غير صالح للحكم وغير صالح للنشر

غير صالح للحكم وغير صالح للنشر

المغرب اليوم -

غير صالح للحكم وغير صالح للنشر

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

باعتبارها الفريق الأول في عقد العمل، رسمت لي هذه الجريدة الكريمة اتفاقاً غير مكتوب وشبه مطلق. لا تطلب مني ولا تفرض علي ولا تتدخل في مقالتي إلا في الخطأ اللغوي. وإذا حدث وأرسلت مقالاً فيه شيء غير مناسب، فإنه لا ينشر كله، لكي لا تسجل الإدارة على نفسها أنها حذفت أو أضافت أو أملت.
حدث ذلك ثلاث أو أربع مرات خلال 35 عاماً. أما أنا بدوري فإذا وجدت أن مقالاً ما لم ينشر، فلا أتصل ولا أستفسر، مقراً بحقيقة أزلية: أنا كاتب في الجريدة ومالكوها مئات، وربما آلاف الناس، ولها ناشر ورئيس تحرير وقواعد وأصول.
قبل أشهر أرسلت مقالاً عن بوريس جونسون ولم ينشر. ولأول مرة في 35 عاماً اتصلت بسكرتارية التحرير أسأل السبب. وجاءني الرد أن المقال شديد القسوة على الرجل بما لا يليق، شكرت على التوضيح ولم أناقش. لكنني عدت إلى قراءة المقال، ووجدت فعلاً أنه غريب على أسلوبي وعلى آداب الجريدة. لكنني لم أغير رأيي في الرجل ولا شعرت أنني سأفعل ذلك في المستقبل.
المستر جونسون من النوع الذي لا يمكنه البقاء طويلاً في زعامة دولة مثل بريطانيا. طاقاته قليلة عليها، وحكمها قليل عليه. وبسبب ذلك، فهو مصاب بالغرور. وطالما شعر بأنه تشرشل الجديد، لأن تشرشل القديم جاء هو أيضاً من الصحافة إلى السياسة. ولم يبق أمامه سوى أن تقوم حرب عالمية فيكتمل الدور.
لا شيء كان يوحي لمراقب أجنبي مثلنا أن «قماشة» جونسون قماشة 10 داونينغ ستريت. وفي هذا الصف الطويل من الشعبويين الذين وصلوا إلى الحكم، من ميشال تامر في البرازيل إلى فيكتور أوربان في هنغاريا إلى تقدم الراديكاليين في فرنسا، بدا جونسون شخصاً آخر. وتعثر تعثراً مشفقاً في معالجته أزمات الداخل والخارج. وكان يقف هزيلاً ضائعاً في مجلس العموم، أهم وأقدم محفل ديمقراطي بين الحزبين أو داخل كل منهما. والأجمل هو أن ينسحب الخاسر على الفور، من دون أن يعرض نفسه والنظام والتقاليد إلى الإهانة.
خالف جونسون كل القواعد والتقاليد. جاء إلى داونينغ ستريت ضيفاً غير مؤهل، ولم ينجح في أي امتحان. وبعد كل الاستقالات، ظل يرفض الخروج من الحكم، مثل أي سياسي في العالم الثالث يقبل كل ما هو لصالحه، ويرفض كل النصوص الأخرى والأعراف والدساتير. تصرف جونسون وكأنه رئيس مدى الحياة. وهذا ما كنت أعتقده عندما كتبت ذلك المقال «غير صالح للنشر».

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غير صالح للحكم وغير صالح للنشر غير صالح للحكم وغير صالح للنشر



GMT 16:02 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

إيران ماذا ستفعل بـ«حزب الله»؟

GMT 15:59 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

أنطونيو غرامشي... قوة الثقافة المتجددة

GMT 15:57 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

الجامد والسائح... في حكاية الحاج أبي صالح

GMT 15:52 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

الفرق بين المقاومة والمغامرة

GMT 15:49 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

أشياء منى حلمى

نجمات العالم يتألقن بإطلالات جذّابة بأسبوع الموضة في باريس

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 10:42 2024 الإثنين ,30 أيلول / سبتمبر

داليا البحيري تُبدي إعجابها بمدينة طنجة المغربية
المغرب اليوم - داليا البحيري تُبدي إعجابها بمدينة طنجة المغربية

GMT 13:35 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : ناجي العلي

GMT 14:28 2024 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

عقار تجريبي يساعد مرضى السرطان على استعادة الوزن

GMT 13:44 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib