دورة فقيرة فنيًا إلا قليلًا سبيلبرج يخشى «الدب الذهبى» أكثر من «الفك المفترس»

دورة فقيرة فنيًا إلا قليلًا.. سبيلبرج يخشى «الدب الذهبى» أكثر من «الفك المفترس»

المغرب اليوم -

دورة فقيرة فنيًا إلا قليلًا سبيلبرج يخشى «الدب الذهبى» أكثر من «الفك المفترس»

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

الإبداع لا يعرف العمر الزمنى لأنه مرهون بالقدرة على مواصلة الإحساس بالشغف، فى تلك اللحظة يكمن سر هذا الوميض السحرى، المبدع لا يخطط لعمل ما، يسعى لإنجازه فى مرحلة زمنية، محددة، وأغلب من وضعوا خططا فشلوا فى تنفيذها، بين الحين والآخر يستمع الفنان إلى صوت يعيد (برمجته) فكريا لتقديم شىء محدد، ربما لم يخطط له من قبل، ليصبح هو أقرب لأداة تنفيذية، لا تملك سوى الإذعان.

يظل الفنان حتى اللحظة الأخيرة يتنفس أحلامه، يدخل فى سباق لا شعورى مع الأيام التى لن تكفيه لإحالة أفكاره إلى واقع، لا يحسبها بالسنوات ولكن المقياس فقط هو هذا السحر الكامن الذى نطلق عليه الشغف، وعندما تفتقده، تفتقد فى نفس اللحظة الإبداع ـ

تظل هناك عوامل أخرى مساعدة أهمها القدرة على متابعة وهضم مفردات الزمن، وكلما استطعت استقبال كل ما هو جديد تظل متوهجا متمتعا بلياقة فنية ليصبح الزمن مجرد رقم فى جواز السفر يشير فقط إلى تاريخ الميلاد.

كل ما سبق هو مجرد ملامح عامة، تتجسد فى المخرج الأمريكى الجنسية اليهودى الديانة الذى أصبح واحدًا من أيقونات (الفن السابع) عبر التاريخ، لماذا حظى بتلك المكانة؟ أولا لأنه لم يتوقف عن العطاء، هذا يعنى أنه يجيد قراءة جمهوره الذى يفصله عنه نحو أربعين عاما على اقل تقدير، ملحوظة 80 قى المائة من جمهور السينما دون الثلاثين، وهذا يعنى ضرورة استيعاب كل مفرداتهم.

ثانيا لأنه لايزال على الشاشة شابا متفوقا بقدرته الإبداعية، بالمقارنة بجيل مخرجى الألفية الثالثة، اللغة السينمائية تتغير أبجديتها من حقبة إلى أخرى، والمتلقى أيضا تتغير شفرة التواصل معه، وتلك هى المشكلة التى تواجه أحيانا جيل الكبار عندما يجد أن المسافة بينه والجمهور قد اتسعت، وموجة البث قد تغيرت، وفى العادة لا يعترف بأنه هو المشكلة وليس الناس ولا حتى المسؤول، ولكننا كما تعودنا فى عالمنا العربى نبحث عن أشياء أخرى خارج النص، نلقى عليها تبعات إخفاقنا.

مؤشر التفاعل الجماهيرى أراه هامًا جدا للمبدع وعندما يلتقط الفنان المخضرم تلك التفاصيل يستطيع الجمع بين القيمة الفنية وشباك التذاكر، لم يستسلم أبدا سبيلبرج لمن يرى السينما مجرد تعبير ذاتى عن إحساسه حتى يصل ويواصل، نعم يبدأ الإبداع ذاتيا ولكن هناك على أطراف الدائرة الجمهور.

ويصل المبدع لأقصى محيط الدائرة، سبيبلبرج يتجاوز دائرته الشخصية، رغم أنه فى كل إبداعه ومواقفه ينطلق من جزء حميم بداخله، هو مدافع شرس عن السينما كظاهرة اجتماعية تفرض على المتلقى طقسا محددا، ولهذا يرفض بشراسة.

مشاركة أفلام المنصات فى المهرجانات وجوائز الأوسكار خوفا على السينما كظاهرة اجتماعية طقسية، لا ينفصل عما يجرى من متغيرات فى العالم، رغم أنه يعيش فى النصف الثانى من العقد الثامن من عمره 76 عاما، ولا يزال فى الميدان يقدم أفضل الأفلام التى تثير شهية لجان التحكيم فى المهرجانات، وتدفع الجمهور للتعاطى بإيجابية معها فى دور العرض.

بوجه عام لم تنجح الإدارة الجديدة فى مهرجان برلين لاختيار الأفضل عالميا، هناك أفلام تسللت للمسابقة وتثير التساؤل عن أهمية تواجدها فى هذا المهرجان العريق، وسبب حماس الإدارة الفنية الجديد، وما هى المبررات، على الجانب الآخر نجحت إدارة المهرجان فى منح جائزة الدب الذهبى لتكريم سبيلبرج على إنجازه فى رحلته الممتدة، اختيارا ذكيا فى مكانه وزمانه.

لا يزال مبدعا وقادرا على إثارة الدهشة وآخر أفلامه (آل فيبلمان) الذى يتناول جانبا من حياته مرشح بقوة لـ7 جوائز أوسكار فى هذه الدورة التى تحمل رقم 95، تعلن 12 مارس القادم، أفلامه وصلت إلى رقم 35 فاز ثلاث مرات بالأوسكار، وحظى بـ19 ترشيحا لم يتقيد بنوع محدد من الأفلام قدم (أى تى) واحدا من أكثر الأفلام تحقيقا للإيرادات استمده من طفولته، وهو أيضا صاحب (الفك المفترس).

