سيرة التعب

سيرة التعب

المغرب اليوم -

سيرة التعب

سمير عطا الله
بقلم - سمير عطا الله

 

الصحافيون متعَبون. صحيح أنهم ليسوا في أهوال الضاحية الجنوبية، ولا هم يبحثون عن أي مأوى في صيدا، وليسوا في عراء غزة ومطرها المبكر كأنما في تواطؤ مع سفّاح القطاع. ولكنهم متعَبون. في أي حال، أتعبتهم رؤيةُ قوافل الأيتام، ومواكب الشهداء. أتعبهم صمت الحزانى، وصوت الصمت وشكواه، ومكابرة الجروح، وألم الجوع، ومدارس الأطفال التي حوّلت إلى منامات، واللاجئون الذين يرون منازلهم أمام عيونهم، ويجبرون على الاستحمام وسط الجماعات.

الصحافيون متعَبون. فاضت محابرهم وجفت مآقيهم، ولا هم يأملون. وما عادوا يعرفون بعد كل هذه الكوارث والمصائب والنوازل، إن كان الجبن في المزيد من الموت، أم في البحث عن شيء من الحياة، ولا إن كانت البطولة في تقديم المزيد من الضحايا، أم الحكمة في تقليص عدد الجنازات وطولها، والأكفان التي تلف نعوشها.

متعبون أهل الصحافة وعاجزون، ولم يعد لديهم ما يكتبون. مشكلتهم أنهم لا يتقاعدون، ولا الزمن العربي يتقاعد، ولا العصر الإسرائيلي يرعوي، ولا الهزال العالمي يشفى. وهم متعبون، والبؤساء يُصطادون في «الفانات» بين أطفالهم، والناس أبطال ومجاهدون، فوق الأرض وتحتها، في الأنفاق الرهيبة وظلمتها وانقطاع أنفاسها، لكنهم أيضاً بشر ويفزعون ويأملون ولا يحبون مشهد أطفالهم بلا عشاء، وبلا كفن.

تعب الصحافيون من المشهد. من نوع الخسائر. من مواكب الرجال. من انقلاب الأوطان إلى ملاجئ ومراكز إيواء، محزنة ومذلة هذه الأسماء. وسقيم - سقيم - سقيم الحديث عن «التضامن» مع المصابين والمشردين.

لا بد أن يكون هناك حل آخر لأهلنا وديارنا. ولا أدري ما هو. كل ما أريده شيء من الراحة، أو الهدنة لهؤلاء الأعزاء. أن يناموا على وسادة هي وسادتهم، وأن يفيقوا في منازلهم، لا في نوازلهم.

إني أثمن تثميناً عالياً القدرات العلمية والعسكرية التي يظهرها الحوثيون. لقد أرعبوا الأرض والبحر. لكن ما نريده الآن، بضع زجاجات من مياه الشرب في صيدا، والضاحية، وخان يونس.

الصحافيون متعَبون: يكتبون كأنهم يهذون. محاصرون بالبث المباشر. وهو مريع. أنقاض على مدار الساعة، والناس تودع أبطالها من دون إلقاء نظرة أخيرة. وتستقبل مواكب أخرى من الشهداء. ونرفع الرايات. والولدان يتامى. والبلدان أيضاً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سيرة التعب سيرة التعب



GMT 19:20 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

بائع الفستق

GMT 19:17 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

على هامش سؤال «النظام» و «المجتمع» في سوريّا

GMT 19:15 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

دمشق... مصافحات ومصارحات

GMT 19:13 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

السعودية وسوريا... التاريخ والواقع

GMT 19:10 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

ورقة «الأقليات» في سوريا... ما لها وما عليها

GMT 19:01 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

مسمار جحا

GMT 18:58 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

جمال بدوي محارب قديم!

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 03:55 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

رامي صبري يكشف أمنيته في العام الجديد
المغرب اليوم - رامي صبري يكشف أمنيته في العام الجديد

GMT 02:13 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

قائمة المنتخب المغربي لمواجهة الغابون وليسوتو

GMT 01:48 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

بايرن ميونيخ يسحق رازن في ختام رائع لعام 2024

GMT 01:27 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

برشلونة وأتلتيكو يستعدان لحسم معركة القمة

GMT 01:34 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

ميلان يعيد سكة الانتصارات بهدف تيجاني

GMT 01:17 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

ليفربول يخوض منعطفاً صعباً في حملته أمام توتنهام

GMT 03:37 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

أتلتيكو مدريد يراهن على الفوز بلقب الدوري الإسباني

GMT 02:13 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

السوبر الألماني يحمل اسم فرانتس بكنباور بدءاً من 2025

GMT 03:32 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

هانزي فليك يكشف الحقيقة المرة لجماهير برشلونة

GMT 02:46 2020 الثلاثاء ,31 آذار/ مارس

مرسيدس تكشف النقاب عن سيارتها الجديدة SL 2021

GMT 03:32 2019 السبت ,13 إبريل / نيسان

جولة داخل أول مسجد عائم في البحر الأحمر

GMT 09:41 2023 الجمعة ,14 إبريل / نيسان

نصائح تساعد على حماية خصوصية الحياة الزوجية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib