بقلم - سمير عطا الله
إلى الآن ليس هناك تعريف جغرافي محدد لمصطلح الشرق الأوسط. الاستعمار القديم كان يسميه الشرق الأدنى، تمييزاً عن الأقصى. الاستراتيجيون الأميركيون سمَّوه الشرق الأوسط، ووسّعوا خريطته حتى باكستان.
كل طالع صبح يتفقد كل منّا صحيفته لكي يرى أين أصبحت إيران في استباحة الشرق الأقصى. وقد جرت العادة أن تُكلِّف طهران في المهمة المقدسة حِلفاً من حلفائها. المفاجأة منذ قصف أربيل، أنها تتولى بنفسها، ضرب سيادة الدول، واحتقار قوانين العالم. وفي قصفها باكستان، تكون قد وصلت إلى آخر بلد في «الشرق الأوسط» قبل بلوغ الهند والصين في الشرق الأقصى.
حتى قصف أربيل كانت إيران تتحاشى الهجمات المباشرة رغم كونها معلَنة، أو مكشوفة. لن يصل الغباء بأحد أن يصدق أن المبدع الاستراتيجي الحوثي بلغت به المهارة أن يصنّع الصواريخ بأعداد وشطارة الرفيق كيم الثالث، ولكن من مصلحة أميركا أن تصدق الإنكار الإيراني لأسباب كثيرة، بينها المفاوضات الجانبية حول السلاح النووي. وكان دونالد ترمب قد ارتكب خطأ عندما ألغى المعاهدة مع إيران بعد 12 سنة من التفاوض، وأعاد كل شيء إلى الصفر، وفتح باب الابتزاز من جديد، في كل بقعة من بقاع المنطقة.
تعطي إيران كل اعتداء على سيادة وطمأنينة جيرانها، ذريعة قومية. فالقصف على أربيل قصف على «الموساد». أما لماذا الآن وليس قبل عام، أو عشرة؟ فلا أحد يعرف. وهل قصف أربيل فوزٌ للقضية الفلسطينية أم هتك لسيادة العراق؟ وتقول صحيفة «تايمس أوف إنديا» كان خطأ مضاعفاً، لأنه استهدف منطقة سُنية في لحظات شديدة الحرج على مدى المنطقة برمّتها.
منطقة تشتعل بفتيل واحد من أدناها إلى أقصاها. وهذه الحرائق الجانبية تُبعد الأنظار عن التنين المتوحش في غزة، الذي جعل حتى قلب المستر بلينكن ينفطر ألماً على مشاهد غزة. مع العلم أن المسألة أبسط بكثير. فليرسل تعليمات إلى مندوبته في الأمم المتحدة بالكفّ عن استخدام الفيتو في مجلس الأمن، عندما يطرح موضوع وقف النار على التصويت.
سوف أعطي وزير خارجية أميركا ما يسميه مراهنو سباق الخيل «تعليمة»، إذا كانت إدارتكم جديّة في وقف الحرب وتوسعها، فليفعل بايدن (ولو متأخراً) ما فعله آيزنهاور في العدوان الثلاثي على مصر في حرب السويس؛ إنذار مباشر إلى نتنياهو: أوقِفْ إطلاق النار فوراً، وإلا نوقفه نحن. وكفى الوزراء تفاهة الرِّقة.