«حزب الله» ينزف وحيداً وإيران تفاوض أميركا

«حزب الله» ينزف وحيداً... وإيران تفاوض أميركا

المغرب اليوم -

«حزب الله» ينزف وحيداً وإيران تفاوض أميركا

هدى الحسيني
بقلم - هدى الحسيني

بعد تفجيرات «البيجرز» وأجهزة الاتصال اللاسلكي وسقوط آلاف الجرحى والقتلى، التي تلاها قصف الضاحية الجنوبية لبيروت وقتل قادة من الصف الأول في «حزب الله»، يتحدث مقربون عن شعور القهر والإحباط الذي يتملك قادة «الحزب» العسكريين والسياسيين، والمستمد من الأمين العام حسن نصر الله، وقد تأكد لهم بما لا يقبل الشك أن «الحزب» أصبح وحيداً في ساحة المعركة يواجه إسرائيل ومن خلفها أقوى دولة في العالم. وأيقن نصر الله أن ما قاله له قائد «فيلق القدس»، إسماعيل قاآني، في اجتماع عُقد ببيروت خلال شهر مايو (أيار) الماضي؛ من أن المرشد الإيراني علي خامنئي يطلب عدم الانزلاق إلى مواجهة مع إسرائيل، منبهاً إلى أن إيران لن تتدخل في حال هذا الانزلاق، كان كلاماً صحيحاً، بينما كانت تأكيدات وزير الخارجية الإيراني؛ الراحل فيما بعد، حسين أمير عبد اللهيان، بأن إيران ستقف إلى جانب «الحزب» إذا تعرض لاعتداء إسرائيلي، كلاماً غير صحيح. وقد أخطأ نصر الله في قراءة تفكير النظام الإيراني باعتقاده أن ما قاله عبداللهيان كان مراجعة لطلب المرشد الذي نقله قاآني، بينما هو توزيع للأدوار تتقن إيران استعماله خدمة لمصالحها. وبسبب هذا الخطأ، امتلك نصر الله كمّاً كبيراً من الثقة بأن إسرائيل ستبقى في اشتباك لن يتعدى حدوداً معينة أو يتجاوزها تفادياً لدخول إيران على الخط، فيما تبين بعد ذلك أن إيران ستبقى خارج حلبة الصراع، فكانت العمليات الهزلية في الرد على قصف القنصلية الإيرانية في دمشق، واغتيال إسماعيل هنية، وقتل فؤاد شكر... وما وقع الأسبوع الماضي من اعتداءات وقتل ودمار طال البيئة الحاضنة لـ«حزب الله». ورغم كل ذلك؛ فإن إيران بقيت بمنأى عن أي رد أو حتى شجب للإجرام الإسرائيلي، وبقي «الحزب» وحيداً جريحاً ينزف؛ كما حال مقاتليه الذين أصيبوا بـ«بيجراتهم» وصواريخ أعدائهم.

وتحضر في الذهن قصة الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر؛ الذي كان لديه فائض من الثقة بدعم الاتحاد السوفياتي له في مواجهته مع إسرائيل، وقد أقدم على مناورة في بداية شهر مايو 1967 عندما طلب انسحاب قوات الأمم المتحدة من سيناء، وذلك لرفع الضغط عن الجيش السوري الذي كان يتعرض لاعتداءات إسرائيلية، وأقفل مضائق تيران لمزيد من الضغط، وكان هذا بمثابة إعلان حرب على إسرائيل. وعندما أراد تنفيس الأزمة بعودة قوات الأمم المتحدة إلى سيناء، وذلك بتدخل من حليفه القوي في مجلس الأمن الاتحاد السوفياتي، أصبح القادة الروس خارج السمع، وفي 4 يونيو (حزيران) لم يستطع التكلم هاتفياً مع أليكسي كوسيجين وليونيد بريجينيف؛ وفق محمد حسنين هيكل، وكانت «حرب الأيام الستة» الكارثية في اليوم التالي. إنها لعبة المصالح التي تعلو ولا تُعْلَى، وهذا ما لم يحسبه نصر الله، وهو خطأ آخر له، مع العلم بأن إيران قد تكون الدولة الوحيدة التي تتبع قرارات «مجلس تشخيص مصلحة النظام»، فهل نسي دور هذا المجلس؟

من المستبعد الآن أن تتوقف إسرائيل في عملياتها ضد لبنان، وهي ترمي إلى جعل المنطقة من حدودها الشمالية حتى نهر الليطاني أرضاً خالية؛ ليس من السلاح فقط، بل من السكان أيضاً؛ لاعتقاد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وزمرته أن عودة المستوطنين الإسرائيليين ستصبح حينها آمنة. وإذا تحقق لهم هذا، فسيختبر حسن نصر الله بعض ما خبره الراحل جمال عبد الناصر.