ولهذا أطلق تلك الدعابة عند حصوله على الجائزة (أخاف من الدب الذهبى أكثر من الفك المفترس) ـ سر البقاء هو الاحتفاظ بالدهشة التى هى أولى مراحل الشغف، وهو ما أراه مواكبا لعدد ممن عرفت من السينمائيين، مثل مخرجنا الراحل ويوسف شاهين وأيضا الصديق العزيز محمد خان كل منهما غادر الحياة وهو يحلم بأكثر من مشروع سينمائى، كانا يتنفسان فقط سينما، وهو لايزال يمارسه بألق وإبداع سبيلبرج.

■ ■ ■

تعلن الثامنة مساء اليوم جوائز تلك الدورة ولا يزال الفيلم الأمريكى الهوية الكورى الهوى (حيوات سابقة) ينتظر الجائزة الأهم (الدب الذهبى) أفضل فيلم، وهو أيضا إخراج امرأة سيلين سونج وأغلب جوائز الأفضل فى السنوات الأخيرة فى هذا المهرجان العريق ذهبت للنساء، ولا أظنها متعمدة، حتى فى وجود النجمة الأمريكية كريستين ستيوارت 35 عاما على قمة لجنة التحكيم فهذا لا يعنى انحيازا مسبقا للنساء ولكن مؤكد الإبداع هو الفيصل.

من الأفلام المرشحة للجوائز الأسترالى (بقاء اللطف)، وأضم أيضا الفيلم الألمانى للمخرجة ذات الجذور الإيرانية إيميلى عاطف، الذى يقدم علاقة تبدو حسية بين فتاة فى التاسعة عشرة من عمرها وكهل فى الأربعين.

وهو واحد ضمن خمسة أفلام تحمل الجنسية الألمانية تسابقت هذا العام، وهو ما يعنى أن 25 فى المائة من أفلام المهرجان داخل المسابقة الرئيسية، تحمل جنسية البلد المضيف، وهو ما يتكرر فى (كان) داخل المسابقة الرسمية، مع الأفلام الفرنسية وأيضا فى (فينسيا) مع الأفلام الإيطالية.

الأحداث تبدأ مع انهيار سور برلين 1989 وإعادة توحيد شطرى ألمانيا، شرقية وغربية، الفيلم اسمه (يوما ما سنقول كل شىء لبعضنا البعض) فتاة لم تكمل العشرين، تعيش حياة موزعة عاطفيًا، بين حبيب رومانسى فى نفس المرحلة العمرية ورجل فى الأربعين، فى علاقة جسدية إلا أنه يدرك أن تلك معادلة مستحيلة تخاصم الزمن، كان يكتب مذكراته وفيها الإجابة عن السؤال، الذى هو عنوان الفيلم (يوما ما سنقول كل شىء) ولهذا بمجرد انتحاره تسارع لمنزله وتحتفظ بالمذكرات التى يقول فيها كل شىء.

وننتظر مساء اليوم إعلان النتائج ولا أستبعد هذا الفيلم الألمانى، فهو الوحيد الذى من الممكن أن يذكر اسمه بين الخمسة أفلام التى تحمل الجنسية الألمانية، عند ختام الدورة الفقيرة فنيا، إلا قليلا!!.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دورة فقيرة فنيًا إلا قليلًا سبيلبرج يخشى «الدب الذهبى» أكثر من «الفك المفترس» دورة فقيرة فنيًا إلا قليلًا سبيلبرج يخشى «الدب الذهبى» أكثر من «الفك المفترس»



GMT 22:27 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

تل أبيب ــ دمشق... سقوط الضمانات

GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

عمان - المغرب اليوم

GMT 15:56 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية المفضلة للشباب خلال عام 2024
المغرب اليوم - الوجهات السياحية المفضلة للشباب خلال عام 2024

GMT 03:18 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أحمد السقا يكشف موقفه من تمثيل ابنته ومفاجأة عن ولاد رزق
المغرب اليوم - أحمد السقا يكشف موقفه من تمثيل ابنته ومفاجأة عن ولاد رزق

GMT 17:41 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 08:33 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحوت الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 16:23 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 18:27 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ميداليتان للجزائر في الدورة المفتوحة للجيدو في دكار

GMT 17:40 2019 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

نجم ليفربول يشعل مواقع التواصل بمبادرة "غريزية" غير مسبوقة

GMT 14:14 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

متزوجة تعتدي على فتاة في مراكش بسبب سائح خليجي

GMT 10:41 2018 الجمعة ,26 كانون الثاني / يناير

عروض فرقة الفلامنكو الأندلسية على مسرح دونيم الفرنسي

GMT 16:22 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

جدول أعمال مجلس الحكومة المغربية في 25 كانون الثاني

GMT 16:46 2018 الجمعة ,05 كانون الثاني / يناير

سقوط بالون طائر يحمل عددًا من السائحين في الأقصر

GMT 00:22 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

نيرمين الفقي تكشف سبب مشاركتها في مسلسل "أبوالعروسة"

GMT 02:12 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

سعر الدرهم المغربي مقابل الدولار الأميركي الثلاثاء

GMT 21:04 2017 الجمعة ,08 كانون الأول / ديسمبر

أولمبيك خريبكة يستعيد نغمة الانتصارات ويؤزم وضعية تطوان

GMT 13:54 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

بيتزا بيتي محشية الأطراف

GMT 19:50 2015 الأربعاء ,04 آذار/ مارس

10 أشياء غريبة يحبها الرجل في المرأة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib