بقلم - طارق الشناوي
(كود) الملابس فى (مهرجان القاهرة) أخذ من اهتمام حسين فهمى أكثر مما يستحق، نتابع ما يجرى عبر (السوشيال ميديا)، يتم اختصار المهرجان- أى مهرجان- فى فستان أو حتى بطانة فستان، إلا أن هذا لا يعنى أن تصبح هذه هى القضية الأولى للإعلام وتنتقل إلى الفضائيات ويضعها رئيس المهرجان على قائمة الأهداف.
قبل قرابة 30 عاما شاهدنا فيلم شريف عرفة (المنسى)، محمد هنيدى يجيب عن سؤال عادل إمام (الفيلم ده قصة ولا مناظر؟)، بدأ فى شرح تفصيلى للقطات التى تضمنها الفيلم للبطلة بقميص النوم أو بدونه، التقط الكاتب وحيد حامد تلك الجملة من جمهور مهرجان القاهرة السينمائى الدولى فى الثمانينيات- سابقا بعقد من الزمان على الانتشار الفضائى للأفلام الإباحية- كان يحرص قطاع وافر من الجمهور، قبل أن يتورط فى حجز التذكرة، على أن يتأكد أولًا من أن الإجابة الصحيحة (مناظر).
الفيلم الذى يحتوى على حبكة درامية متقنة ولغة سينمائية متميزة، غالبا ما يتجنب المتفرج مشاهدته، لن يخسر بضعة جنيهات- كانت وقتها عشرة- من أجل (القصة) فلا شىء يهم سوى (المناظر)، الرقابة ليس من صلاحيتها الحذف، الذى يعنى على الفور إلغاء شرعية المهرجان الدولى.
مع الزمن لم يتوقف فقط نداء (قصة ولا مناظر)، بل تضاءل حجم الإقبال الجماهيرى، وصار من النادر أن تعثر على دار عرض خارج دار (الأوبرا) تستضيف أفلام المهرجان.
لو تابعت الأصداء من خلال مواقع (التواصل الاجتماعى) سترسم صورة متكاملة الملامح باعتباره مسابقة (ديفيليه)، ولا وجود لأى جهد قام به عدد كبير من المبرمجين المحترفين لاختيار الأفضل بين الأفلام، وأيضا العديد من المناقشات والندوات والقضايا الفكرية الملحة على الساحة.
يحدث فى كل مهرجانات الدنيا مثل هذه الأمور، بل إن البعض قد يستخدم الفستان لأسباب سياسية، مثلما ارتدت قبل بضع سنوات وزيرة الثقافة الإسرائيلية فى افتتاح (كان) فستانا يشير إلى أن (القدس) عاصمة إسرائيل، وفى العام الماضى تسللت فتاة عارية إلى افتتاح المهرجان، كتبت على جسدها عبارات ضد الغزو الروسى لأوكرانيا.
بعض النجمات تعمدن السير وهن حفاة فى الدورة قبل الأخيرة لـ(كان)، احتجاجا على قرار يطلب منهن ارتداء الكعب العالى، اعتبروها بمثابة عنصرية ذكورية.
أتذكر أن إحدى الفنانات المصريات فى أحد المهرجانات الخليجية، قبل خمس سنوات، وضعت (بشكيرا) على جسدها وشعرها، وذهبت للافتتاح وسرقت الكاميرا من الجميع، طبعا (الجونة) أكثر مهرجان صار مرتبطا بالفستان، مجرد ذكر الاسم يسيطر على المشهد عدد الفساتين على (الريد كاربت)، رغم أن المهرجان طوال دوراته الخمس استطاع أن يستحوذ على عدد هام جدا من أفضل الأفلام عالميا وعربيا.
ألاحظ فى السنوات الأخيرة أن الحديث عن (كود) الملابس النسائية صار مسيطرا على المشهد، حتى إن نقابة الموسيقيين، فى زمن النقيب السابق، كانت تسعى فى البداية لوضع معايير لملابس المطربات تتناول فتحة الصدر المسموح بها، وأيضا عدد السنتيمترات كحد أقصى (فوق الركبة)، رغم أن لدينا جهات رقابية وأمنية تطبق قانونا يعاقب بالحبس كل من يخرج عن الآداب العامة.
هل ننتقل الآن من مرحلة الحجاب والشورت (الشرعى) إلى الفستان (الشرعى)؟!!.