لقد اعترف نصر الله في خطابه الأخير بـ«أهمية» عمليات تفجير «البيجرات» والـ«ووكي توكي»... ما لم يقله إنها أدخلت الخوف في قلب كل عضو في «الحزب»، الذين سيظلون ينظرون من فوق أكتافهم لسنوات بعد الآن، معتقدين أن كل ما يلمسونه قد ينفجر... وربما ينظرون بشك إلى كل ما يسحبونه من جيوبهم، وكل ما لديهم في منازلهم، وكل ما يلمسونه يومياً. إنها تكلفة الحاجة إلى «إِنْتَرْنَتَةِ (من إنترنت) الأشياء».

لا يعاني «حزب الله» في الوقت الحالي من تعطيل قدرته على القيادة والسيطرة والاتصالات فقط، بل يعاني أيضاً من مشكلة ثقة داخلية هائلة. وهذا بالضبط ما أراده الإسرائيليون، وأكد عليه نصر الله في خطابه الأخير بـ«الحلقة الضيقة» من المطلعين.

لكن يجب عدم تجاهل التداعيات المحتملة... بالطبع؛ هناك أسئلة حتمية تتعلق بالأضرار الجانبية: عندما انفجرت الأجهزة يومي الثلاثاء والأربعاء من الأسبوع الماضي، كان كثير من الآلاف الذين عانوا من العواقب أعضاء في الأجنحة العسكرية لـ«الحزب»، ولكن كانت هناك أيضاً إصابات مدنية؛ بمن فيها طفلان صغيران في المدرسة، يبلغان من العمر 9 سنوات و11 عاماً.

اثنان من كبار ضباط العمليات السابقين في «وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية» حذرا، خلال مقابلات مع إعلام بلادهم، من الجانب السلبي السياسي والاستراتيجي لإسرائيل؛ إذ قالا: «...لقد كان إنجازاً استخباراتياً غير عادي، وفشلاً هائلاً داخل صفوف (حزب الله) في مكافحة التجسس. هناك أسئلة تحتاج إلى طرحها: ما حسابات الخسائر المدنية لو انفجر أحد هذه الأجهزة على متن طائرة خلال الطيران؟».

ربما أطلقت العملية الإسرائيلية العنان لـ«صندوق باندورا»، وقد يوحي هذا للآخرين محاولة تكرار الهجوم، بينما، في الوقت نفسه، حقن الخوف في جميع أنحاء العالم بشأن نقاط الضعف في كل الأجهزة المحمولة، التي من المرجح أن يسعى الخصوم الآن إلى استغلالها.

وها هي إيران قد بدأت تأخذ حذرها... تريد إيران تنظيف بيتها الداخلي وهي في طريقها إلى التفاوض مع... الولايات المتحدة الأميركية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«حزب الله» ينزف وحيداً وإيران تفاوض أميركا «حزب الله» ينزف وحيداً وإيران تفاوض أميركا



GMT 22:27 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

تل أبيب ــ دمشق... سقوط الضمانات

GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 11:19 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
المغرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 10:20 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
المغرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 15:47 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

منح يحيى الفخراني جائزة إنجاز العمر من مهرجان الأفضل
المغرب اليوم - منح يحيى الفخراني جائزة إنجاز العمر من مهرجان الأفضل

GMT 16:06 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

منتجات لم يشفع لها الذكاء الاصطناعي في 2024

GMT 08:33 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

الطقس و الحالة الجوية في تيفلت

GMT 00:40 2018 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

حطب التدفئة يُسبب كارثة لأستاذين في أزيلال

GMT 05:45 2017 الأحد ,31 كانون الأول / ديسمبر

بنغلاديش تعتزم إعادة 100 ألف مسلم روهينغي إلى ميانمار

GMT 07:34 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

نادال يُنهي 2017 في صدارة تصنيف لاعبي التنس المحترفين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib