«جوليا» كسر حاجز الخوف

«جوليا» كسر حاجز الخوف

المغرب اليوم -

«جوليا» كسر حاجز الخوف

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

لا بد من التوقف أمام تلك الظاهرة الإيجابية بكل ظلالها، فيلم «وداعًا جوليا» يتقدم بخطوات متسارعة للجمهور المصرى، كما أن الجمهور يقترب منه بقدر لا ينكر من الحميمية، هذا النجاح يُذكرنى بالانتشار المدوى الذي حققته أغنية «المامبو سودانى» للمطرب والملحن سيد خليفة، في الشارع المصرى قبل 60 عامًا.

عدد دُور العرض التي أُتيحت له تجاوز العشرين، لأول مرة يحدث ذلك مع فيلم عربى، يقولون، ولهم حق، إن قسطًا وافرًا منهم من أهلنا في السودان الحبيب، الذين نزحوا إلى القاهرة بعد الحرب الدموية الأهلية، نعم هذا صحيح، إلا أنه غير دقيق، الجمهور السودانى مثل كل الجمهور في العالم.

يشجع بلده ومنحاز إليه، على شرط أن يقدم له ما يستحق المؤازرة والإعجاب، لن يصفق للسودانى لمجرد أنه سودانى، هذا لا يكفى، ولكن لأن المخرج والكاتب محمد كردفانى ومعه كل الفريق الفنى قدموا له ما يثير اعتزازه بوطنه، كما أن نسبة الجمهور المصرى تزداد، مع استمرار أسابيع العرض، وسوف تصبح لها الغلبة.

المصرى محب لمختلف الأذواق، ويتقبل كل الفنون العربية، وخاصة الغناء، وليس صحيحًا ما يردده البعض ناعتًا إياه بـ«الشوفونية»، التي تعنى الإعجاب فقط بالمصرى، صفة من المستحيل أن تنطبق على المصرى، تكوينه الوجدانى امتزجت بداخله أيضًا كل الثقافات.

نتذوق الأغانى اللبنانية والخليجية والسودانية والسورية بنسبة معتبرة بلهجاتها المتعددة، قطعًا اللهجتان اللبنانية والسورية لهما الرصيد الأكبر نظرًا لتكرار الأغانى، كما أن الحفلات الغنائية في الخمسينيات و«أضواء المدينة» تحديدًا التي كان يقدمها الإذاعى جلال معوض في زمن جمال عبدالناصر، كان الفنان العربى يغنى بلهجته، وهكذا عرفنا المطرب السودانى سيد خليفة (المامبو سودانى) وفهد بلان (واشرح لها) ونجاح سلام (برهوم حاكينى) وغيرها، ظل على المقابل الشريط السينمائى العربى غير متواجد في الشارع المصرى. أتذكر عام 1984 في مهرجان القاهرة السينمائى الذي أُقيم في دار سينما «مترو».

بعد عرض فيلم «الحدود» بطولة وإخراج دريد لحام وشاركته رغدة، الفيلم كتبه محمد الماغوط، حملت الجماهير دريد لحام على الأعناق، وطالبت نجومنا، وكان بينهم فريد شوقى، أن يقدموا أفلامًا سياسية مثل «الحدود»، الذي كان يطالب بإسقاط الحدود بين البلاد العربية وإلغاء «تأشيرة» الدخول، فريد شوقى هدّأ من روع الجمهور الغاضب، أخذ «دريد» بالحضن، وقال للجمهور بطريقته المحببة: «وشرف أمى ح يحصل»، رغم أنه حتى رحيله ماحصلش.

التقط أحد الموزعين الفكرة، صارت بالنسبة له صفقة، وقرر عرض الفيلم جماهيريًّا، معتقدًا أنه سيجنى الآلاف، التجربة أخفقت في «شباك التذاكر»، وتعددت المحاولات المتفرقة لعرض أفلام تونسية، وبعضها تمت دبلجته باللهجة المصرية. ولم تنجح أيضًا جماهيريًّا، أحيانًا تُثار قضية كتابة الحوار بالعربية (اللهجة البيضاء) التي يفهمها الجميع لأنها غير مغرقة في محليتها حتى يتجاوب الجمهور مع الشريط السينمائى.

وتلك نقطة شائكة جدًّا في المغرب العربى تحديدًا، رغم أن المهرجانات العالمية مثل «كان» تعرض كل الأفلام الناطقة بالإنجليزية بحوار مكتوب بالإنجليزية على الشاشة حتى يتيح لأكبر قطاع من الجمهور استيعابه، إلا أن هذا الحل كثيرًا ما يقابل بالرفض، بل التشكيك في نوايا قائله، وهو ما استطاع فريق عمل «وداعًا جوليا» التغلب عليه، وكتب على الشاشة الحوار باللغتين العربية والإنجليزية. مشكلة الفيلم العربى في الشارع المصرى ليست بالدرجة الأولى اللهجة، ولكن الألفة، الجمهور بالتكرار سوف يألف استقبال اللهجات العربية المتعددة.

«جوليا» يُحسب له أنه كسر حاجز الخوف، وأنتظر أن تتعدد المحاولات مع أفلام أخرى، على شرط أن تمتلك كل هذا السحر الإبداعى، وسوف تتأكد أن «المامبو» ليس فقط سودانيًّا، وأنه من الممكن أن يصبح مغربيًّا وتونسيًّا وعراقيًّا وخليجيًّا ولبنانيًّا!!.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«جوليا» كسر حاجز الخوف «جوليا» كسر حاجز الخوف



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 07:16 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
المغرب اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
المغرب اليوم - المغرب يفقد 12 مركزاً في تصنيف مؤشر تنمية السياحة والسفر لعام 2024

GMT 15:34 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

سعد لمجرد يكشف عن عمل جديد مع الفنانة إيلي أفرام
المغرب اليوم - سعد لمجرد يكشف عن عمل جديد مع الفنانة إيلي أفرام

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:14 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 18:57 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 14:11 2015 السبت ,23 أيار / مايو

العمران تهيئ تجزئة سكنية بدون ترخيص

GMT 17:38 2022 السبت ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنيه الذهب يسجل رقماً قياسياً لأول مرة في مصر

GMT 15:13 2018 الأحد ,03 حزيران / يونيو

تغلبي على الخوف من عيوب جسدك مع ارتداء الحجاب

GMT 15:12 2018 الثلاثاء ,08 أيار / مايو

عمران فهمي يتوج بدوري بلجيكا للمواي تاي

GMT 08:03 2018 الأربعاء ,14 آذار/ مارس

ما الذي سيقدمه "الأسطورة" في رمضان 2018؟

GMT 20:50 2018 السبت ,24 شباط / فبراير

خفيفي يعترف بصعوبة مواجهة جمعية سلا

GMT 17:06 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

وليد الكرتي جاهز للمشاركة في الديربي البيضاوي

GMT 06:59 2018 الجمعة ,26 كانون الثاني / يناير

كليروايت تغزو السجادة الحمراء بتشكيلة متميزة

GMT 17:54 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

الفالح يُعلن أهمية استمرار إجراءات خفض إنتاج الخام

GMT 19:57 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

مهرجان أسوان لأفلام المرأة يفتح باب التسجيل بشكل رسمي

GMT 05:45 2018 الخميس ,18 كانون الثاني / يناير

ابتكار روبوت مصغر يتم زراعته في الجسم

GMT 23:06 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

مشروع الوداد يؤخر تعاقده مع غوركوف
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib