالناصر، فاخترع تلك القصة وهى أن أم كلثوم، بعد هزيمة ٦٧، سارعت بالاتصال بالشاعر والصحفى الكبير كامل الشناوى قائلة: (إيه اللى حصلنا ده يا كامل بك) أجابها: (دى عصابة تحكم مصر يا ثومة)، كل الملابسات تشير إلى أن تلك الواقعة لم تحدث، لا تجرؤ أم كلثوم أن تدير قرص التليفون لتتحدث بحرية، وهى تعلم أن كل المكالمات تحت المراقبة، ولا يجرؤ، لنفس السبب، أن يرد عليها كامل الشناوى بتلك الجملة، الأهم من كل ذلك أن كامل الشناوى رحل ٣٠ نوفمبر ١٩٦٥، وبالطبع لم يشهد هزيمة ٦٧، ورغم ذلك لاتزال رواية أنيس هى المصدقة، وحكاية إسماعيل ياسين يتم تناقلها من جيل إلى جيل.

فى كل مرة أوقن أننا لا نبحث عن الحقيقة، بقدر ما ننتظر أن نردد الحكاية التى تعبر عن قناعاتنا، (طبلة) الأذن صارت تضبط فقط الإيقاع على أكثر النغمات

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إسماعيل ياسين وناصر وملك المغرب إسماعيل ياسين وناصر وملك المغرب



GMT 18:56 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

يتفقد أعلى القمم

GMT 18:54 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

تحولات البعث السوري بين 1963 و2024

GMT 18:51 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سوريا و«تكويعة» أم كلثوم

GMT 18:49 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 18:47 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والنظام العربي المقبل

GMT 18:44 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

2024... سنة كسر عظم المقاومة والممانعة

GMT 18:41 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

أميركا والفضائيون... أسرار الصمت المدوي

GMT 18:38 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 15:47 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

منح يحيى الفخراني جائزة إنجاز العمر من مهرجان الأفضل
المغرب اليوم - منح يحيى الفخراني جائزة إنجاز العمر من مهرجان الأفضل

GMT 16:06 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

منتجات لم يشفع لها الذكاء الاصطناعي في 2024

GMT 08:33 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

الطقس و الحالة الجوية في تيفلت

GMT 00:40 2018 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

حطب التدفئة يُسبب كارثة لأستاذين في أزيلال

GMT 05:45 2017 الأحد ,31 كانون الأول / ديسمبر

بنغلاديش تعتزم إعادة 100 ألف مسلم روهينغي إلى ميانمار

GMT 07:34 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

نادال يُنهي 2017 في صدارة تصنيف لاعبي التنس المحترفين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib