قائد «الانقلاب الكبير»
سقوط نحو 300 قتيل في اشتباكات عنيفة بين قوات سورية الديمقراطية وفصائل مسلحة مدعومة من تركيا في محيط سد تشرين وزارة الصحة في غزة تكشف أن عدد ضحايا عدوان الاحتلال الإسرائيلي على القطاع ارتفع إلى 45,259 شهيداً و107,627 مصاباً من 7 أكتوبر 2023 تسجيل 76 حالة وفاة و768 إصابة جراء إعصار شيدو الذي ضرب مقاطعات "كابو" و"ديلغادو" و"نابولا" و"نياسا" في شمال موزمبيق زلزال متوسط بقوة 5.3 درجة غرب يضرب جنوب إفريقيا تكريم الفنان الكوميدي محمد الخياري في الدورة العاشرة لمهرجان ابن جرير للسينما وفاة الفنان المغربي القدير محمد الخلفي عن عمر يناهز 87 عامًا بعد معاناة طويلة مع المرض ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 45227 شهيد و107573 جريح منذ السابع من أكتوبر 2023 توقف مؤقت للعمليات في مطار قازان الروسي إثر هجوم أوكراني ارتفاع عدد ضحايا الانهيار الأرضي إلى 40 شخصاً في أوغندا المكتب الحكومي لدولة فلسطين تعلن احصائيات حرب الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة لليوم 440
أخر الأخبار

قائد «الانقلاب الكبير»

المغرب اليوم -

قائد «الانقلاب الكبير»

بقلم -غسان شربل

نَسِيتْ جارتُنا في الحي أنَّنا نعيش في عالم ما بعد إطلالة الجنرال «كورونا» على أيامنا. للمرة الأولى منذ الجائحة سيزورها نجلها. كم خشيت في الأيام الأولى أن يصل القدر قبل موعد اللقاء. اتخذت ما يلزم من الاستعدادات ولم تتردد في تحضير بعض المآكل التي درج الابن على الإشادة بها. لبست فستاناً فرحاً لطرد غيوم الكآبة وانتظرت.
وفي الوقت المحدد أطل الشاب الذي طال انتظاره. وقف في الحديقة ونادى المرأة التي كانت تحصي الدقائق. هزَّها الصوت وكادت تندفع في اتجاهه. فجأة تلقت تحذيراً قاطعاً. رفع الابن إصبعه محذراً ومذكراً بالكمامة والقفازات. وكانت الرسالة كافية لردع الحنان المنذر بالتدفق. لا عناق في حضرة «كورونا». وتبادل القبل أخطر من تبادل الطعنات. الأولوية للسلامة وكل تعبير عن اللهفة مؤجل. هكذا يصبح اللقاء القريب شبيهاً بلقاء عن بعد. لا بد من الاستعاضة عن متع اللمس بمتع أقل مجازفة ولا تثير حفيظة الوباء.
قالت الأم المحمولة على مشاعر ما قبل الوباء إنها أعدَّت للزائر وجبة من مآكل كان أدمنها يوم كان في البيت. وبمقياس عطف الأم فإنَّ إهداء وجبة مجبولة بحنانها أفضل ألف مرة من باقة ورد يمكن أن يهديها أي كان لأي كان. وتسللت الخيبة إلى وجه الأم حين اعتذر الابن معتبراً أن الحل الوحيد لمقاومة «كوفيد -19» هو الالتزام الصارم بشروط السلامة وإلى حدود تشبه قطع العلاقات بين الكائنات.
شاءت الصدفة أن أواكب هذا المشهد. وقائع الحديقة العامة لا تقل تعبيراً هي الأخرى. الرجل الذي كان يمشي في اتجاهك يستدير فجأة ويبتعد كأن الاقتراب منك فخ. لا حل غير التباعد. ويقولون إن المرء قد يعتاد ويستعذب. ويألف العزلة. وسلامة الجزر. والأنانية المفرطة. والأمثلة كثيرة. إننا نتجه بلا شك إلى العيش في عالم لا يشبه ذلك الذي كنا ننعم بتسامحه قبل ثلاثة أشهر. سيكون المطعم مختلفاً. وسيكون السفر متعباً ومضجراً ومحفوفاً بالقلق. ولن نشعر بالارتياح إلا حين يعلن طرف موثوق به أن المختبرات أنجبت لقاحاً يرد الجائحة عن العالم.
بالغنا في التذمر من الأيام التي تتوارى. ها نحن ندرك حجم المتع التي كان يوفرها العالم الذي يفر من بين أصابعنا. اتصل صديقي وراح يتحدث بقدر من الأسف عن ساحات جميلة كانت تعج برفوف السياح والحمام. وراودني شيء من القلق لأنها المرة الأولى التي أشعر فيها أن صديقي بات مشغولاً بمشاهد الماضي أكثر منه بعلامات المستقبل. أخاف قليلاً حين لا يبقى لدى صديق غير عكاز الذكريات. أخاف لأنني أخشى أن يكون مفتاح الليل مختبئاً بين مفاتيح الذكريات. وأنا أفضل عدم الإفراط في الحزن. وعدم الإفراط في اليأس. وعدم الإفراط في التصفيق. وعدم الإفراط في الاستسلام لفكرة أو نشيد أو وباء. يراودني شعور أن إنسانية الإنسان تكمن في بقاء النافذة مفتوحة. في موعد مع شرارة مهما تأخرت. في التنقيب عن جمرة مهما تراكمت حقول الرماد ومناجم الخيبة.
وبعد استعراضه أوجاعه السياحية قال صديقي شيئاً استوقفني. قال إنه دخل إلى مكتبته وأمضى ساعات ينقب عن كتب مثيرة يمكن أن تقطع عنق الوقت الذي ارتدى ملامح قاتمة منذ انطلاق الجائحة. وأضاف أنه خلال عملية البحث شعر بلا معنى الأشياء. طالبته أن يشرح. قال: تقيم في المكتبة أعمالٌ دبجها قادة ومسؤولون ومفكرون وباحثون وأساتذة. الموضوع المشترك هو وضع العالم والحلم بتغييره. وفي الجناح الآخر من المكتبة أعمال لروائيين وشعراء ونقاد حاولوا بدورهم فض أسرار العالم أو جعله أقل وحشية. والمشترك في هذا الجناح إعادة الاعتبار للمخيلة والمشاعر على أمل أنسنة العالم المندفع في مسيرة الربح والابتكار والوحل والدم.
قال صديقي إنه كاد يشعر بأنه أضاع سنوات من عمره أنفقها في قراءة من لم ينجحوا في تغيير العالم. وفجأة تجد نفسك أمام عالم ولد من ضربة وجهها إليه فيروس لا يريد أحد الاعتراف بظروف ولادته وانتشاره. أبرز الأسماء التي هزت القرن الماضي حاضرة على رفوف المكتبة. لينين وستالين والورثة. السادة الذين تعاقبوا على البيت الأبيض. وأولئك الذين شغلوا مكتب تشرشل أو شارل ديغول. هذا من دون أن ننسى ورثة ماو وما فعلوه ببلادهم والآن بالعالم. أضف إلى هؤلاء حفنة الذين اعتبروا أنهم غيروا العالم إلى غير رجعة ثم تبين حجم أوهامهم. غيفارا وكاسترو وهوشي منه وغيرهم. ويمكنك أن تضيف إلى من تقدمت أسماؤهم أسماء مفكرين وكتاب اعتبروا أنهم هزوا القرن وتركوا على جسده علامات فارقة. كلهم هزمهم فيروس واحد غيّر خلال بضعة أسابيع العالم الذي عجزوا عن تغييره.
تغير العالم فعلاً. لا يستطيع المرء إحصاء عدد المرات التي سمع فيها العبارات الآتية: الانهيار الاقتصادي. ارتفاع معدلات البطالة إلى مستويات قياسية. نكبة سياحية لا مفر منها. مشهد كارثي في قطاع الطيران. دول كثيرة تستعجل الوقوف على مدخل صندوق النقد الدولي. على الدول والشركات أن تنسى أسلوب العيش السابق. لا بد من إعادة النظر في الأولويات على المستويين العام والشخصي. طبعاً من دون أن ننسى إجراءات العزل وبؤر التفشي والسباق إلى اللقاح والرهان على بيع الكمامات والمعدل اليومي للوفيات.
إنها هزيمة لا يمكن إنكارها. اكتشفنا هشاشة الأرض التي نقف عليها. هزيمة بحجم القرية الكونية. لا المختبرات توقعت. ولا الجيوش صمدت. ولا الأساطيل نجت. يد سوداء هائلة انقضت على أيامنا. وحش غامض يصطاد الشارد والمارد. التهمت الأرض نعوشاً كثيرة ولم تنحسر شراهتها. نحن إلى العالم الذي قتله الزائر الغامض. لم يغير أحد العالم على غرار ما فعل. الجنرال «كوفيد - 19» قائد الانقلاب الكبير. سننحني لإرادته السوداء بانتظار مختبر يطعنه بلقاح.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قائد «الانقلاب الكبير» قائد «الانقلاب الكبير»



GMT 22:27 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

تل أبيب ــ دمشق... سقوط الضمانات

GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 11:19 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
المغرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 10:20 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
المغرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 16:06 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

منتجات لم يشفع لها الذكاء الاصطناعي في 2024

GMT 08:33 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

الطقس و الحالة الجوية في تيفلت
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib