بقلم - طارق الشناوي
أعتذر لأن العنوان خاطئ، الصحيح أنها جائزة (مؤسسة فاروق حسنى) وليس فاروق حسنى، تفرق كتير، فهو قرار جماعى، وفاروق حريص على أن تظل جائزة مؤسسة وليس جائزة فرد، كما أن الجائزة ستستمر ولن تتوقف مع مرور الزمن، لأنها تُمنح من كيان مستقر ومستمر بقواعد ثابتة بحكم القانون، تتجاوز الأشخاص، بمن فيهم المؤسس والداعم الأول.
تُمنح الجائزة، وقدرها 100 ألف جنيه، في مسابقة أفضل فيلم قصير بمهرجان القاهرة السينمائى الدولى، وللجائزة قصة يجب أن تُروى، قبل أن تتناثر الحقائق وتختلط الأوراق، والمأزق أن تروى أشياء بينما شهود الإثبات أو النفى ليسوا حاضرين بيننا، ولهذا قررت أن أكتب قصة الجائزة والجميع شهود عليها، قبل أن تضيع وسط الضباب.
كيف جاءت بداية الخيط؟ أتابع منذ سنوات نشاط (مؤسسة فاروق حسنى الثقافية) بقدر كبير من الإعجاب والتقدير، وأيضًا الدهشة- بمدلولها الإيجابى- عندما كان الفنان الكبير فاروق حسنى يشغل موقع الوزير، على مدى يقترب من ربع قرن، وهو في ظنى رقم يدخل موسوعة (جينيز) للأرقام القياسية، غير القابلة للتكرار، كثيرًا ما كنت أقف في عهد فاروق حسنى على الشاطئ الآخر من أنشطة وزارة الثقافة.
وبعد أن غادر موقعه بدأت بتأنٍّ إعادة قراءة المشهد بكل تفاصيله وظلاله وأيضًا ملابساته، ووجدت أنه كان صادقًا ومخلصًا في آرائه حتى ما نختلف معه فيها، حق الرجل علينا أن نتوقف أمام هذا الإصرار والرغبة في النجاح وروح المغامرة التي كانت عنوانًا للعديد من قراراته، عندما ترك الوزارة قبل نحو 12 عامًا قرر أن يواصل عشقه للثقافة، فهو لم يعشق منصب وزير الثقافة ولكن هدفه هو العطاء الثقافى، من هنا وُلد مشروع تلك المؤسسة الثقافية، قبل بضعة أسابيع قرأت عن المسابقة التي تمنحها المؤسسة للمتفوقين في الفنون التشكيلية بكل تنويعاتها، وشروط التقدم للجائزة، سارعت بالاتصال بفاروق حسنى.
اقرأ أيضًا...
وقلت له مداعبًا: وأنت في الوزارة كنا نتهمك بالانحياز للفن التشكيلى على حساب السينما، وكثيرًا ما كنت تُنكر ذلك، الآن ثبت بالدليل القاطع والبرهان الساطع أن الفنون التشكيلية عشقك الأول والأخير، ولا يمكن أن يقاسمها في حبك أي فن آخر، والدليل ولا جائزة واحدة للسينما.
قالى لى: السينما هي أكبر فن جماهيرى، وأنا من الذين أحبوا هذا الفن، وتفتحت أعينهم على روائعه العربية والعالمية.
وجدتها فرصة والحكاية ساخنة أن يؤكد عمليًا حبه وتقديره لـ(الفن السابع) واقترحت عليه أن يرصد جائزة لأفضل فيلم قصير، لارتباط هذا النوع من الأفلام عادة بالشباب، فهم يشكلون النسبة الغالبة من صُناعه، راقت الفكرة للفنان الكبير، بعد أيام تواصل معى قائلًا من داخل المؤسسة: لن نضيف جوائز أخرى، أعضاء المؤسسة بالإجماع اقترحوا أن تُمنح من خلال أحد المهرجانات المصرية، ولم يحددوا اسم المهرجان.
قلت له: مهرجان القاهرة السينمائى هو عنوان مصر الأول، أجابنى: قطعًا وأنا طوال تواجدى بالوزارة كنت أمنحه كل ما أستطيع من دعم مادى وأدبى، وبالفعل تم الاتفاق على أن توجه قيمة الجائزة من خلال مؤسسة فاروق حسنى لأفضل فيلم قصير وأصر فاروق على أن يظل المسمى هو المؤسسة. وطرقت الحديد وهو ساخن، تواصلت مباشرة مع أمير رمسيس، المدير الفنى للمهرجان، حتى نحيل الفكرة إلى واقع، تم التوقيع على الجائزة بين فاروق حسنى وحسين فهمى، هذه هي التفاصيل لميلاد أحدث جائزة في المهرجان، وكان لابد من توثيقها!!.