بقلم - سمير عطا الله
ارتبط تاريخ الرئاسة الأميركية بالاغتيال ومحاولات الاغتيال. وكان الذين قتلوا، أو أصيبوا، من ألمع الأسماء التاريخية مثل إبراهام لنكولن، أو جون كيندي. وغالباً ما كانت الأسباب تافهة، كما في المحاولة على رونالد ريغان، التي أعلن بطلها أنه أراد لفت الأنظار إلى حبيبته. وقد قتل الشاب الذي حاول اغتيال دونالد ترمب، من دون أن يعرف الناس الكثير من التفاصيل عن دوافعه.
برغم أهمية المستهدفين، وما أدّت إليه الجرائم من انعكاسات، لم يفلح أحد في وضع قانون يمنع حمل السلاح. بل ظل «لوبي» حيازة السلاح الأقوى حتى من «اللوبي» الإسرائيلي.
في أوروبا كان الوضع مختلفاً تماماً. لم تمر مرحلة إلا وقامت حملة قانونية ضد السماح للإنسان العادي بحمل أي نوع من أنواع الأسلحة. واستثني من ذلك أفراد طبقات النبلاء. تقول أستاذة الفلسفة السياسية (فرنسا) إلزا دورلين في «فلسفة العنف» (دار الساقي) إنه في القرون الغابرة كانت تعدُّ كل آلة قتالية سلاحاً يدوياً، بما فيها «المناجل، والعصي، والمعاول، والفؤوس، وإبر الحياكة، ودبابيس الشعر، وعصا العجين، والمقصات، وقوائم المصابيح، والحلي، والأحزمة، والأربطة، وشوكات الطعام، والمفاتيح، والمضخات الهوائية، بل حتى الجسد نفسه، اليد والقدم والكوع».
تم توسيع دائرة التصنيف من أجل توسيع دائرة الحظر. ومنع حمل الأسلحة، خصوصاً في الطرق الرسمية، وطرق نقل البضائع. وفي القرن الرابع عشر، كانت تقام حواجز تفتيش على جميع الطرق التي يسلكها الموكب الملكي.
واجهت محاولات منع اقتناء السلاح صعوبات كثيرة، خصوصاً وأن بعضها كان مرتبطاً بالفروسية، كالسيف مثلاً، سلاح المبارزة، وتسويات «الشرف». لكن هذا التقليد أُلغي تماماً بعدما انتقل من السيوف إلى المسدسات. وقبل إلغائه أدّى إلى مقتل بعض الشخصيات التاريخية مثل الشاعر الروسي ألكسندر بوشكين.
تطورت المبارزة إلى بوادي الكاوبوي، ومراعي البقر في أميركا. ومعها نشأ تشريع السلاح الذي لا يزال قائماً حتى الآن، بحجة الدفاع عن النفس. من المؤكد أن قاتل كيندي، ومطلق النار على ترمب، لم يكونا يدافعان عن نفسيهما.