دراما رمضان شيء من الهدوء
أخر الأخبار

دراما رمضان.... شيء من الهدوء!

المغرب اليوم -

دراما رمضان شيء من الهدوء

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

أكثر من دولة عربية انتفض فيها قطاع معتبر من الرأي العام عن طريق «السوشيال ميديا»، معرباً عن رفضه لهذا المسلسل أو ذاك، مؤكدين أنه يسيء مثلاً لصورة المرأة، وقد تتسع الدائرة ويصبح متهماً بالنيل من الوطن، حتى الإعلانات لم تسلم من هذا الطوفان، بحجة إهانة التراث الغنائي ومن ثم التاريخ!

في دولة الكويت هذه المرة، كان إعلان الغضب، وصاحب ذلك أيضاً بيان من وزارة الإعلام لم يذكر مباشرة اسم المسلسل الكوميدي «زوجة واحدة لا تكفي»، إلا أنه في النهاية لم يكن يقصد غيره، وتعددت التنويعات الرافضة.

تابعنا بعدها ما ناله المسلسل المغربي «بنات الحديد»، والحجة الجاهزة إهانة المرأة، وفي مصر اشتعلت مساحات احتجاج عدد من الأطباء الشرعيين بسبب مسلسل «أشغال شقة»، بحجة أنه ينتهك مهنة الطبيب الشرعي، ناهيك عن ثورة عارمة بسبب إعلان تم فيه استخدام أغنية عبد الحليم الشهيرة «دقوا الشماسي»، التي قدمها في فيلمه الأخير «أبي فوق الشجرة»، وتم استغلالها للترويج لأحد المنتجعات السكنية.

القضية كما ترى ليست جديدة أو مستحدثة، ولم تخلق من عدم، إنه ميراثنا القديم، الذي دأبنا فيه على محاكمة الصورة بوصفها حقيقةً مطلقةً، وغالباً ما نحيط تلك الرؤية المتعسفة، بمعايير أخلاقية مباشرة، كما أن أغلب أصحاب المهن يعتقدون أن الدراما تترصدهم، وعندما تقدم طبيباً أو مهندساً أو محامياً فهي تنال من المهنة أو تسعى للتحقير منها، وأتذكر قبل نحو عشر سنوات مثلاً احتجاج عدد من حارسات سجون النساء ضد مسلسل «سجن النساء»، وهو ما سبق مثلاً للمرشدين السياحيين إعلانه في مسلسل آخر والممرضات في مسلسل ثالث، بل وكادت نقابة الصحافيين المصرية أن تتورط قبل أكثر من 18 عاماً، في فعل مماثل، عندما طالب البعض بمصادرة فيلم «عمارة يعقوبيان» لأسباب معروفة، إلا أنه في النهاية انتصر صوت العقل وتراجعت النقابة، لأنها وجدت تناقضاً بين شعارها الأثير الذي تدافع فيه عن حرية التعبير، بينما تصادر في الوقت نفسه حق السينمائيين في التعبير!

لدينا عشرات من الحكايات المماثلة، وهي قطعاً غير مقتصرة فقط على شهر رمضان، إلا أن زيادة كثافة المشاهدة في هذا الشهر الكريم، تؤدي إلى زيادة مساحة جرعة الغضب.

تستطيع أن تكتشف قدراً كبيراً من التناقضات، تؤدي إلى قراءة مشوشة للعمل الفني، رغم أنه لا يوجد فيلم أو مسلسل، من الممكن أن يسيء إلى الوطن، كما أن تقديم شخصيات منحرفة تمارس مهنة محددة، لا يعني أن كل من امتهنها يعد في نظر الناس منحرفاً.

عندما نشاهد فيلم أو مسلسل أو مسرحية «ريا وسكينة»، الذي تناول أشهر سفاحتين في التاريخ، هل نعتقد أن صورة المرأة المصرية قد تم تدميرها، والكل سيعتقد أن تلك هي حقيقة المرأة على أرض «المحروسة»؟

كبار المخرجين أمثال يوسف شاهين في مصر ومرزاق علواش بالجزائر ونبيل عيوش في المغرب، وغيرهم، لم يسلموا من تلك القذائف النارية التي ألقيت في وجوههم، وعدَّهم البعض ينشرون الغسيل القذر لدولهم من أجل حصولهم على تمويل أجنبي لأفلامهم، طالب البعض مثلاً قبل 33 عاماً بسحب جواز السفر من المخرج يوسف شاهين، بمجرد عودته من «مهرجان كان» لأنه أساء للوطن بفيلم «القاهرة منورة بأهلها».

تمر أيام ويهدأ الرأي العام، عندما يكتشف أنه يشاهد عملاً فنياً يتناول شخصية محددة، ورغم ذلك فإن النار تظل تحت الرماد.

أتذكر بعد نكسة 67 مباشرة، قدمت الإذاعة المصرية وبتوجيه من جمال عبد الناصر، المسلسل الفكاهي «شنبو في المصيدة»، بطولة فؤاد المهندس وشويكار، ورددوا في «التتر» الغنائي «شنبو يا شنبو... والله ووقعت يا شنبو» على نفس لحن الأغنية الوطنية «بلدي يا بلدي... بلد الأحرار يا بلدي»، ولم يعتبرها أحد تسخر من الوطن ولا الزعيم، رغم أننا كنا نعيش تحت وطأة الهزيمة.

شيء من الهدوء وإعمال العقل مطلوب، فلا شيء من الممكن أن يسيء للوطن، مثلما يسئ إليه استخدام سلاح الإساءة للوطن!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دراما رمضان شيء من الهدوء دراما رمضان شيء من الهدوء



GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

GMT 07:04 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

وزن تأريخ الأردن في التوجيهي 4 علامات.. أيعقل هذا ؟!

GMT 07:01 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

لكنّها الطائفيّة... أليس كذلك؟

GMT 06:58 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

العلويون جزء من التنوّع الثقافي السوري

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 21:52 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

فالنسيا يقيل مدربه باراخا بعد التراجع للمركز قبل الأخير

GMT 11:01 2019 الأحد ,21 إبريل / نيسان

اكتنز ثواب وفضل ليلة النصف من شهر شعبان

GMT 20:16 2019 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

الهدف الأول لليفربول عن طريق ساديو مانيه

GMT 12:05 2018 الخميس ,19 إبريل / نيسان

"ديور" تطلق مجموعة جديدة ومميزة من الساعات

GMT 00:12 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

إنتر يواصل ملاحقة الصدارة بثنائية في كومو

GMT 23:47 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

نيكولاس غونزاليس سعيد باللعب في غير مركزه مع يوفنتوس
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib