راقصة بالحجاب

راقصة بالحجاب!

المغرب اليوم -

راقصة بالحجاب

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

عندما كنا نعيش فى مجتمع يتقبل النكتة، ولا يحاكم الناس بمنطوق الكلمة أو الموقف ولكن بالمدلول والظلال، يدرك تماما الفارق بين المبنى والمعنى، ويتعامل مع الإطار الدلالى برحابة صدر واتساع أفق، كنا وجدانيًا أكثر سعادة، بينما الآن صارت الضحكة شحيحة، و(القفشة) قد تعرّض صاحبها إلى السجن، فقدنا المرونة فى التعاطى مع الكثير من جوانب الحياة.

شاهدت على (النت) لأول مرة فيلم (الفرسان الثلاثة)، بطولة إسماعيل ياسين، وتأليف أبوالسعود الإبيارى، وإخراج فطين عبدالوهاب، الفيلم عرض قبل 60 عاما، نبهنى إليه الكاتب الكبير أحمد الإبيارى، الشريط كلغة سينمائية أراه من أقل أعمال فطين عبدالوهاب إبداعا، يتكئ على الحوار العبقرى لأبو السعود الإبيارى، بينما الشاشة فقيرة، فطين أحد أهم أساطين الإخراج وأكثرهم ارتباطا بإسماعيل ياسين الذى قدم له السلسلة الأشهر: إسماعيل ياسين فى (الجيش) و(الطيران) و(الأسطول)، ناهيك عن (ابن حميدو) و(الآنسة حنفى)، وهو أيضا مخرج (إشاعة حب) وغيرها.

الرسالة التى يحملها (الفرسان الثلاثة) تكشف زيف الادعاءات الدينية.. وهكذا تبرز كثيرا السبحة التى تتدلى فى يد العديد من أبطال الفيلم، وخاصة إسماعيل ياسين بعد أن أصبحوا يقبّلون يده تبركًا.

المجلة التى يترأس تحريرها ترفع شعار الفضيلة وتريد تحجيب المجتمع وإغلاق كل أماكن اللهو، وترفع شعار شرعية ملابس المرأة، بينما لا يستطيع أن يجبر ابنته التى أدت دورها (رجاء الجداوى) على شىء، نراها ترتدى (الميكروجيب).

رئيس التحرير تبرأ من خالته لأنها تملك (كباريه)، نقطة التحول تنفجر عندما يتلقى إخطارا بموتها، وهو وريثها، هل سوف يظل متمسكا بمبادئ الفضيلة؟ يتحول فى لحظات من لعن خالته إلى الترحم عليها، فلقد تركت له (الكباريه) واشترطت حتى يحصل على الميراث أن يتولى إدارته، وهو يساوى 50 ألف جنيه، بلغة هذه الأيام 500 مليون جنيه.

يضعف أمام الإغراءات تباعًا ولا يغادر (البار)، ويتقدم للزواج من الراقصة بطلة الفرقة نعمت مختار، وفى موقف تالٍ يسأل: لماذا لا يجمع بين الرقص والحجاب؟ وهكذا يقدم استعراضًا ترتدى فيه الراقصات الحجاب، والمعنى واضح، يكشف زيف هؤلاء الذين بددوا طاقاتهم فى البحث عن شكل يرضى المجتمع، الناس قبل ستة عقود تقبّلت المشهد والرقابة لم تعترض، وكأنه يقول للزبائن: تريدون راقصة إنها أمامكم.. تريدون الزى الشرعى انظروا إنهن محجبات.

ولم تكشف الأحداث فقط تناقضات إسماعيل ياسين، ولكن الآخرين مثل صديقه عبدالسلام النابلسى، الذى جاء من القرية مدعيا الرغبة فى زيارة مساجد (آل البيت) والتبرك بها بينما وجهته الحقيقية الكباريه.

الرقابة المصرية لا يمكن أن تسمح بهذا الفيلم الآن، ولا أدين رئيس الرقابة، فهو يتحرك وفق ترسانة من القوانين تجبره على الانصياع لها، هناك جهات متعددة عليه أن يعود إليها قبل الموافقة، ورغم ذلك، فعندما تقتنع الدولة بضرورة أن يتحرر الخطاب الدينى، وجدنا نوعًا من الحماية لمسلسل مثل (فاتن أمل حربى)، الذى أفلت من قبضة المصادرة، استطاع أن يضع أمامه غطاء من حماية مزدوجة فقهية سعد الدين الهلالى وقانونية نهاد أبوقمصان.

هل نردد مع أم كلثوم (وعايزنا نرجع زى زمان/ قول للزمان ارجع يا زمان)، أم ننتزع من هؤلاء المتزمتين زماننا المفقود؟!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

راقصة بالحجاب راقصة بالحجاب



GMT 11:49 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

“التوجيهي المصري” آخر اختراعات البزنس الأردني

GMT 11:47 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

رفع آثار الحادث

GMT 11:44 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

من صفحات التاريخ!

GMT 11:42 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

أدوية غيّرت تاريخ الطب

GMT 11:40 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

التكريم.. «جملة أم قطاعي»؟!

أجمل إطلالات نجوى كرم باللون الزهري بدرجاته المختلفة

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 20:47 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مثالية للهروب من صخب الحياة اليومية
المغرب اليوم - وجهات سياحية مثالية للهروب من صخب الحياة اليومية

GMT 20:50 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

طرق تنسيق لوحات الفن التجريدي بديكور المنزل لخلق جوّ هادئ
المغرب اليوم - طرق تنسيق لوحات الفن التجريدي بديكور المنزل لخلق جوّ هادئ

GMT 00:55 2024 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

انفعال شيرين عبد الوهاب بسبب أحد المتابعين
المغرب اليوم - انفعال شيرين عبد الوهاب بسبب أحد المتابعين

GMT 07:08 2018 الإثنين ,05 آذار/ مارس

"مرسيدس" تكشف عن طرح سيارة " بنز E350d "

GMT 14:46 2022 الإثنين ,12 كانون الأول / ديسمبر

تراجع الأسهم الآسيوية والأوروبية وسط ترقب لقرارات الفائدة

GMT 20:14 2022 الجمعة ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة المغربية تقبل 46 تعديلاً بمشروع قانون المالية

GMT 03:50 2020 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أبرز 7 مواصفات في مرسيدس "مايباخ" الفاخرة في 2021

GMT 15:00 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

سوق "الذبان" يتحوّل إلى قبلة الفقراء و المهمشين فى مراكش

GMT 08:02 2017 الأربعاء ,14 حزيران / يونيو

تألق سكارليت جوهانسون في العرض الأول لـ "رف نايت"

GMT 19:27 2024 الخميس ,15 شباط / فبراير

مبابي يٌخطر باريس سان جيرمان بموقفه النهائي

GMT 22:14 2023 الثلاثاء ,17 كانون الثاني / يناير

قوة الدولار تعود لتضغط على أسعار الذهب
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib