مولد «سيدى حليم» أين مولد «سيدى فريد»

مولد «سيدى حليم».. أين مولد «سيدى فريد»؟!

المغرب اليوم -

مولد «سيدى حليم» أين مولد «سيدى فريد»

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

 

عشرة أيام وتحل ذكرى رحيل فريد الأطرش، ويتكرر مع هذا اليوم عتاب من عشاق فريد الذين يقارنون بين نصيب فريد فى ذكراه، ونصيب عبد الحليم. رحل فريد قبل حليم بأقل من ثلاث سنوات، ودائمًا عندما تحل ذكرى (العندليب)، تتحول كل أجهزة الإعلام لتصبح مولد (سيدى حليم)، وهذا التعبير أطلقه الراحل كمال الطويل، بسبب ضخامة الاحتفاء بالعندليب، بينما فى ذكرى فريد يتضاءل الاحتفاء، لا يزيد الأمر على برنامج إذا عرض، وفيلم إذا تذكر، من بين أكثر من ٣٠ فيلما تحتفظ بها المكتبة لفريد.

والسؤال، لماذا إذن التفرقة بين عملاقى الغناء العربى عبد الحليم ابن قرية (الحلوات) بالشرقية، وفريد السورى ابن جبل (الدروز) بالسويداء؟.

لدى عدة أسباب لتفسير هذه الظاهرة، أولًا: أن الراحل مجدى العمروسى كان وراء هذا الاهتمام بذكرى عبد الحليم، كان يحيله فى نهاية الأمر إلى مكسب مادى لحساب شركة (صوت الفن)، التى كان له نصيب الأسد فى أرباحها، ولا يوجد معادل موضوعى لمجدى العمروسى عند عشاق فريد، أقصد لا يملك حزب فريد شخصية مثل العمروسى، بعد رحيل العمروسى ظل الإعلام المصرى يسير بقوة الدفع التى صنعها الرجل، إلا أن هذا قطعا لا يكفى، إذا لم يكن رصيد عبد الحليم الغنائى، لا يزال نابضا بالحياة، لم يتجاوز عدد أغانى العندليب ٣٠٠ أغنية، إلا أنها تملك كل أسرار البقاء، فريد قدم على الأقل ضعف هذا الرقم!.

السبب الثانى أن الغناء الوطنى لعبد الحليم حافظ، شكل ذاكرة الناس، ولا يزال، فلقد واكب بصوته ثورة ٢٣ يوليو، وفى نفس الوقت كان هو شاهد الإثبات الغنائى على كل المراحل الاجتماعية والسياسية التى عاشتها مصر، منذ أن غنى فى مطلع الثورة (ثورتنا المصرية)، وفى أعقاب الهزيمة (عدى النهار)، وبعد نصر أكتوبر (عاش اللى قال)، فريد غنى أيضا لمصر وللكفاح العربى، إلا أن أغنياته الوطنية لم تصبح معالم فى ذاكرة الأمة، نعم نشعر بالحنين إليها، إلا أنه لا يوجد فى رصيد فريد أغنيات توازى (صورة)، و(بالأحضان)، و(يا جمال يا حبيب الملايين). وغيرها، قارن مثلا أغنية (السد) لحليم بأغنية (يا اسطى سيد) لفريد، عن السد أيضا، إلا أنها لم تترك أثرا يذكر، السبب الثالث أن أغنيات عبد الحليم العاطفية والتى شارك فى تلحين القسط الوافر منها عبد الوهاب وكمال الطويل ومحمد الموجى وبليغ حمدى ومنير مراد أكثر شبابية ومعاصرة من الألحان التى انفرد بوضعها الموسيقار فريد الأطرش لصوت فريد الأطرش!.

عاشت أغنيات عبد الحليم مع هذا الجيل أكثر. السبب الرابع أن ذكرى فريد تحل قرب نهاية العام ببضعة أيام، وفى العادة فإن الصحافة والإذاعة والتليفزيون تمنح كل المساحات المتاحة لتقديم إحصاءات، وكشف حساب للعام الذى أوشك على الرحيل، وللعام الذى سيولد بعد قليل، ولا تتبقى إلا مساحة ضئيلة جدًا للاحتفال بذكرى فريد، بينما تأتى ذكرى عبد الحليم يوم ٣٠ مارس، فى وقت ينتظر فيه الإعلام قدوم أى حدث يشغل به الفراغ الإعلامى ويملأ عبد الحليم بأغنياته وأفلامه هذا الحيز!.

كانت وصية فريد الأطرش قبل رحيله بساعات قليلة أن يدفن فى أرض مصر، وعندما تجمع أهل عشيرته من (الدروز)، أمام المستشفى اللبنانى، الذى توفى فيه يوم ٢٦ ديسمبر ١٩٧٤، لكى يدفنوه فى مسقط رأسه جبل الدروز، وطبقا لطقوس الدروز، قال لهم شقيقه الكبير فؤاد الأطرش: (إذا كنتم تحبون فريد فيجب أن تساعدونى على تنفيذ وصيته، بأن يدفن فى تراب مصر، بجوار شقيقته الوحيدة أسمهان)، ولا أتصور أن المصريين الذين أحبهم فريد كل هذا الحب لا يبادلونه أيضًا إلا كل الحب. كثيرا ما طالبت بأن نحتفل بفريد الأطرش كل عام فى ذكرى ميلاده ١٩ أكتوبر، ولكن لا أحد أخذ الموضوع بجدية، لا الإعلام ولا حتى عشاق فريد!!.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مولد «سيدى حليم» أين مولد «سيدى فريد» مولد «سيدى حليم» أين مولد «سيدى فريد»



GMT 18:56 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

يتفقد أعلى القمم

GMT 18:54 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

تحولات البعث السوري بين 1963 و2024

GMT 18:51 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سوريا و«تكويعة» أم كلثوم

GMT 18:49 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 18:47 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والنظام العربي المقبل

GMT 18:44 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

2024... سنة كسر عظم المقاومة والممانعة

GMT 18:41 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

أميركا والفضائيون... أسرار الصمت المدوي

GMT 18:38 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 15:47 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

منح يحيى الفخراني جائزة إنجاز العمر من مهرجان الأفضل
المغرب اليوم - منح يحيى الفخراني جائزة إنجاز العمر من مهرجان الأفضل

GMT 16:06 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

منتجات لم يشفع لها الذكاء الاصطناعي في 2024

GMT 08:33 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

الطقس و الحالة الجوية في تيفلت

GMT 00:40 2018 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

حطب التدفئة يُسبب كارثة لأستاذين في أزيلال

GMT 05:45 2017 الأحد ,31 كانون الأول / ديسمبر

بنغلاديش تعتزم إعادة 100 ألف مسلم روهينغي إلى ميانمار

GMT 07:34 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

نادال يُنهي 2017 في صدارة تصنيف لاعبي التنس المحترفين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib