وداع صاخب للعازف المنفرد
وفاة الفنانة المغربية نعيمة المشرقي عن عمر يُناهز 81 عاماً بعد مسيرة فنية امتدت لعقود مظاهرة في واشنطن دعماً للفلسطينيين واللبنانيين الذين يتعرضون لهجمات إسرائيلية مكثفة حصيلة قتلى ومصابي الجيش الإسرائيلي داخل الأراضي اللبنانية منذ بدء العمليه البرية باتجاه قرى جنوب لبنان آلاف الأشخاص يتظاهرون في مدريد ومدن أخرى حاملين الأعلام الفلسطينية ومرددين شعارات تضامن مع قطاع غزة ولبنان غارة إسرائيلية استهدفت منطقة القصير بريف حمص عند الحدود السورية اللبنانية وزارة الصحة الفلسطينية تعلن ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر إلى 41 ألفا و825 شهيداً و96 ألفاً و910 مصاباً منظمة الصحة العالمية تُعلن أكثر من 6% من سكان قطاع غزة استشهدوا أو أصيبوا في عام منظمة الصحة العالمية تُعلن إخلاء 3 مستشفيات جنوب لبنان والادعاءات الإسرائيلية لا تبرر استهدافها منظمة الصحة العالمية تؤكد 73 موظفاً بالقطاع الصحي اللبناني استشهدوا جراء الاعتداءات الإسرائيلية اختفاء ناقلات نفط إيرانية وسط مخاوف من هجوم إسرائيلي
أخر الأخبار

وداع صاخب للعازف المنفرد

المغرب اليوم -

وداع صاخب للعازف المنفرد

غسان شربل
غسان شربل

الصحافيون أشرار بطبيعة مهنتهم. يعيشون من الأخبار الفاقعة؛ أي من مآسي الدول أو الأفراد. لا يستوقفهم أهل المنطق والاعتدال. يفضلون أهل الإثارة والصخب والضربات المدوية لثقتهم أن القراء يشبهونهم في تعطشهم إلى الولائم الساخنة. وإذا كان الصحافي يبتهج بملاحقة رئيس مثير لدولة عادية أو متوسطة، فكيف يكون الحال إذا كان الرئيس المثير رئيس القوة العظمى الوحيدة. ولأن أميركا دولة تقيم على حدود كل دول العالم حين لا تقيم داخلها، كان علينا أن نتابع يومياً أخبار سيد الأساطيل المرابط في البيت الأبيض. ولم يكن أمامنا غير أن نعمق إقامتنا في صفوف شعب «تويتر»، ذلك أن السيد الرئيس يريد أن يطوي صفحة «الأنباء الزائفة» التي تحملها قلاع صحافية «هرمة».

هذه أميركا. لا يستطيع أحد أن يدخل البيت الأبيض على ظهر دبابة، على غرار ما كان يحدث في جمهوريات الموز والشرق الأوسط الرهيب. ولا يستطيع قوي شطب منافسيه، وتحويل الاستحقاق الانتخابي مجرد استفتاء لمبايعة القائد التاريخي الملهم. كان على دونالد ترمب أن يدخل القلعة من أبوابها؛ أي من صناديق الاقتراع. وببراعة لا يمكن إنكارها ترجل من الشاشة رجل يرتدي ربطة عنق حمراء وقاموساً مستفزاً وبراعة في العزف على مشاعر المحبطين من ضمور العظمة الأميركية. سقط الحزب الجمهوري في يد الرجل الوافد من خارج ناديه التقليدي، ثم سقط البيت الأبيض في يد الرجل القادم من خارج قاموس أسلافه.

بجمل بسيطة وأحكام قاطعة انطلق الرئيس الأميركي كقطار بلا كوابح. لم يكن ثمرة الجامعات التي أنجبت بيل كلينتون وباراك أوباما، ولا متبحراً في المعادلة الدولية كريتشارد نيكسون الذي افتتح «القارة الصينية»، ولا متمرساً في أروقة الحكم ومؤسساته كجورج بوش الأب. بدا لوهلة شبيهاً برونالد ريغان لجهة قدرته على الترويج لأفكار بسيطة إذا اقتنع بها، لكنه ابن زمان مختلف وقاموس مختلف.

لم يشاهد العالم ذلك من قبل. الرئيس الأميركي يدير الإمبراطورية وعلاقاتها بالعالم عبر التغريدات. والمغرد بطبيعته عازف منفرد، في حين أن سيد المكتب البيضاوي يفترض أن يكون قائد أوركسترا تأتلف في مقطوعاتها تقارير الساهرين على الأمن والاقتصاد والسياسة الخارجية. عازف منفرد يعتقد أن اللعبة تدور حوله أولاً وأخيراً، وأن مصيرها مرهون ببراعته. استخدم دائماً لغة القوي ولغة الصارم، من دون أن تغيب عن أسلوبه لعبة الود المفاجئ التي ظهرت إبان تعاطيه مع الزعيم الكوري الشمالي، ولم يكن هناك ما يبررها. يوزع اللكمات على خصومه، ولا يهتم بتضميد الجروح، كأنه لا يخشى تكاثر الأعداء وتحالفهم. لهذا بدا العمل في فريقه صعباً يشبه السير على حبل مشدود، ليس فقط لأنه صاحب مزاج يملي القرارات، بل أيضاً لأنه قادر على مفاجأة وزير الخارجية ووزير الدفاع بمبادرة لم تدرس ولم تمحص.

استرداد عظمة أميركا وحيوية اقتصادها، وتخفيف عبء إدارتها للعالم، ومطالبة الحلفاء ببذل المزيد، والخروج من اتفاقات اعتبرها مجحفة بحق أميركا والأميركيين، هذا ما كرره. لم يظهر اهتماماً بإقناع من ناصبوه العداء باكراً، ولا باستمالة من وقفوا في المنطقة الرمادية. تصرف كمن يثق بقدرته على مخاطبة أميركا العميقة، حتى لو أدى ذلك إلى فتح جروح العلاقات بين المكونات وبين «الأصليين» والمهاجرين. لم يأخذ أميركا إلى حرب جديدة، ولم يحملها أوزار إعادة إعمار بلد تصدع بفعل تدخل أميركي.

بدا رجل «الصفقة» متمسكاً ببراعته، يلوح بالقوة ولا يستخدمها، مفضلاً سلوك طريق العقوبات، وهي تكشفت في صورة سلاح فاعل مؤلم.

لا مبالغة أن الشرق الأوسط أمضى أربع سنوات على وقع تغريداته. قراره بالخروج من الاتفاق النووي مع إيران وإخضاعها للعقوبات القصوى لم يكن بسيطاً على الإطلاق، تماماً كقراره قتل الجنرال قاسم سليماني الأقرب إلى عقل مرشدها وقلبه. يضاف إلى ذلك التغيير الكبير الذي أحدثه في مسار الصراع العربي - الإسرائيلي، والذي وضع المنطقة أمام معطيات جديدة ستترك آثارها على موازين القوى المقبلة في الإقليم.

انقضت ثلاث سنوات صاخبة من عهده، ولم تكن الأرقام ضده، فاعتبر الولاية الثانية حقاً مشروعاً. جاءته المفاجأة من حيث لا يتوقع. فيروس يظهر في بلاد ماو، ثم ينطلق إلى العالم وينقض بقوة على الولايات المتحدة. أساء ترمب تقدير خطورة «الفيروس الصيني» وقدرته على القتل والانتشار وإنهاك الاقتصاد. وفي جو مقلق كالذي فرضه «كوفيد-19»، يطالب الناس الرئيس بأن يكون القدوة في الحذر والحرص وترويج التقيّد بشروط السلامة. بدا ترمب فعلاً عازفاً وحيداً عنيداً، وتكشف افتقاره إلى مستشارين يتدخلون قبل غرق المركب، أو افتقاره إلى القدرة على الاستماع إلى هذا النوع من المستشارين إذا وجدوا.

شارك «كورونا» بنشاط في الاقتراع ضده. وأفاد جو بايدن كثيراً ممن خافوا من الرئيس المغرد الذي يستقوي على المؤسسات عوض الاستقواء بها. وساهمت كراهيات الإعلام في المعركة. وكانت النتيجة فوز بايدن.

أخطر ما يمكن أن يصاب به القوي هو العجز عن تصديق ما يجب تصديقه. بدا ترمب عاجزاً عن الاعتراف بالهزيمة. والحقيقة أن بايدن لم يستطع أن يوجه إليه ضربة قاصمة، بل فاز عليه بالنقاط. وكان واضحاً أن ترمب الذي خسر البيت الأبيض يمكن أن يستخدم الأرقام التي سجلها في الانتخابات للإمساك بالحزب أو الاستعداد للجولة المقبلة بعد أربع سنوات. لم يوافق الملاكم القوي على نتيجة المباراة. ارتكب خطيئة التحريض على خربطة اللعبة لتحقير الفائز أو إحراجه أو التشكيك بشرعيته. وكالعادة، بدت لعبة الاستعانة بالجماهير والغضب والغاضبين مفخخة، وقد انفجرت. ظهر أن الملاكم الذي رفض المغادرة اختار ضرب رأسه بعامود الحلبة والكونغرس والدستور، من دون التنبه إلى المنزلقات والعواقب. لم تأتِ الضربة القاضية من بايدن. لقد وجهها ترمب إلى نفسه. وها هي واشنطن تنشغل بالوداع الصاخب. تحول الرئيس عبئاً في أيامه الأخيرة. هذا يطالب بعزله، وذاك يطالب باستقالته أو بامتناعه عن ممارسة صلاحياته. وأقسى الأصوات تأتي عادة ممن كانوا يدبجون الإشادات ويحركون المباخر. وداع صاخب للعازف المنفرد. إنها أميركا، تتظاهر بالتسامح ثم تنشب أظافرها دفاعاً عن ملامحها. أعد ترمب لبايدن سجادة من الجمر، لكنه انزلق ومشى عليها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وداع صاخب للعازف المنفرد وداع صاخب للعازف المنفرد



GMT 21:46 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

الوزير السامي

GMT 21:41 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

العودة التي لا مفرّ منها إلى غزّة

GMT 21:36 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان أبقى من كل هؤلاء

GMT 21:33 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

بري رجلُ السَّاعة

GMT 21:28 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

أية حقيقة؟

جورجينا رودريغيز تتألق بالأسود في حفل إطلاق عطرها الجديد

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 18:18 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين رئيس تكشف عن شخصيتها في فيلم «الفستان الأبيض»
المغرب اليوم - ياسمين رئيس تكشف عن شخصيتها في فيلم «الفستان الأبيض»

GMT 18:41 2019 الجمعة ,03 أيار / مايو

لا تتورط في مشاكل الآخرين ولا تجازف

GMT 23:10 2016 الخميس ,20 تشرين الأول / أكتوبر

فوائد ورق الغار للصحة

GMT 06:52 2019 الخميس ,03 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي عل الألوان التي يمكن تنسيقها مع " الأخضر" في الديكور

GMT 18:41 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

استئنافية وجدة ترجئ النظر في قضية "راقي بركان"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib