«عمر أفندي» ولذة ألم الاشتياق

«عمر أفندي»... ولذة ألم الاشتياق!

المغرب اليوم -

«عمر أفندي» ولذة ألم الاشتياق

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

 

هل توقع أحد هذا النجاح الجماهيري الذي حققه مسلسل «عمر أفندي»؟ لا أزال أشاهده على منصة «شاهد».

لا يراهن العمل الفني على أسماء نجوم كبار؛ البطل أحمد حاتم ممثل موهوب وتعددت المراهنات عليه كنجم، إلا أنه قبل هذا المسلسل كان مشروع نجم، وأتصور أن المشروع صار حقيقة بهذا المسلسل. الغريب أن اسم حاتم تردد بقوة في الأسابيع الأخيرة؛ فهو بطل فيلم «الملحد» الذي يحيط موعد عرضه الكثير من الغموض. الكاتب مصطفى حمدي قدم عدداً من الأعمال الدرامية الجيدة قبل «عمر أفندي»، في حين أن المخرج عبد الرحمن أبو غزالة في بداية الرحلة، الشاشة التي رأيتها تضعه في قائمة الموهوبين، أجاد الاقتراب من تحقيق حالة من التماس مع وجدان الناس، سرعان ما اشتعلت.

العودة للزمن الماضي، أحد الأسلحة التي يلجأ إليها عادة صناع الدراما بكل أطيافها، من أجل تمرير فكرة، أو إسقاط على الحاضر. الكاتب والمخرج تعاملا برؤية ساخرة مع التنقيب في صفحات الماضي. صار بطل المسلسل أحمد حاتم هو المعادل الموضوعي للمتفرج؛ فهو ينتمي للعالم الذي نعيشه الآن، إلا أن عليه العودة نحو 80 عاماً لكي يصبح «عمر أفندي»، في زمن مقاومة الاستعمار البريطاني، وصراع الأحزاب، وانتشار بيوت الدعارة، واقتراب نهاية الحرب العالمية الثانية التي وجدت مصر نفسها طرفاً فيها، وانقسم الشعب ما بين مؤيد لبريطانيا (الحلفاء) ضد ألمانيا (المحور)، أو العكس.

الكاتب لعب مع الزمن بطريقة «زجزاجية»؛ صعوداً وهبوطاً، من هنا وهناك، كما أنه أخذ بعض ملامح من سينما ودراما الماضي، ليعيد تدويرها بمذاق هذه الأيام.

مثلاً في رواية «خان الخليلي» لنجيب محفوظ، والتي صارت فيلماً سينمائياً أخرجه عاطف سالم، كانت هناك شخصية أداها باقتدار الفنان عبد العظيم عبد الحق، كان عبد الحق منحازاً إلى الألمان، ليس بسبب المقولة الشهيرة التي ترددت وقتها: «عدو عدوي صديقي». ولأن مصر محتلة من الإنجليز؛ هناك من أعلن انحيازه لألمانيا، في حين أن صاحبنا كانت أسبابه شخصية بحتة، بعد أن تردد أنهم اخترعوا قرصاً يعيد إليه الحيوية والشباب، ولهذا تمنى انتصارهم حتى يتوفر له القرص السحري. يؤدي دوره في المسلسل محمد رضوان، كما أنه يستعيد المشهد الشهير من فيلم «البوسطجي»، تأليف يحيى حقي، لنشاهد مصطفى أبو سريع عامل البريد وهو يفتح الخطابات بنفس طريقة بخار الماء المنبعث من البراد التي كان يستخدمها شكري سرحان في الفيلم.

لم يكتفِ بهذا القدر، أضاف أغنية عمرو دياب «يا قمر» التي يحاكي فيها أغاني المهرجانات، وقدم حاتم وأبو سريع فاصلاً من السخرية التي يطلقون عليها «البارودي».

تلك المقاطع وغيرها أضعها في إطار «الاسكتش» الساخر، كثيراً ما قدمه نجوم المسرح الكوميدي، مثل سمير غانم ونجاح الموجي ومحمد نجم.

استند الكاتب إلى أن البطل أحمد حاتم هو الوحيد المدرك أنه ينتمي إلى زمن مغاير، وكأنه من «أهل الكهف» ولكن برؤية عكسية، فهو ينتقل من الحاضر إلى الماضي.

في العالم، ومع اختلاف الدرجة، لدينا إحساس الحنين للماضي (نوستالجيا)، والذي يطلقون عليه ألم الاشتياق، إحباط الحاضر يلعب دوراً محورياً في تعميقه، المسلسل اتكأ إليه، المفردات العامية التي اندثر بعضها أعادها الكاتب مجدداً للحياة.

هناك قطعاً أخطاء في عدد من التفاصيل المتعلقة بالملابس والديكورات والموسيقى والحوار، إلا أن الناس من أجل الاستمتاع بلذة ألم الاشتياق تسامحوا معها!

 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«عمر أفندي» ولذة ألم الاشتياق «عمر أفندي» ولذة ألم الاشتياق



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ المغرب اليوم
المغرب اليوم - المغرب يفقد 12 مركزاً في تصنيف مؤشر تنمية السياحة والسفر لعام 2024

GMT 08:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
المغرب اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 15:34 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

سعد لمجرد يكشف عن عمل جديد مع الفنانة إيلي أفرام
المغرب اليوم - سعد لمجرد يكشف عن عمل جديد مع الفنانة إيلي أفرام

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:14 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 18:57 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 14:11 2015 السبت ,23 أيار / مايو

العمران تهيئ تجزئة سكنية بدون ترخيص

GMT 17:38 2022 السبت ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنيه الذهب يسجل رقماً قياسياً لأول مرة في مصر

GMT 15:13 2018 الأحد ,03 حزيران / يونيو

تغلبي على الخوف من عيوب جسدك مع ارتداء الحجاب

GMT 15:12 2018 الثلاثاء ,08 أيار / مايو

عمران فهمي يتوج بدوري بلجيكا للمواي تاي

GMT 08:03 2018 الأربعاء ,14 آذار/ مارس

ما الذي سيقدمه "الأسطورة" في رمضان 2018؟

GMT 20:50 2018 السبت ,24 شباط / فبراير

خفيفي يعترف بصعوبة مواجهة جمعية سلا

GMT 17:06 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

وليد الكرتي جاهز للمشاركة في الديربي البيضاوي

GMT 06:59 2018 الجمعة ,26 كانون الثاني / يناير

كليروايت تغزو السجادة الحمراء بتشكيلة متميزة

GMT 17:54 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

الفالح يُعلن أهمية استمرار إجراءات خفض إنتاج الخام

GMT 19:57 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

مهرجان أسوان لأفلام المرأة يفتح باب التسجيل بشكل رسمي

GMT 05:45 2018 الخميس ,18 كانون الثاني / يناير

ابتكار روبوت مصغر يتم زراعته في الجسم

GMT 23:06 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

مشروع الوداد يؤخر تعاقده مع غوركوف
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib